تبلورت ملامح الخريطة الانتخابية في تونس بعدما أعلنت كل الأحزاب مواقفها من الاستحقاق المقرر في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، والذي سيجدد المجالس البلدية في 257 منطقة. ويجابه "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم للمرة الأولى منذ انتخابات 1959 احتمال سقوط مرشحين على لوائحه، بعد ادخال تعديل على القانون الانتخابي، أتاح لأحزاب الأقلية الحصول على 20 في المئة من مقاعد المجالس المتنافس عليها، شرط أن تفوز على الأقل بثلاثة في المئة من أصوات المقترعين في الدائرة. ويحتكر "الدستوري" منذ الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 1995 كل المقاعد في المجالس البلدية، وعددها 4090 مقعداً باستثناء ستة فاز بها معارضون ومستقلون، ولكن يتوقع أن تكون حصة المعارضة أكبر في الانتخابات المقبلة. ولم تستطع الأحزاب المعارضة الستة المرخص لها تشكيل تحالف لمنافسة الحزب الحاكم، ويستبعد أن تتمكن من تشكيل لوائح مشتركة في المحافظات في مواجهة "الدستوري"، اذ سيكون جمع العدد المطلوب من المرشحين، والذي يراوح بين ثلاثين وستين مرشحاً في كل دائرة، امتحاناً صعباً للأحزاب التي تعاني غالبيتها قلة الانتشار وضعف الصدقية. وقررت حركة التجديد الحزب الشيوعي سابقاً "مشاركة رمزية" في الانتخابات فيما قررت حركة الديموقراطيين الاشتراكيين بزعامة النائب اسماعيل بولحية، المشاركة بلوائح حزبية في عدد محدود من الدوائر. ويتجه كل من حزب الوحدة الشعبية والاتحاد الديموقراطي الوحدوي الى تشكيل لوائح مشتركة في المحافظات، لكن مراقبين استبعدوا أن يغطيا أكثر من خمسين دائرة. وستتبلور اليوم ملامح الاستحقاق الانتخابي مع بدء تقديم لوائح المرشحين الى المحافظين، وقرر "التجمع الاشتراكي" غير الممثل في مجلس النواب مقاطعة الانتخابات بسبب "عدم تغيير النظامين الاعلامي والانتخابي"، و"التداخل بين الأجهزة الادارية واجهزة الحزب الحاكم". وهذه هي المرة الأولى التي يقاطع فيها "الاشتراكي" الانتخابات منذ تأسيسه في 1983. ورأى بيان أصدره الحزب أمس ان "الانتخابات البلدية المقبلة فاقدة أي رهان سياسي فضلاً عن الرهان الانتخابي"، وحض الحكومة على "تنقية المناخ السياسي العام وتحصين الجبهة الداخلية بتكريس الاصلاحات الديموقراطية"، مشدداً على ضرورة اصدار "عفو عام وفتح الإعلام للرأي الحر ومراجعة قانون الصحافة، والاعتراف بالأحزاب والجمعيات التي تسعى الى العمل القانوني السلمي، وفصل الحزب الحاكم عن الادارة بما يضمن حيادها في الحياة السياسية". في غضون ذلك، حضت جمعية المحامين ورابطة حقوق الانسان وجمعية النساء الديموقراطيات وفرع تونس لمنظمة العفو الدولي على اتخاذ خطوات ملموسة لتكريس انفتاح وسائل الإعلام المحلية على تعدد الآراء. وطلبت في اجتماع عقدته مساء أول من أمس لمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، حضره مئات من الشخصيات الاجتماعية والسياسية، اطلاق مزيد من الحريات والافراج عن سجناء في مقدمهم جلال الزغلامي الأخ غير الشقيق للصحافي توفيق بن بريك، وفتحي الشامخي رئيس الجمعية التونسية من أجل تنمية بديلة. وأفيد أن المحامية راضية النصراوي منعت من السفر من دون تحديد أسباب، والنصراوي زوجة زعيم "حزب العمال الشيوعي" المحظور حمة الهمامي، تعتبر من الوجوه الحقوقية البارزة كونها عضواً في مكتب نقابة المحامين ورابطة حقوق الانسان. ونظمت "جمعية النساء الديموقراطيات" يسارية "يوماً مفتوحاً" أمس في مقرها وسط العاصمة تونس للمطالبة بمنح جوازات لكل من سهام بن مدرين عضو "المجلس الوطني للحريات" غير مرخص له وفاطمة قسيلة زوجة السجين السابق نائب رئيس رابطة حقوق الانسان خميس قسيلة، ونادية وأميمة وسارة بنات راضية النصراوي.