ظهرت اخيراً مؤشرات قوية الى احتمال قيام جزء كبير من "دولة العفر الكبرى" في ضوء تداعيات حرب الحدود التي استؤنفت بضراوة بين اثيوبيا واريتريا في 12 من الشهر الجاري. وفي موازاة ذلك، أغارات المقاتلات الاثيوبية على اسمرا امس للمرة الاولى منذ استئناف المعارك، واستهدفت الغارات قاعدة جوية قرب مطار العاصمة. واعلن رئيس هيئة الاركان الاثيوبية الجنرال تسادكان غبري تنسائي ان قواته ستواصل زحفها داخل اريتريا "حتى تحرير اراضيها على الجبهة الشرقية" في بوري قرب ميناء عصب. وجاء هذا التصريح امس عشية المفاوضات غير المباشرة التي كانت مقررة امس بين وزيري خارجية البلدين في الجزائر والتي التي تأجلت الى اليوم. راجع ص 7 ونقلت مصادر ديبلوماسية واخرى مستقلة في اديس ابابا ل "الحياة" امس اجواء عسكرية تشير الى احتمال مواصلة الجيش الاثيوبي تقدمه على جبهة بوري الشرقية التي تبعد 70 كلم في اتجاه مدينة عصب للسيطرة على مينائها الحيوي المطل على البحر الاحمر. كما لم تستبعد توجه الجيش نفسه من مدينة سنعفي 75 كيلومتراً جنوب اسمرا غرباً في اتجاه مدينة مصوع التي تبعد مسافة نحو 85 كلم منها، لتسيطر بذلك على الشريط الساحلي الممتد من عصب الى مصوع الذي يسمى منطقة دنكاليا التي تقطنها القومية العفرية. ويعني ذلك فصل كل منطقة العفر الاريترية عن بقية الاراضي الاريترية. ولم تستبعد المصادر نفسها ان يعمد الاثيوبيون الى ربط دنكاليا العفرية الاريترية باقليم اوسا المتاخم لها الذي تقطنه القومية العفرية الاثيوبية التي تتمتع بحكم ذاتي في اطار نظام الحكم الفيديرالي الاثيوبي. ومعروف ان العفر في منطقة القرن الافريقي يحتلون منطقة على شكل مثلث يدعى "المثلث العفري" ويضم اراضي في مناطق الحدود المشتركة بين كل من اثيوبيا واريتريا وجيبوتي، ويوجد فيها خمس سلطنات هي: اوسا في اثيوبيا، ورحيتا وبدو في اريتريا، وتاجوراء وقوبعد في جيبوتي. ويبلغ عدد العفريين نحو ثلاثة ملايين شخص، 200 الف منهم في اريتريا، و250 الف في جيبوتي، ومليونان و550 الفاً في اثيوبيا. وكانوا يطالبون في السابق باقامة دولة خاصة بهم في المثلث العفري خلال حكم كل من الامبراطور هيلا سيلاسي ومنغيستو هايلي مريام في اثيوبيا. واتصلت "الحياة" هاتفياً امس بالزعيم الروحي لعفر القرن الافريقي سلطان اوسا علي مرح المقيم حالياً في اديس ابابا، فأكد "حياد العفر" في الحرب الحدودية الاثيوبية الاريترية. وسئل ماذا سيكون موقفه من الاثيوبيين الذين تجاوزوا الحدود الاثيوبية الى داخل الاراضي الاريترية شمالاً، ويقتربون من دنكاليا العفرية قرب مدينة عصب في حال سيطروا على المدينة؟ فأجاب :"في حال اعترفوا بحكم ذاتي لمنطقتنا ولم يتدخلوا في ديننا واعراضنا، فإننا نقبل التعامل معهم على هذا الاساس". ويمكنهم إدارة المنطقة سياسياً واستخدام ميناء مصوع على البحر الاحمر. وشدد الزعيم العفري على ان كل السلطنات العفرية "بايعتني لقيادة العفر وسأحافظ على حقوقهم وسلامة اراضيهم وامنهم، وذلك بالتعاون مع الجهات التي تضمن لنا الحفاظ على تقاليدنا ومعتقداتنا". واشارت المصادر الديبلوماسية نفسها، الى ان السلطات الاثيوبية اظهرت اخيراً اهتماماً لافتاً بالعفر في اوسا، خصوصاً بزعيمهم علي مرح الذي اعادت له ممتلكاته التي كان صادرها النظام السابق، كما ساعدت في تسليح عدد من الجبهات العفرية. وتكمن خطورة هذا المشروع، في حال تم تنفيذه، ان يمتد ليشمل مطالبة عفر جيبوتي بحكم ذاتي مماثل لما سيحصل عليه ابناء عمومتهم في السلطنات الاخرى. الامر الذي يمكن ان يهدد بمزيد من عدم الاستقرار في دول القرن الافريقي، إلا في حال حصل ذلك في إطار اتفاق كونفيديرالي شامل بين اثيوبيا واريتريا وجيبوتي.