السابعة الا ربعاً صباح 24 أيار مايو 2000، انسحب آخر جندي اسرائيلي من أرض لبنان، لينتهي احتلال دام 22 عاماً. الأولى والنصف بعد ظهر 24 أيار 2000، استعادت الشرعية اللبنانيةالجنوباللبناني الذي صلب على خشبة الصراع العربي الاسرائيلي منذ العام 1969، حين زاره رئيس الجمهورية اميل لحود. آخر من جلا من جنود الاحتلال قائد وحدة الارتباط في المنطقة الحدودية سابقاً الجنرال بني غينز في سيارة، ترافقه دبابتان وجرافة قطعت الطريق مع لبنان، بعد اغلاق نقطة العبور عند "بوابة فاطمة" المؤدية الى مستعمرة المطلة. ومع حلول ساعات الفجر الأولى كانت عشرات المدرعات الاسرائيلية تعبر الحدود ناقلة الجنود من المواقع المحاذية لها. وفي المقابل، واصل اللبنانيون الاحتفال بإقامة أعراس النصر احتفاء بالتحرير، في مختلف قطاعات الجنوب والبقاع الغربي. ودخلت قوافل المهجرين مرجعيون وحاصبيا والعديسة والريحان والعيشية والعرقوب والخيام التي احتفل سكانها وأهالي المنطقة الذين وفدوا اليها بتحريرها ومشاهدة المعتقل الذي ارتبط باسمها. وتوجت العودة بجولة للرئيس لحود شملت قرى علما الشعب ورميش وعين إبل وبنت جبيل، عابراً خلالها في محاذاة الشريط الشائك بين لبنان واسرائيل. ووقف خلال جولته على أوضاع هذه البلدات، لمشاركة اللبنانيين فرحتهم بالتحرير، واتصل بالوزارات والادارات المعنية لتسريع الخدمات والمتطلبات المعيشية. وتحدث الى الأهالي مثمناً "أجواء الوحدة الوطنية التي فوتت على العدو فرصة ايقاع الفتنة"، داعياً الى "وعي متطلبات المرحلة والتحلي بروح المسؤولية على المستويات كافة، حماية لهذا الانتصار". ونوه "ببطولات المقاومة في التحرير، وقد حققت النصر تلو النصر، موحدة مع الشعب والجيش والدولة ومساندة سورية". ووجه دعوة الى كل ابناء القرى الذين غادروها، للعودة اليها والى الدولة والشرعية. والتقى لحود الأهالي في القرى التي زارها في جو عاطفي وحاشد لم تشهده منذ الاستقلال ونثر عليه الرز وقدمت اليه باقات زهر. وتحدث الى الأهالي الذين احتشدوا في كنيسة رميش قائلاً: "نعتبر ان رميش، كما بعبدات وبيروت وكل لبنان، اطمئنكم الى انكم اصبحتم في كنف الشرعية". في هذه الأثناء، واصل عناصر "حزب الله" دخول مواقع الاسرائيليين و"الجنوبي" السابقة، لاخراج الغنائم التي خلفوها وراءهم. وسحبوا عشرات الدبابات والملالات والسيارات العسكرية وكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والعتاد والمدافع الثقيلة من المناطق التي اخليت ليل أول من أمس، خصوصاً في ثكنة مرجعيون وتل النحاس على الحدود اللبنانية الاسرائيلية. وفجر المقاومون ظهر امس مواقع عدة كانت لا تزال سالمة. وكانت قوات الاحتلال فجرت ما كان تبقى لها من مواقع في الشريقي والزفاتة والعزية وبرج الملوك والمثلث والشقيف والدبشة. ولاحق المقاومون القوات الاسرائيلية خلال انسحابها ليلاً بالأسلحة الصاروخية وقذائف المدفعية. وهاجموا في آخر عملياتهم الآليات الاسرائيلية اثناء فرارها منتصف الليل من موقعي الدبشة وقلعة الشقيف. وأعلنت الاذاعة الاسرائيلية فجر أمس ان "الجيش الاسرائيلي أنهى انسحابه من جنوبلبنان". وقالت ان كل المواقع اخليت وتم تفجير بعض التحصينات قبل الانسحاب. وذكرت وكالة "فرانس برس" ان "الجيش الاسرائيلي أغلق نقطة العبور العسكرية عند بوابة فاطمة السابعة الا ربعاً ايذاناً باستكمال الانسحاب". وارتفع عدد أفراد "الجنوبي" الذين سلموا أنفسهم الى الجيش اللبناني والمقاومة الى نحو 1600 من أصل ما يقارب 2500: 180 في مرجعيون، في حضور مطران الروم الارثوذكس الياس كفوري الذي اسف للجوء عناصر منهم الى اسرائيل و45 من الماري في قضاء حاصبيا. وعبر آخرون الجدار الى الداخل الاسرائيلي مع عائلاتهم. وقالت الاذاعة الاسرائيلية ان عدد الذين لجأوا الى اسرائيل نحو خمسة آلاف شخص توزعوا بين مستوطنة غيشر في الجليل الغربي ومدينة نتانيا، فيما أقامت اسرائيل مخيماً جديداً لعدد من افراد "الجنوبي" عند الطرف الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا. وابلغ عناصر من "الجنوبي" من منطقة الناقورة، اقرباء لهم هاتفياً ان ما دفعهم الى الهرب الى اسرائيل الاشاعات التي بثت عن ان حزب الله دخل البياضة وقرى اخرى وبدأ بذبح المتعاملين.