وردت أخيراً من الشريط الحدودي المحتل معلومات عن ان اسرائيل قد تقدم على انسحاب جزئي من منطقة حاصبيا الجنوبية اللبنانية، اسوة بانسحابها من مدينة جزين وجوارها في ايار مايو الماضي. سألت "الحياة" مصادر حكومية هل لدى الدولة اللبنانية معلومات عن انسحاب جزئي إسرائيلي، فأجابت انها لم تتلقَ من الولاياتالمتحدة الاميركية او من دول غربية اشارة الى نية اسرائيل الإنسحاب من حاصبيا. وأضافت "كنا نتبلغ معلومات من هذه الدول، بعد ان تطلب منها تل أبيب ان تنقل إلينا بعض المواقف، لكن هذا الأمر لم يحصل الى الآن، اضافة الى ان ليست لدينا معطيات ميدانية تدل الى ان اسرائيل تستعد للإنسحاب من حاصبيا على خلاف ما تروّج له وسائل إعلام". واعتبرت "ان الترويج لمثل هذه الأخبار ربما جاء من ضمن خطة إسرائيلية للضغط على لبنان لأسباب تتعلق بموقفه من العملية السلمية وإصراره على تلازم المسارين اللبناني والسوري". ولفتت المصادر الى "قيام اسرائيل و"جيش لبنان الجنوبي"، الموالي لها، بالتضييق على الإدارات التابعة للدولة اللبنانية في الشريط المحتل لمنعها من الحصول على معلومات تتعلق بحركة التنقل العسكرية، ولكن على رغم هذا لم نتلقَ معلومات ميدانية توحي بقرب الإنسحاب". وأكدت "ان لبنان ثابت في موقفه التفاوضي"، وأن إسرائيل "قد تلجأ الى انسحاب جزئي ولا نعرف في اي منطقة، في محاولة للتأكيد انها جدية في انسحابها من لبنان في الموعد الذي حددته في تموز يوليو المقبل". ووصفت المصادر كثافة الطيران الحربي الإسرائيلي في اجواء الجنوب وتزايد الغارات، بأنهما "لا ينفصلان عن الضغط الإعلامي والسياسي على امل ان تتمكن من رفع معنويات العناصر الموالين لها الذين يعيشون في الوقت الحاضر حال إرباك". ولفتت الى "ان هذا الإرباك قد يدفعها الى استخدام موضوع الإنسحاب للتهويل، وتحاول طمأنة عناصر الميليشيا الموالين لها عبر طلب الضمانات لهم". وقالت المصادر ان تل أبيب "تستخدم كل اشكال الضغط للتوصل الى اتفاق مع دمشق قبل حلول تموز، إنما من زاوية الشروط التي تفرضها"، مؤكدة "ان الانسحاب لا يرتب على لبنان اي ترتيبات امنية او ضمانات لا تأتي إلاّ من خلال التوصل الى اتفاق سلام شامل، على المسارين اللبناني والسوري". وفي الإطار نفسه، قالت مصادر في قوات الطوارئ الدولية انها لم تلحظ مظاهر تشير الى تحركات كبيرة في منطقة حاصبيا. وأضافت "اذا كان سيحصل، فليس بالطريقة المتداولة الآن، وقد يكون مفاجئاً". وأشار الى ان "لا انتشار عسكرياً اسرائيلياً شمال منطقة عمل الوحدة الهندية العاملة ضمن القوات الدولية، بل ثمة انتشار لعناصر "الجنوبي" وأن الإسرائيليين يدخلون المنطقة في مهمات تفقدية". وأكد نائب الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ان لدى الحزب "خيارات عدة اذا حصل الانسحاب الاسرائىلي من الجنوب والبقاع الغربي"، مشيراً الى "مجموعة احتمالات وجملة تصرفات سنقوم بها، وقد درسنا الموضوع على أعلى المستويات بالتفصيل أكثر من مرة، واتخذنا مجموعة من القرارات وأكدنا عليها، لكن رأينا ان شرح هذا الموضع للرأي العام وطرح هذه الافكار للاسرائىليين أو لغيرهم سيجعلنا مكشوفين، وجزء من مواجهة العدو الخدعة وتجهيله إمكاناتنا وافكارنا وما سنصنعه في المستقبل". واضاف، في حديث تلفزيوني، "ان حصول التسوية لا يعني ان "حزب الله" ألغي وجوده، أو أصبح في مأزق، لانه متجذر في الحال الشعبية اللبنانية وجزء لا يتجزأ من الحياة السياسية الداخلية، وهو مؤثر على صعيد المنطقة بكل أبعاده الجهادية والسياسية والثقافية والشعبية، وسيبقى بعد التسوية، أما الذين يتوقعون غير ذلك، فآمالهم في غير محلها وسيثبت المستقبل ذلك". وعن علاقة الحزب بالعهد الآن وبعد التسوية وإمكان حصول صدام مع الجيش، قال "بالنسبة الى رئيس الجمهورية العماد أميل لحود لدينا تجربة معه مدتها تسع سنوات، عندما كان قائداً للجيش إذ لاحظنا ان طريقة آدائه كانت تلغي أي شيء يؤدي الى صدام بين الجيش والمقاومة، وكان يعالج الامور في شكل ميسر جداً الى درجة لم نكن نشعر معها بوجود مشكلة بين الطرفين. ثم ان عقيدة الجيش القتالية وطريقة توجيه الامر اليومي والاسلوب الذي يعبأ فيه كانت واضحة بتركيز على العداء للاحتلال ومواجهته ولو بالحدود التي يستطيعها. وعندما وصل العماد لحود الى رئاسة الجمهورية اعتبرناه جيداً للبنان فأيدناه ورأينا ان هناك آمالاً معقودة عليه وبدأت العلاقة إيجابية على هذا الاساس، وخلال حكمه بقيت العلاقة جيدة وشكل حماية سياسية للمقاومة، ونحن نعتبر ان أداء العهد الاجمالي داخلياً وعلى المستوى السياسي في ما يتعلق بالعدو الاسرائىلي جيد، أما ما بعد التسوية فلا اعتقد ان تغييراً سيحصل وهناك مؤشرات عامة الى ذلك وأرى ان فكرة الاصطدام بين الجيش والمقاومة أو بين الدولة والمقاومة كقرار سياسي، ليست واردة. ميدانياً، أغارت طائرات حربية إسرائيلية صباحاً على محيط بلدة فرون في القطاع الأوسط، مطلقة صواريخ عدة. وترافق ذلك مع قصف طاول خراج بلدات الغندورية وفرون وقبريخا وتولين والمنصوري ومجدل زون حيث تضررت خمسة منازل والعزّية وجب سويد ومجرى نهر الزهراني وأطراف بلدة كفررمان ومرتفعات اقليم التفاح. واستحدثت قوات الاحتلال راداراً متحركاً بالقرب من موقع الدبشة المشرف على مدينة النبطية وعلى تلة تعرف ب"التلة الفلسطينية". وأعلنت المقاومة الإسلامية - الجناح العسكري ل"حزب الله" انها استهدفت الموقع المستحدث وموقعي الطهرة والدبشة، في حين هاجمت "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" موقع ارنون. وأعلن ناطق عسكري اسرائيلي ان قذيفة هاون "اطلقها عناصر "حزب الله" خلال تبادل اطلاق نار مع القوات الإسرائيلية، انفجرت فجر امس داخل الأراضي الإسرائيلية من دون ان تسفر عن اصابات. من جهة ثانية، وجهت منظمة العفو الدولية نداءً عاجلاً الى رئىس الحكومة الاسرائيلي إيهود باراك تطالبه بالإفراج الفوري عن معتقلي بلدة عيناتا المحاصرة وجميع المعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية، والذين يناهز عددهم ال130 ويتعرضون لمختلف انواع التعذيب الجسدي والنفسي.