في خلال عشرين عاماً فقط تربعت علوم الكومبيوتر على قمة العالم، ويبدو أنها ولدت لتبقى، فهي من أبجديات القرن الجديد. ويحسب للجامعة الأميركية في القاهرة أنها كانت من أوائل الجامعات في مصر التي أفردت تخصصاً لدراسة الكومبيوتر، ليتحول فيما بعد إلى قسم قائم بذاته يتمتع في الأوساط الاكاديمية والعلمية بوضع متميز. الجامعة الاميركية خصصت أخيراً مكاناً لإنشاء "متنزه لعلم المعلومات" Information Lcience Park في مبناها الجديد في القطامية. وقال رئيس الجامعة الدكتور جون غيرهارت في حفلة غذاء أقيمت قبل أيام في المناسبة إن الجامعة تنوي الارتقاء بما تقدمه من تكنولوجيا المعلومات، وذلك بشكل يناسب وخطط الحكومة المصرية بأن تصبح مصر مصدراً رئيسياً لتلك الخدمات. ويشرح رئيس قسم علم الكومبيوتر الدكتور عمرو جنيد ل"الحياة" فكرة المتنزه بقوله: "هو مكان متاخم للجامعة تتجمع فيه الشركات الصغيرة المبتدئة العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات، وترتبط تلك الشركات بعلاقة شراكة أو استشارة مع الجامعة". ويبدو أن قصص النجاح في متنزهات القرن ال 21 ليست من درب الخيال، فمدير عام شركة "سوبر بايز" للكومبيوتر، ومقرها مدينة كامبردج البريطانية، قصة نجاح مدعمة بالأرقام، يقول: "أسس طالب في سان جون كولدج شركة صغيرة في مجال الكومبيوتر، وفي عام 1998 طرحت أسهمها في البورصة بقيمة 66،3 دولار للسهم الواحد، وحالياً ارتفعت قيمة السهم إلى 166 دولاراً، وقدرت قيمة الشركة السوقية بسبعة بلايين دولار". وأكد غيرهارت على أن مبنى الجامعة الجديد، ومساحته 260 فداناً، سيحوي بين جنباته وسائل الاتصالات والمعلومات الأكثر تطوراً وتقدماً مقارنة بكل جامعات الشرق الأوسط. ويتوقع أن يؤدي التدفق الحر للمعلومات من خلال تلك الشبكة إلى قلب نظام التعليم والتعلم والبحث، وحتى الحياة في داخل الجامعة رأساً على عقب. وتحوي هذه الشبكة التسهيلات اللازمة للكومبيوتر المحمول وأجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية، كما يؤكد رئيس الجامعة أنه سيكون في متناول جميع الطلاب استخدام وسائل الاتصال والكومبيوتر المحمولة والتي تتمتع بكفاءة بالغة الدقة. وسيتمتع المتنزه المزمع إنشاؤه بعلاقة وطيدة بالقرى الذكية التي تخطط لها وزارة الاتصالات والمعلومات المصرية. وقال غيرهارت إن "ما يشجع الجامعة على هذا النهج دعوة وزير الاتصالات الدكتور أحمد نظيف إلى أن عصر المعلومات الجديد في حاجة إلى مواهب وكوارد جديدة". ويضيف: "ارتباط الجامعة التاريخي بنظام التعليم الحر والذي يشمل كل الآداب بلغة إنكليزية ممتازة يجعل من الجامعة المكان المناسب للمساهمة بتقديم تلك المواهب لمصر والشرق الأوسط". بل إن رئيس الجامعة يؤكد على أن التطور الضخم الذي سيطرأ على الجامعة في مجال تكنولوجيا الجامعة سيساهم جذرياً في إعادة جذب الأدمغة المصرية المهاجرة لتساهم في عملية التنمية. وفي السياق نفسه، لفت كبير محللي أنظمة الكومبيوتر في جامعة ستانفورد البروفسور بيبو هوايت إلى أن إقبال كبرى شركات الكمبيوتر مثل "مايكروسوفت" على تعيين خريجي الجامعة الاميركية في فروعها ليس استثماراً في مصر، "لكن المطلوب هو الاستفادة المصرية من تلك الكوادر المتميزة"، ومعروف عن هوايت دوره الفعال في نشوء WWW الشبكة عالمية الانتشار. وأشار غيرهارت إلى أن القفزة التكنولوجية التي تنويها الجامعة لن تقتصر على المتنزه، لكنها ستشمل كذلك "مركز تعليم التقنيات" Centre for learning Technologies والذي من شأنه أن يجمع أعضاء هيئة التدريس والخبراء التقنيين لإثراء البيداغوجيا علم اصول التدريس وذلك من خلال الاستعانة بتكنولوجيا المعلومات. ويؤكد غيرهارت أن نتائج هذه الجهود سترفع كثيراً من مستوى التدريس في الجامعة، وقد تنتشر كذلك إلى مجتمع التدريس المصري وجامعات المنطقة بأسرها. أما الخطوة الثالثة في قفزة الجامعة التقنية فهي افتتاح تخصص لهندسة الالكترونيات في خريف عام 2001، وذلك بمساعدة عدد من الجامعات المصرية. ويلخص الدكتور عمرو جنيد هذا الاتجاه التكنولوجي بقوله: "تنوي الجامعة أن تكون حضانة لكل علوم الكومبيوتر والتكنولوجيا الحديثة".