في العشرين من نيسان ابريل الماضي، سحب الناشر الفرنسي فايار من المكتبات - من دون اي قرار قضائي - رواية الكاتب الفرنسي رونو كامو "بادية فرنسا" بحجة انها تتضمن عبارات لا سامية في حق العاملين في محطة "فرانس كولتير" خصوصاً برنامج "بانوراما" الذي تديره اغلبية من اصل يهودي. كانت هذه العبارات بمثابة النار في الهشيم، اعتباراً "للقضية اليهودية" والخطوط الحمر التي لا يحق لأي كان تجاوزها في هذا البد. وليست المرة الاولى التي يشعل فيها مثل هذا النقاش في موضوع "اللاسامية" هذا المثقف او ذاك الكاتب، من لوي فيردينان سيلين الى روجيه غارودي، مروراً بالروائي ويسمان وبلوا وباريس وموراس وآخرين... فالتاريخ الثقافي والسياسي الفرنسي متخم بهذا النوع من السجال. لكن الامر هذه المرة فجره كاتب محترم، له قراؤه الاوفياء، وتباع كتبه في شكل محترم، فجّره من موقع القوة اذ اعتقد رونو كامو انه يمكنه الحديث في موضوع الوجود اليهودي بقوة في الاعلام، واحتكار بعض الصحافيين البرامج الثقافية في راديو فرانس وخصوصاً برنامج "بانوراما"، لكن ردود الفعل ولا سيما قرار الناشر سحب الكتاب قاد الكاتب الى تبرير ما كتبه على انه من وحي المزاج ولا يعرب عن قناعة عميقة. غير ان تفاعلات القضية قفزت مرة اخرى الى الساحة لترسم هذه المرة، وللمرة الاولى طرفين متعارضين: الاول مستنكر والثاني مساند للكاتب. الى هذا الطرف ينتمي الكثيرون من الادباء والفنانين الذين وقعوا عريضة مساندة تستنكر الحملة التي تعرض لها رونو كامو وهو "يعتبر سحب كتابه بمثابة عقاب للقارئ الذي عليه ان يكون الحكم" كما جاء في العريضة. وقع هذه العريضة جان جاك أياكون - المدير العام لمركز بومبيدو، الروائي إمانويل كارير، فريديريك ميتران، المنشط التلفزيوني، بيار بيرجي - صاحب إيف سان لوران وآخرون. في الوقت الذي يُصدر الكاتب عن دار "بول" ثلاثة كتب جديدة، يبقى الناشر فايار متشبثاً بموقفه بعدم نشر الكتاب حتى وان اقتصت منه المقاطع التي تسببت في السجال المرشح لتفاعلات غير مرتقبة.