لم تهدأ الضجة التي أثارها قبل أسابيع في المملكة العربية السعودية اعلان فريق طبي سعودي توصله الى انجاز علمي غير مسبوق دولياً إذ تمكن من نقل رحم يعاني بعض التليف من سيدة في سن اليأس 47 سنة الى اخرى لم تبلغ ال 35 تتمنى طفلاً يرافق طفلتها بنت السنوات الست التي انجبتها وفقدت على أثر ذلك رحمها لاسباب صحية صرفة. المجتمع الطبي لا يزال منشغلاً بالجدل الذي أثاره هذا الإنجاز منذ سبعة أسابيع، وهو منقسم ثلاث فئات: الاولى متحفظة ولا تزال تنتظر أن يفرج الفريق الطبي الذي أشرف على العملية عن الأبحاث والأساليب التي مكنته من الوصول الى هذه النتائج غير المسبوقة لمناقشتها وإصدار الحكم. أما الفئة الثانية فتعتقد بأن العملية التي اخضعت لها السيدة ليست اخلاقية ومبررة، اذ لا يمكن ان يحول الطب انساناً طبيعياً الى آخر مريض بصورة متعمدة، خصوصاً ان المريضة مطالبة باستعمال ادوية لخفض المناعة طوال فترة الحمل، الامر الذي يحتمل معه اصابتها سريعاً بامراض غير متوقعة ادناها الزكام واخطرها تعطل الكبد والسرطان وغيره ذلك. وتعتقد الفئة الثالثة بأن الفريق حقق خطوة في مشروع انجاز علمي رائد. ويقر أطباء سعوديون وآخرون من جنسيات مختلفة التقتهم "الحياة" بأن عملية نقل الرحم في حد ذاتها انجاز غير مسبوق بعيداً عن اي تساؤلات خصوصاً ان معلومات مؤكدة اشارت اخيراً الى السيدة التي نقل اليها الرحم مرت بعملية طمث الدورة الشهرية اوائل الاسبوع السادس بعد العملية، ويعتبرون ذلك مشروعاً حقق انجازاً في مرحلته الاولى يتكلل بالنجاح بعد مراحل اخرى تنتهي بحمل المرأة وانجابها طفلاً سليماً... وعندها يعد هذا العمل انجازاً علمياً فعلياً غير مسبوق. ويعتبر آخرون نجاح العملية فنيا بعد مرور سبعة اسابيع "سابقة" على رغم تحفظهم عن نقل الرحم لاعتبارات اخلاقية مهنية في المقام الاول اذ يعتقدون بأن عملية نقل الاعضاء تتم لحماية المرضى وليس لتحويل الاصحاء الى غير اصحاء. وكان الفريق الطبي اجرى عملية النقل بين السيدتين في مستشفى الملك فهد العام بمدينة جدة بعدما وجد دعماً مباشراً من مدير المستشفى. وهناك اربعة مآخذ يثيرها المجتمع الطبي: الاولى، اجراء عملية في مستشفى لا يتوافر فيه قسم للنساء والتوليد على رغم ان ثلاثة من اعضاء الفريق يعملون في مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز. الثانية، عدم إعلان نتائج الابحاث التي ساهمت في نجاح العملية واستغرقت قرابة سنة. الثالثة، العلاقة الاسرية التي تربط ثلاثة من اعضاء الفريق وتجاهلهم التام لمبادىء الاعلان عن هذه الخطوة - السابقة وهي عوامل جعلت الأطباء يترددون أو يتحفظون في قبول هذا الإنجاز. ويتطلب اجراء ابحاث في المراكز التابعة للجامعات السعودية موافقة هيئتين طبيتين علميتين رفيعتي المستوى على مبدأ مفاده ان اي مشروع ينوي فريق طبي درسه تعلن نتائجه في مؤتمر علمي لذوي الاختصاص ليتسنى اطلاق صفة الانجاز عليه. وعلى رغم الفسحة الاعلامية الكبيرة التي بدأ يتمتع بها الاعلام السعودي في السنوات الاخيرة، الا ان أطباء كثيرين لا يرغبون في تناول الموضوع للنشر باسمائهم للاسباب التي رافقت الاعلان عنه بعدما تداخلت الامور بعضها ببعض. وتتجه القضية الى تنفيذ اقتراح قدم إلى دير جامعة الملك عبدالعزيز اخيراً يتلخص في عقد مؤتمر طبي دولي يعلن فيه الفريق نتائج ابحاثه، والى حين تنفيذ هذا الاقتراح الذي قدمه اعضاء هيئة التدريس الاطباء في كلية الطب ستظل القضية موضوع جدل شائك. وتشيرمعلومات نشرت على شبكة الانترنت اخيراً الى وجود مشروع وحيد لنقل الرحم تم سنة 1976 في الولاياتالمتحدة الاميركية لم يكتب له النجاح.