صعّد مثقفون مصريون الحملة على معارضي نشر رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري حيدر حيدر، بدا منها وكأن القاهرة مشرفة على مواجهة بين المؤسسة الدينية، بشقيها الرسمي والشعبي، وبين التجمعات والفعاليات الثقافية. وبدأ كتاب وسينمائيون وفنانون واساتذة جامعات حملة تستهدف جمع مئات التوقيعات على مذكرة ينوون تقديمها إلى النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد، يعترفون فيه بمشاركتهم الكاتبين إبراهيم اصلان وحمدي ابو جليل، في ما نسب اليهما من مسؤولية عن نشر الرواية. وحددت المذكرة التي ستقدم الى النائب العام خلال الاسبوع الحالي مسؤولية الموقعين عليها في تحريض الكاتبين على نشر الرواية، باعتبارها رواية مهمة تصور جانباً من الواقع العربي. وطالب الموقعون على البيان النائب العام بالتحقيق معهم في مسؤوليتهم عن المنسوب للكاتبين، مؤكدين ان هذه المشاركة تخضع لاحكام البند الاول من المادة 40 من قانون العقوبات. ويذكر ان تحقيقات نيابة امن الدولة مع الكاتبين شملت اتهامهما بنشر رواية تسيئ الى الدين الاسلامي، وتدعو الى العيب في الذات الإلهية، والتي تصل عقوبتها الى السجن 3 سنوات. وتأتي الخطوة في سياق الحملة التي بدأها "المثقفون المصريون المستقلون"، وهو تجمع احتجاجي يضم المئات من آفاق فكرية مختلفة تشكل في خضم تفاعلات ازمة الرواية. وينوي هذا التجمع تنظيم مؤتمر حاشد مساء غد في مسرح السلام وسط القاهرة تضامناً مع الكاتبين في مواجهة "الحملة المعادية لحرية الرأي والتعبير". وبدا ان تصعيد معارضي الرواية حملة التحريض عليها، والتي وفر لها بيان مشيخة الازهر زخماً قوياً، سيسبب في مواجهة مباشرة بين المؤسستين الدينية والثقافية في البلاد، على رغم الصمت الذي ابدته السلطات الرسمية حيال تقرير مجمع البحوث الاسلامية، والذي دان وزارة الثقافة. وبعد ساعات من صدور التقرير الذي واجهته غالبية الصحف القومية بالتجاهل وجه اتحاد الكتاب رسالة في صورة بيان الى الرئيس حسني مبارك شدد فيه على "رفض اي وصاية غير دستورية على عقول المفكرين واقلامهم". ومما جاء في الرسالة ان "اتحاد الكتاب، وهو يعرب عن عميق تقديره لحرصكم الرئيس حسني مبارك الدائم على حرية الابداع والفكر في مصر يؤكد تمسكه بموقفه من رفض موجة ارهاب الكُتاب والمبدعين التي شنها بعضهم لاستغلال الشعور الديني الطيب لدى الشباب وتحريضهم على الفتنة ... ان الاتحاد يعلن رفضه لاي وصاية غير دستورية على عقول المفكرين واقلامهم حتى لا تُشل حركة الابداع وتسيئ الى سمعة مصر، وتعوق دورها الحضاري الرائد". وفي اول رد فعل صريح على تقرير مجمع البحوث الاسلامية في مشيخة الازهر ردت صحيفة "أخبار الادب" التي تصدر عن مؤسسة "أخبار اليوم" القومية القريبة الصلة بالدوائر الرسمية تحت عنوان "إذاً صادروا الادب العربي كله" مؤكدة ان "رأي الازهر استشاري ويقتصر على المصنفات السمعية والبصرية دون الكتب". وفيما حرصت الافتتاحية الرسمية للصحيفة على تأكيد احترامها للأزهر كمؤسسة تحمي الاسلام وتعاليمه، شددت في المقابل على ان تقويم الاعمال الادبية يجب ان يتم من خلال منهج ادبي ورؤية نقدية وليس من خلال مؤسسات سياسية او دينية". ولاحظت الصحيفة في عددها الذي يصدر اليوم انه "إذا طبقت المعايير التي وردت في التقرير على النصوص القديمة والحديثة فسوف تؤدي الى مصادرة الادب العربي كله، لأن اي نص ادبي يتم التعامل من خلال رؤية دينية او سياسية يمكن تأويلة في اي وجهة". وفي شأن إعلان الازهر انفراده بإبداء الرأي الملزم لوزارة الثقافة في تقويم المصنفات الادبية، حذرت الصحيفة من "مخاطر الاجتزاء في قراءة نصوص القانون". ولفتت الى ان هذه النصوص "تحدد دور المجمع الاسلامي في ما ينطبق على الكتب الدينية، وفتوى مجلس الدولة التي اوردها تقرير الازهر خاصة بالمصنفات السمعية والبصرية فقط وليس الكتب". وشددت على انه "وبالرغم من ذلك فهذه الفتوى ليست ملزمة لانها ليست حكماً قضائياً". وخلصت الى ان ما يحكم نشر الكتب هو قانون المطبوعات فقط وهو لا يتضمن اي اشارة الى الازهر.