قاد تلفزيون "ان.تي.في" الذي يملكه رئيس المؤتمر القومي اليهودي في روسيا فلاديمير غوسينسكي حملة ضارية ضد العرب، وبث خلال يومين متواليين فيلماً عن "تورط" عربي في الشيشان، وأشار المستعرب المعروف الكسندر ايغناتنكو الى أن الحكومات العربية تدفع "المتطرفين الى القوقاز لابعادهم عن بلدانها". وحفل الشريط الذي عرض ضمن برنامج "ايتوتمي، الاسبوعي الأحد، ثم بثت حلقة ثانية منه مساء الاثنين بمغالطات وأكاذيب كثيرة، منها ان الاتحاد السوفياتي تولى تدريب متطرفين اسلاميين في سورية في الثمانينات وان "هذا السهم ارتدّ الآن الى نحر موسكو". ولاحظ المراقبون ان معدّ الفيلم المعلق اركادي مامونتوف كان يتحدث عن "العرب" عموماً ويتساءل: "لماذا يقتلون الروس؟" في محاولة لإثارة المواطن البسيط واذكاء العداء القومي الذي يعد مخالفة صريحة للقوانين الروسية. والشريط "الوثائقي" تضمّن مشاهد صورت قبل سنوات أو في أماكن مغلقة، إلا أن المعلق يصرّ على أن العرب الذين يظهرون فيها إنما صوروا في الأراضي الشيشانية. واستغرب المراقبون ان مستعرباً معروفاً مثل ايغناتنكو الذي يشغل منصب المستشار في البرلمان الروسي للشؤون الاسلامية شدد خلال مداخلته على ان الحكومات العربية ربما ساهمت في صورة أو بأخرى في دفع مقاتلين عرب الى القوقاز بهدف "التخلص" من الراديكاليين. وهذه ليست المرة الأولى يتعرض فيها العرب الى هجوم عدائي سافر من قناة "ان.تي.في" وسائر وسائل الاعلام التابعة لامبراطورية "ميديا موست"التي يملكها فلاديمير غوسينسكي نائب رئيس المنظمة اليهودية العالمية الذي أصبح من مالكي أسهم في وسائل اعلام اسرائيلية. لكن المراقبين لاحظوا ان عرض الشريط الأخير تزامن مع قيام هيئات الأمن والنيابة العامة الروسية بتفتيش مكاتب "ميديا موست" حيث تم العثور على أجهزة متطورة لرصد وتسجيل المكالمات الهاتفية لعدد من الصحافيين والمسؤولين بمن فيهم وزير الداخلية. لكن ممثلي "ميديا موست" اعتبروا التفتيش محاولة ل"خنق حرية الصحافة"، واتهموا السلطة بأنها تريد كمّ الأفواه المعارضة. إلا ان الكرملين أصدر بياناً أعلن فيه تمسك الرئيس فلاديمير بوتين بالحريات الديموقراطية بيد انه شدد على أن "الجميع سواسية" أمام القانون. ويبدو أن هذا "غير مألوف" لدى امبراطورية "موست" التي ظلت طوال حكم الرئيس بوريس يلتسين تحظر بنظام "الطرف الأولى بالرعاية". وقد تكون الوقيعة بين موسكو من جهة والعرب والمسلمين من جهة أخرى واحداً من أهداف قوى داخل روسيا وخارجها تستغل المشكلة الشيشانية لتحقيق اغراضها. وفي هذا السياق لفت الانتباه مقال نشرته صحيفة "ازفيستيا" بعنوان "المرتزقة العرب يحاولون إحباط التسوية السلمية في الشيشان"، وجاء فيه أن موسكو كان يمكن أن تتوصل الى تفاهم سريع مع الشيشانيين لولا... العرب. وأصدر المكتب الإعلامي لبعثة جامعة الدول العربية في موسكو بياناً جرت صياغته بحذر شديد، ما دفع عدداً من المثقفين العرب الى الشروع في اجراءات لرفع دعوى قضائية ضد "ازفيستيا" وتلفزيون "ان.تي.في". وقال ل"الحياة" البروفسور ميثم الجنابي الأستاذ في الجامعة الدولية في موسكو إن "خمول العرب يزيد من وقاحة خصومهم"، ودعا الى نشاط عربي رسمي وشعبي مكثّف لمواجهة الحملة الاعلامية المتصاعدة ضد العرب.