اضفى حزب "العمل" ابعاداً دينية على صراعه مع معارضيه، معتبراً ان ما يتعرض له في الاونة الاخيرة يرجع الى مواقفه المدافعة عن الاسلام، ومواجهته المتصاعدة للصهيونية، ومحاولات تكريس "الفسق" و"الفجور" في المجتمع. وشهد الحزب تطورات متلاحقة خلال الاربع وعشرين ساعة الاخيرة، اذ تلقت لجنة الاحزاب إخطارين من زعيم الحركة التصحيحية حمدي أحمد، وقيادي في الحزب هو السيد أحمد ادريس بعقدهما مؤتمرين، سحبا الثقة من زعيم الحزب المهندس ابراهيم شكري، وقررا وقف اصدار صحيفة "الشعب" او تجميد ارصدة الحزب في المصارف، وطالب كل منهما الاعتراف به رسمياً رئيساً للحزب. غير ان شكري اعتبر هذه التطورات "فارغة"، وقال إنها "محاولات وهمية في ذهن من اخترعها، وهي عمليات تخريبية لمقري الحزب في ضاحيتي حدائق القبة ومدينة نصر، اللذين تعرضا للسرقة والنهب، من قبل مقتحميهما". وكان احمد وادريس، اقتحما المقرين مساء اول من امس في صحبة آلاف من انصارهما، فيما حاصرت حشود من الشرطة المنطقتين لمنع حدوث اي تصادم بين المتنازعين. وعقد كل منهما مؤتمراً طارئاً اصدر قرارات قبل ان يتوجها على انفراد الى مقر لجنة شؤون الاحزاب، لإيداع الاوراق الرسمية لديها. وعقد شكري مؤتمراً صحافياً ظهر امس اتهم فيه "بعض الجهات بدعم هؤلاء المنشقين"، فيما وصفهم الامين العام للحزب السيد عادل حسين بأنهم "مجموعة من الافاقين، والمساطيل، واصحاب السوابق، ولا علاقة لهم بحزب العمل، او تشكيلاته الرسمية". ودعا شكري القيادات السياسية الى "عقاب اي جهاز تورط في ارتكاب هذه الجرائم"، وعزا ما يواجهه الحزب الى "استمرار تصدينا للمخططات الصهيونية العدوانية، ومواجهاتنا مع وزير الثقافة وسياساته، والتي اشعلت غضب البعض في الدولة". وحذر شكري من أن "المواجهة ليست بين الحكومة وحزب من الاحزاب، وانما ستكون مواجهة بين الحكومة ومجموع الأمة، بكل اجيالها وفئاتها، وعلى رأسهم دعاة الإسلام وعلماء الازهر". وفي تعليقه على تلويح شكري ب"الموت صوماً" احتجاجاً على ما يتعرض له الحزب والشعب المصري، قال حسين ان "زعيم الحزب عبر عن روح جهادية استشهادية، هي ذاتها التي يحملها كل قيادي واعضاء حزب العمل". وشدد على انه "سندافع عن حق الله والامة، حتى اخر قطرة من دمائنا، وهذا ما سنرد به على كل محاولات البطش والاضطهاد". ووجه حسين تحذيرات الى الحكومة، وقال "نسأل الله ألا تخطئ الحكومة الحسابات، وإذا تورطت قيادة الدولة في هذه المعركة، وظنت انها تواجه فريقاً صغيراً، فإنها اما غافلة او جاهلة بحقائق الامور". وشدد على أنه "نحن في حزب العمل، لا نعبر عن انفسنا، وإنما عن الاسلام، ومن يعارضنا فهو خارج عن إجماع الامة، وستعاقبه الامة، ونأمل عدم التورط في قرارات تؤذي الاستقرار، والامن العام، والديموقراطية". ولم يشارك في المؤتمر الصحافي سوى ممثل جماعة "الاخوان المسلمين" السيد أحمد سيف الاسلام حسن البنا، وحضر جانباً منه رئيس حزب "الوفاق القومي" السيد احمد شهيب، فيما غاب بقية ممثلي الاحزاب والقوى السياسية، على رغم دعوتها للمؤتمر، وهو ما اعتبره شكري "خضوعاً لضغوط لحسابات معركة الانتخابات البرلمانية" المقررة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ووجه البنا التحية الى "مواقف حزب العمل المشرفة"، لافتاً الى ان "الموقف جداً خطير، والديموقراطية تتعرض لمحنة شديدة"، غير ان ممثل الجماعة تجنب اعلان تأييد رسمي لمواقف الحزب وقادته، واكتفى بالتعبير عن الخشية من ان "الاجراءات المنتظرة، ربما تكون متعارضة مع مشاعر الشعب الملتهبة، ومتصادمة مع الاديان التي هي مصدر حضارة الامة وتاريخها، ولا مجال لمحاربة الله ورسوله والكتاب والسنة". في غضون ذلك اصدرت لجان الحزب في محافظتي الشرقية وبورسعيد بيانات سياسية حملت فيها بشدة على شكري وحسين، ودعت لجنة الاحزاب الى تأييد ما اتخذ من قرارات في مؤتمر حمدي احمد، باعتبارها تعبيراً عن ارادة اعضاء الحزب، وتصحيحاً لأوضاع غير قانونية داخل حزب "العمل". من جانبه أكد احمد في تصريحات الى "الحياة" أن الحركة التصحيحية "امتداد للمواجهات المستمرة مع المتأسلمين، منذ سيطرتهم على الحزب العام 1989"، وشدد على ان "حزب العمل الاشتراكي ليس علمانياً، وإنما يتمسك بمفاهيم الاسلام الصحيح، ويرفض التحريض وإثارة الفتن، ومبدأ تكفير الآخرين، والذي انتهجته زمرة الارهابيين في السنوات السابقة". وتوقعت مصادر سياسية أن تجتمع لجنة شؤون الاحزاب اليوم، للبت في مصير الحزب بعد التطورات الاخيرة، وعلى رغم ان شكري اكد عدم احقيتها من الناحية القانونية في تجميد الحزب او حله، الا ان اللجنة اصدرت قرارات في هذا الاتجاه خمس مرات في السنوات الاخيرة، ضد احزاب تنازع قياديوها على شرعية رئاسة كل حزب. واشارت المصادر الى ان المطروح على الاجتماع تجميد الحزب حتى التوصل الى اتفاق بين الاطراف المتنازعة، او تثبيت شرعية طرف منها واعتباره الممثل الشرعي والرسمي لقيادة الحزب، وهو الاحتمال الارجح استنادا الى ثقل حزب العمل في الحياة السياسية المصرية، وعدم الرغبة في اصدار قرارات، ربما تؤدي الى اثارة مواجهات على أصعدة مختلفة. من جهة اخرى اصدرت محكمة مصرية حكماً امس، بحبس نائب رئيس تحرير صحيفة "الشعب" الصحافي طلعت رميح ستة اشهر بعد إدانته بقذف وسب المهندس حسين صبور رئيس نادي الصيد، ومعاقبة الامين العام للحزب والصحافيين مجدي حسين وعامر عبدالمنعم وعصام حفني بغرامة 7500 جنيه لكل منهما في القضية، التي اتصلت وقائعها باتهام صبور بالتعامل مع اسرائيل ضد مصلحة الاقتصاد الوطني.