تشرق الشمس لتغير معالم الحياة من ظلام إلى نور ومن سكون وهدوء إلى حركة وصخب. دائرة الوقت تحكم المكان. الكل يبدأ في البحث عن القوت في سباق محموم مع التفاوت في الطلب والكسب والخسارة ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة. أحلام تتحقق وتجلب السعادة والفرح وأخرى تبقى مرهونة في المخيلة وأحلام تموت وتدفن في حفرة النسيان. كبيراً وصغيراً ذكراً وأنثى كل يريد أن يعيش وفق ما يرسمه عقله، ينازع من حوله ليكوّن محيطاً مناسباً له، فيحدث صراع ناتج عن الاختلاف في الآراء والتوجه يتسبب أحياناً في فقدان الحياة لعدم التطابق ولحب السيطرة، فلا بد من نهاية لأحد الأطراف، تلك حكاية لا تنتهي، نحن أبطالها، نؤدي أدوارنا فيها من غير أن نشعر. هذا هو عالمنا نحن البشر، يمكن أن نقترب أو نشابه عالم الحيوان عندما نتجرد من العقل ونجد أن هناك لذة في الانتقام والتدمير تدور في بعض العقول. طموحات وآمال تأتي على حساب بعضنا بعضاً، ولعل غريزة التملك هي التي تدفع الكثير نحو الانجراف الى الشراهة المستمرة التي لا تنتهي منذ ميلاد الإنسان وحتى نهايته. يخرج الإنسان الى هذه الدنيا يشب ويكبر فمن طفولة إلى شباب يبدأ صراعه مع من حوله محاولاً السيطرة على كل شيء وفرض نفسه، يصطدم أحياناً بمعوقات وعراقيل، لكنه يظل يكافح حتى يحقق ما يصبو إليه، سواء كانت خيراً أو شراً، فجميع البشر على وجه الأرض على اختلاف معتقداتهم وتقاليدهم متساوون في حب التملك مهما كانت درجته وأهميته، يأتي متسلسلاً ومتدرجاً على حسب وجود الإنسان ومكانه والبيئة التي يعيش فيها، سواء كان في مدينة أو قرية أو غابة أو جزيرة، فالذي في المدينة ويعيش في مربعات خراسانية يكون منهمكاً في البحث عن المال بشتى الطرق، بينما الذي يعيش في غابة يتوقف نجاحه وسعادته عند الحصول على الصيد الوافر يلاحق الحيوانات بسهم أو رمح من دون أن يكون لديه في بعض الأوقات مكان محدد، فالغابة كلها هي داره. وينازع الإنسان نفسه حتى في جسده فيريد أن يتملك مظهراً مميزاً، فيسعى في البحث جاهداً نحو تحقيق ذلك، لكن الظروف هي التي تحكمه، فممكن أن يتوافر له جانب ويفقد جانباً آخر. ولا يمكن للمال توفير كل شيء، فهو لا يجدي أمام المرض القاتل، وها نحن في سباق محموم في سبيل تملك المادة التي صارت هي مصدر القوة. لذلك نسأل عن نهاية حدود التملك لدينا؟ الجواب، في اعتقادنا، هو أن الإنسان لا يتوقف في البحث عن المزيد في سبيل إرضاء نزعة حب الامتلاك التي يغلبها أحياناً الجشع فتسقط في فخه في بعض الأوقات، ونبقى دائماً في دائرة مغلقة. تتغير المعالم والأماكن لكن الطمع يبقى في البشر حتى يسجّون في قبورهم. السعودية - عبدالله سليمان الطليان البريد الإلكتروني [email protected]