فاصلة: (عينا الغريب في غربته تنظران بصفاء أكثر) - حكمة إنجليزية - علمتني الغربة أن الحياة ممتدة الى مدى بعيد وفق ما نتطلع إليه منها وأن الإنسان بعيد عن بلده وأهله ليس ضعيفا بل أكثر قربا من الله، فالغربة بصعوباتها تخلق في داخلك الرغبة في الاستئناس بخالق الكون. علمتني الغربة أن الغرباء ليسوا سيئين لأنهم غرباء فالغريب والقريب في هذا الزمان تحكمه معايير المصلحة وان كل ما قرأناه في مدارسنا من الحكم والامثال عن الصداقة والشدائد توجد في ساحة الغربة وهي مقياس حقيقي لماهية العلاقات الإنسانية. علمتني الغربة أن أتوقف لأحاسب نفسي لأرى كل ما مضى وما أنا فيه وما أتوقعه في الغد، وأن عقلي هو الأداة الحقيقية لإدراك حقوقي والحصول عليها وأن انتظار الآخر أحيانا يعني التساهل في حقوقي كإنسان، وأن القلق من حكم الآخر علي هو مضيعة للوقت. علمتني الغربة أن أتامل في الحيوانات في كل مكان حولي لأدرك أن الله كرمنا بالعقل ومنحها هي القدرة على الحياة وسط صراع البقاء، أعطاها الكثير من الصبر والقدرة على الكفاح لتعيش. إن صورة حمامة صغيرة تسير على الأرض تبحث عن الطعام وتمتد يد طفل صغير علمته أسرته أن الحيوان من حقه أن يعيش أبلغ من كل المحاضرات التي نسمعها تتحدث عن الرأفة بينما في دواخلنا نتساءل هل للحيوان حقوق فلا نعبأ لقطة خائفة أو حمامة جائعة؟! علمتني الغربة أن الناس معادن منها الرخيص ومنها الثمين وأن معاملاتنا البسيطة في أوطاننا مع من حولنا لا تكشف لنا المعدن. وحدها الغربة والمواقف الصعبة تظهر الرخيصين الذين يمكنك أن تلغيهم من حياتك لأنهم لا يضيفون إلى حياتك أي شيء بل رخصهم يجعلك تقترب من دائرة لا تليق بالإنسانية. وعلمتني الغربة أن أحب الطبيعة بكل أحوالها لأنها مدعاة للتأمل، الأرض والسماء والبحر والطيور وكل شيء حولك يسبح بحمد الله ويغنيك عن صداقة البشر في أحوال كثيرة. السماء حين تتحضر للمطر والطيور حين تجتمع لأجل كسرة خبز ملقاة في الطريق.. صور كثيرة تستحق التأمل.