تميزت الجلسة النيابية التشريعية العامة في يومها الأول امس برئاسة رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري ومشاركة الحكومة ممثلة برئيسها سليم الحص، بمناقشة 20 مشروع قانون واقرارها في سرعة قياسية، أبرزها تعديل بعض مواد نظام مجلس شورى الدولة، ومشروع عن المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف، والغاء ودمج وإنشاء لوزارات ومجالس. وتركزت مداخلات 14 نائباً تكلموا في مستهل الجلسة على موضوع الحريات وخصوصاً ما تعرض له الطلاب من "قمع في المدة الأخيرة"، اضافة الى الانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان والوضع الاقتصادي الصعب وما يتسبب به من هجرة للشباب. استهلت الجلسة بمداخلة للنائب نجاح واكيم، في الأوراق الواردة، أثار فيها قضية هجرة الشباب من لبنان، التي قاربت المليون. واعتبر ان كل ما سمعناه من الحكومة تقرير انشائي عن هذا الموضوع لا يستند الى احصاءات رسمية ولا معالجة للأزمة الاقتصادية. وشبّه المناخ السائد في لبنان الآن بأنه "يشبه الى حد بعيد ما عشناه عام 1975، لجهة الاحتقان المذهبي والفاشي والخوف والضياع". ورأى ان "عوالم الفتنة أعيد انتاجها على يد السلطة السياسية وهي مسؤولة عنها". وقال: "انها قبلت ما كانت تنتقده، وان محاصصة التوظيفات الطائفية تغذي الاحتقان، ونحن نسمع عن محاولات لاشعال فتيل الفتنة، ونلمسها". وقال: "إن وأد الفتنة لا يتم بهذه الطريقة، والمعالجة تكون بمحاورة المسؤولين للطلاب الموالين للعماد ميشال عون لا باستعمال الطرق البوليسية ضدهم ولا بسوقهم الى المحكمة العسكرية". وحذر من "ان الوضع ينذر بمخاطر كبيرة وكي لا تتفجر بوسطة عين الرمانة مرة جديدة، لا سمح الله، علينا عدم التستر على الحقائق ومعالجة البطالة وعدم قمع الحرية ومعالجة وضع الشباب". ولفت النائب علي الخليل الحكومة الى "ضرورة تحصين الموقف الرسمي والشعبي في مواجهة التحديات المقبلة". وأثار النائب نسيب لحود موضوع اختطاف اللبنانية ماري معربس في الفيليبين. وسأل الحكومة عن مصير الوساطات التي اعلنتها "عبر منظمة المؤتمر الاسلامي". وأمل بدرجة اهتمام رسمية أعلى بالقضية واطلاع الرأي العام على آخر تطوراتها. ودعا الى "احتضان أهلنا في المناطق المحتلة والسهر على توفير الأمن، على ان تكون دولة القانون وحدها هي الحكم والمرجع"، مذكراً بأن "الانسحاب الاسرائيلي يجب الا يكون مدخلاً لفصل مساري التفاوض بين لبنان وسورية". وحذر النائب طلال المرعبي من ان استمرار تدهور الوضع الاقتصادي سيزيد في هجرة الشباب اللبناني. ورأى النائب عبده بجاني ان المال والاقتصاد ليسا العاباً للتسلية. وقال: "لا نرى في المستقبل سوى إشهار سيف التقشف وسلب المواطن القروش الباقية معه"، محذراً من "ان الجوع آت". ولاحظ النائب زاهر الخطيب "ان ثمة محاولات لفرض شروط علينا لتطبيق القرار الرقم 425". وحذر من "تقديم أي تنازل مبدئي في شأن الانسحاب"، متمنياً الفصل بين التحرير والتسوية السلمية. ودعا النائب فايز غصن الدول العربية الى "وقف التطبيع مع اسرائيل وإعادة النظر في العلاقات معها". ورأى النائب كميل زيادة ان الحريات العامة اصبحت في خطر، خصوصاً لجهة ما تعرض له الطلاب أخيراً. وقال: "ان الأسلوب القمعي الذي مورس عليهم سيبقى وصمة عار". وسأل "هل يعقل ان نتعامل مع شبابنا بهذا الأسلوب، بدلاً من أن نحاورهم ونحتضنهم؟ وهل القمع والسجن شجعاهم على البقاء في لبنان؟". وطالب "بكشف المعتدين على المحامي سليم غاريوس". واستنكر النائب جورج قصارجي عدم سماع وزراء الخدمات شكاوى النواب. وعندما أثار موضوع الهاتف الخلوي ابلغه بري ان ثمة جلسة مخصصة لهذا الموضوع ستعقد في 23 أيار مايو الجاري. واستنكر النائب أحمد سويد المواقف الفرنسية الأخيرة من لبنان. ولفت النائب محمد عبدالحميد بيضون الحكومة وخصوصاً وزير الهاتف عصام نعمان الى الضرر المترتب على منع التخابر عن طريق الانترنت. وطالب بتنظيم التخابر "اذ لا يجوز ان يستمر هذا المنع علماً ان بعض المؤسسات يبيع خطوطاً عبر معدات موجودة في وزارة الهاتف نفسها". فوعد الوزير "بمعالجة الموضوع قريباً جداً". وسأل النائب محمد كبارة الى متى يبقى الشمال بعيداً عن اهتمامات الدولة؟ وبعدما حيا النائب حسين الحاج حسن الأداء الرسمي السياسي لرئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة سليم الحص، قال "ان فرحة انتصار الشعب اللبناني بقرب انجاز التحرير ممزوجة بألم الوضع الاقتصادي". وأشاد النائب عاصم قانصوه بمواقف الرؤساء الثلاثة في مواجهة التحديات الاسرائيلية. وقال النائب بشارة مرهج "اذا كانت هذه المرحلة تتطلب الحذر مع قرب الانسحاب الاسرائيلي فإن المسؤولية مضاعفة على الدولة لجهة تحصين الوضع الداخلي وتلازم المسارين لمواجهة التحديات المقبلة". ثم بدأت مناقشة مشاريع القوانين، فحاز تنظيم عمليات الخصخصة وتحديد شروطها ومجالات تطبيقها، الجزء الأكبر من المناقشات، فرفضها أو تحفظ عنها النواب لحود وواكيم والخطيب وبطرس حرب والرئيس حسين الحسيني ومروان حمادة وروبير غانم، ودعا بعضهم إلى إعادة درس المشروع، في حين أيدته النائبة نايلة معوض . ودافع الرئيس الحص عن المشروع واصفاً إياه ب"المهم والحيوي جداً". وقال: "نحن لم نخترع الخصخصة وقد سبقتنا اليها دول كثيرة ونجحت فيها"، معتبراً "ان الدولة مقتنعة بالمشروع لأننا نتعرض لنزف خطير جداً في المرافق كالكهرباء وغيرها، اذ كلها تخسر". وأضاف: "البعض يتخوف من تخلي الدولة عن مرافق حيوية. فالخصخصة ليست بولدوزر. قد لا نتخلى عن قطاع معين وانما نلزّم ادارته الى القطاع الخاص. والخصخصة لا تعني خصخصة الشأن الاجتماعي، فالحكومة تلتزمه ولا علاقة له بالخصخصة". واستؤنفت مناقشة المشروع في جلسة مسائية، بعدما رفعت الجلسة نحو الثالثة بعد الظهر.