} تبدأ في القاهرة اليوم أعمال قمة هي الأولى من نوعها بين قادة افريقيا وأوروبا وسط أجواء متفائلة بحلول "عهد جديد" في علاقات القارتين التي سادها الاستغلال في الحقب الماضية. لكن في الوقت نفسه اعترف الأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية سالم أحمد سالم عشية القمة بأنه ما زالت هناك فجوات في مواقف الطرفين، خصوصاً في شأن مسألة الديون الافريقية، لكنه ابدى استعداد افريقيا لبدء صفحة جديدة مع أوروبا، فيما اعتبر وزير الخارجية المصري عمرو موسى هذه القمة "خطوة رئيسية مرموقة على درب النظام العالمي الجديد". يفتتح الرئيس حسني مبارك اليوم أعمال مؤتمر القمة الأفريقية - الأوروبية في مركز القاهرة الدولي للمؤتمرات، كما يتحدث في الجلسة الافتتاحية نفسها كل من رئيس الدورة الحالية لمنظمة الوحدة الافريقية الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، ورئيس وزراء البرتغال أنطونيو غوتيريس الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، والأمين العام لمنظة الأممالمتحدة كوفي أنان، والأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية سالم أحمد سالم، ورئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي. وكان وزراء خارجية الدول الأفريقية والأوروبية عقدوا اجتماعاً تمهيدياً مشتركا أمس للإعداد للقمة سبقه اجتماع تحضيري لوزراء الخارجية الأفارقة. الديون وأعرب سالم عن أمل افريقيا في بدء حوار بناء مع أوروبا يستند إلى أسس جديدة من التعاون والمصالح المتبادلة التي تأخذ في الاعتبار المخاوف المشتركة، مشيراً الى أنه ما زالت هناك فجوات في مواقف الطرفين، ومؤكداً على أن افريقيا لديها بعض المخاوف الرئيسية في شأن قضايا الديون، وحذر من أنه ما لم تعالج قضية الديون الافريقية بجدية، وبالشكل الكافي فإن جهود القارة الرامية لإحداث إصلاحات اقتصادية وسياسية ستظل متعثرة. وشدد على ضرورة أن يدرك "الشركاء الأوروبيون" الذين يصرون دائماً على إثارة قضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان أن القارة "بلورت موقفاً موحداً حيال هذه القضايا"، لافتاً الى أن مواصلة الجهود لإحراز تقدم في هذين المجالين الديموقراطية وحقوق الإنسان في افريقيا تتطلب "إحداث تغير نحو الأفضل بالنسبة الى قضايا الفقر والتخلف"، وهي "قضايا قائمة بالفعل وتهدد الجهود التي تبذلها الدول الافريقية". راجع ص 6 الديموقراطية وأعرب سالم عن أمله في أن تبدي الدول الاوروبية تفهما وتقديرا أفضل للمشاكل التي تواجه القارة، مؤكداً أن الدول الافريقية متفقة على كل القضايا التي ستتناولها القمة، واشار الى أن قضايا حقوق الإنسان والديموقراطية إمتداد منطقي لنضال افريقيا من أجل الحرية والاستقلال، وأكد على أن افريقيا تشهد بالفعل تحولاً كبيراً نحو الديموقراطية و"لا ينبغي لأي أمرئ من خارج القارة أن يملي علينا ما ينبغي أن نفعله لإحداث تحول في هذا الصدد". افريقيا موحدة وكان وزير الخارجية المصري عمرو موسى وصف القمة بأنها تمثل منعطفا جديدا في العلاقات بين القارتين، وقال، في كلمة أمام الجلسة المشتركة بين وزراء الخارجية الافارقة والأوروبيين "إننا في افريقيا نعمل على خلق افريقيا الموحدة في كل المجالات وإنشاء الجماعة الاقتصادية الافريقية ونعد لمرحلة جديدة تتعامل مع عصر العولمة وتحدياتها واقتصاديات السوق". مشيراً الى أن التعاون بين القارتين بدأ يأخذ شكلاً جديدا من العمل المشترك المنظم لافتاً إلى أن الأمر يتطلب إجراءات جديدة وفعالة "لبناء الثقة عن طريق دعم الاصلاح الاقتصادي". وعبّر موسى عن تطلعات افريقيا الى ان يحظى مشروعها الطموح بدعم شركائها في العالم عموماً وفي أوروبا خصوصاً، وحدد أهداف هذه الشراكة بأنها "تحرير القارة الافريقية من المديونية التي تعرقل الاصلاح"، وحصول افريقيا "على القدر المعقول من الاستثمارات الخارجية المباشرة". وشدد على أن التنمية في افريقيا تتطلب "توفير مناخ من الأمن والاستقرار بما يستلزم التعامل مع النزاعات السياسية عن طريق آلية فض النزاعات في افريقيا" والتي وصفها بأنها "تعد مثالاً على الإرادة السياسية الافريقية من أجل إنهاء هذه الصراعات"، وأشار الوفد نفسه إلى أن هذه الآلية "تحتاج الى مزيد من الدعم الدولي لتؤدي مهماتها". ونبه موسى إلى تراجع نصيب القارة الافريقية من التجارة العالمية بما يعرقل من جهودها في مجال التنمية، داعياً الى دور للاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ما يستلزم مكافحة المشاكل الأخرى كالفقر ورفع مستوى التعليم، موضحاً أن هناك الكثير من الأمراض والمشاكل الصحية التي تعرقل عمليات التنمية في افريقيا، خصوصاً انتشار مرض الإيدز. لقاءات ثنائية وحفلت الساعات القليلة عشية القمة بلقاءات ثنائية عدة، كان أبرزها لقاء موسى مع نظيره المغربي محمد بن عيسى الذي صرح ب"إننا نريد أن نكون عضواً كامل العضوية في منظمة الوحدة الافريقية على أساس الشرعية وعلى أساس احترام ميثاق المنظمة الذي يتحدث عن عضوية الدول ذات السيادة التي تفرض سلطتها وحكمها على الأرض". وسئل ابن عيسى عن احتمال لقاء الملك محمد السادس والرئيس بوتفليقة فاجاب: "لا شيء مستبعد وإذا كان هناك لقاء، فقطعاً سيكون لقاءً ثنائياً، فالمغرب والجزائر جاران تربطهما مصالح مشتركة عدة، واللقاء إذا تم سيكون بين أخوين جارين وليس هناك أي مطلب مغربي ولا يوجد أي شرط لعقد مثل هذا اللقاء". وأعرب وزير خارجية تشاد محمد صالح نظيف عن أمله في أن تتوصل القمة الى حل لمشكلة الديون الافريقية لأوروبا والتي تبلغ 350 بليون دولار، مطالبا بتعهد اوروبي في هذا الصدد. الى ذلك أكد المفوض الأوروبي للشؤون الخارجية كريس باتن حرص الاتحاد الأوروبي على المساهمة في شكل إيجابي في جهود فض النزاعات وإدارة الازمات في أي بقعة من العالم، مشيراً الى المشاركة في دعم جهود السلام في افريقيا الوسطى والى عمليات ازالة الالغام في القارة، ونوه بتقديم "صندوق التنمية الاوروبي" مساعدات ضخمة لبلدان افريقيا بهدف المساهمة في استمرار عملية التنمية في افريقيا. وقال باتن في حديث للبرنامج التلفزيوني "صباح الخير يا مصر" إن هناك الكثير من الحلول قصيرة الأجل التي عرضها الاتحاد الأوروبي لخفض الديون الخارجية للدول الافريقية، مؤكداً أن الأمور الأكثر أهمية هي الحلول طويلة الأمد التي "ترتكز على دعم وتطوير الخبرة الاقتصادية للبلدان الافريقية". وكان باتن أشار خلال لقائه أعضاء المجلس المصري للشؤون الخارجية منظمة غير حكومية الى أن الاتحاد الأوروبي خلال الخريف الماضي ألغى بليون يورو من ديون الدول الفقيرة في افريقيا. وركز وزير خارجية بوركينا فاسو يوسف أواد داوجو في تصريحات له على قضية الفقر في افريقيا، وقال إن "50 في المئة من الافارقة لا يمكنهم الذهاب الى المدارس إضافة الى النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب". في حين حمّل أمين اللجنة الشعبية العامة للوحدة الافريقية في ليبيا علي عبدالسلام التريكي أوروبا المسؤولية باعتبارها "مسؤولة عن الديون والألغام في القارة وعن نهب آثار افريقيا وعرضها في متاحف أوروبا"، ودعا الى ضرورة حسم قضيتي الديون والألغام والتوصل الى حلول في شأنها خلال القمة. كما أعرب وزير خارجية توغو كوفي بانو عن أمله في أن تسفر القمة عن شراكة حقيقية بين الجانبين، وأكد وزير خارجية ساحل العاج شارلز غوميس على أهمية تحقيق حلم إقامة الوحدة الافريقية العام 2007 وفقاً لاتفاقية أبوجا. ونوه وزير خارجية البرتغال جيم جاما بالقمة، وقال إنها نبعت من رؤية أوروبا لأهمية القارة الافريقية وضرورة أن تكون هناك وجهة نظر عالمية تجاه افريقيا وقضاياها، وقال إن هذه القمة تهدف الى التوصل الى استراتيجية دولية وإقامة شراكة حقيقية بين الاتحاد الأوروبي وافريقيا، موضحاً أن "قضية الديون ليست وحدها المهمة لكنها ستكون من القضايا الجوهرية"، وقال: إن "الجانب الأوروبي مهتم بدراسة قضية الديون" مبدياً استعداد أوروبا للتعاون مع الدول الافريقية لإزالة الألغام المزروعة في اراضيها ومناقشة القضايا الاقتصادية والتنموية، وخفض معدلات الفقر ودعم الديبلوماسية الوقائية وتحقيق السلام وإقامة آليات للتعاون الأمني، وهو ما أكده وزير الدولة البرتغالي للتعاون لويس أمادو الذي أشار الى أن الفجوة بين الجانبين الأوروبي والافريقي في ما يخص بعض القضايا الخلافية قد "ضاقت بصورة كبيرة" موضحاً "سعي الجانبين لإيجاد وسيلة جديدة للحوار"