يقول سياسيون لبنانيون موالون إن اقتراب موسم الانتخابات النيابية لا يبرر قصور بعض الوزراء عن التصدي للملفات التي من اختصاصهم في ضوء المآخذ التي يسجلها عليهم رئيس الجمهورية إميل لحود، إذ أخفقوا بعد مضي سنة وخمسة أشهر على قيام "حكومة الإنقاذ والتغيير" في أن يثبتوا قدرتهم على معالجة المشكلات الملقاة على عاتقهم على رغم الوعود التي قطعوها على أنفسهم. حتى أن وزراء انكفأوا عن الساحة المحلية، في وقت كانت الحكومة في أمسّ الحاجة إليهم للدفاع عنها في وجه الانتقادات والحملات التي تتعرض لها، والتي لم تعد تقتصر على المعارضة، بل امتدت الى الموالاة التي اضطر أركانها تحت ضغط الضائقة المعيشية والاقتصادية الى الاحتجاج على إخفاق الوزراء في توفير الحلول المتواضعة، آخذين في الاعتبار القدرات المالية للدولة التي لا بد من مراعاتها في الظروف الراهنة. وفي هذا السياق قال موالون إن اضطرار رئيس الحكومة سليم الحص في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء إلى حث الوزراء على الإسراع في تلبية احتياجات المواطنين من خدمات وإنجاز معاملات إدارية عالقة، يعكس الى حد كبير مدى الشلل الذي أصاب الحكومة، فضلاً عن غياب معظم أعضائها عن التعاطي المباشر في القضايا الطارئة، حتى لو كانت من اختصاصهم، ما دفع برئيس الجمهورية الى التصدي المباشر لها. وأكد بعض الموالين أن الحكومة لم تنجح في صوغ سياسة إعلامية واضحة، ولا في إنجاز ملف الإصلاح الإداري الذي اقتصر على الشق الخاص بالتعيينات، وهذا ما اعترف به رئيس الحكومة بعد ثلاثة أشهر على ولادة الحكومة من دون أن يترجم حديثه عن الأخطاء والتجاوزات خطوات ملموسة. ولفتوا إلى أن الحكومة أصبحت "مكلبجة" وأنها تستمد استمرارها ليس من الحاجة إليها، بل من الضرورة التي تفرض بقاءها الى حين إجراء الانتخابات النيابية. وأشار الموالون أنفسهم إلى أن لحود جاء بما وعد به من خطوات إصلاحية وردت في خطاب القسم، لكنه اصطدم في سرعة بغياب فريق العمل الحكومي الذي يفترض به التجاوب معه. وأكدوا أن بعض الوزراء تسببوا بإرباك الحكومة عندما تبرعوا للخوض في مسائل ليست من اختصاصهم، تحديداً تلك المتعلقة بالملف الإقليمي، وهذا ما دفع برئيسي الجمهورية والحكومة إلى الطلب منهم حصر اهتمامهم بإدارة شؤون وزاراتهم منعاً لإحراج الحكم أمام الرأي العام اللبناني. فمعظم الوزراء أصبحوا أسرى موسم الانتخابات النيابية، وهذا ما يفسر إحجامهم عن الخوض في المسائل المطروحة، ظناً منهم أن الإدلاء بدلوهم يمكن أن يلحق الضرر بمصالحهم الانتخابية، ولم تملك غالبيتهم الجرأة على إبداء رأيها في التحرك الأخير الذي قامت به مجموعة من الطلاب، ما دفع برئيس الجمهورية فور عودته من جولته على عدد من دول الخليج إضافة الى مصر، إلى التوجه من الطلاب بموقف يحذر فيه من محاولات استغلالهم لأسباب تتجاوز مصالحهم إلى من يقف وراء تحركهم. ورأى قيادي موال أن الحكومة شبه غائبة، وأن الرأي العام أصيب بخيبة أمل على رغم الدعم الذي أعطي لها، إذ لم تحسن توظيفه على نحو يؤمن انسجامها وصدقيتها وهذا ما ظهر من خلال عدم قدراتها على الإفادة من حال التعايش التي سيطرت على علاقتها بالسلطة التشريعية. ورأى القيادي نفسه أن مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوبلبنان، التي سيتبعها إجراء الانتخابات النيابية لا تتلاءم مع حكومة يغلب عليها طابع التكنوقراط بمقدار ما أن التحديات تستدعي المجيء "بحكومة مقاتلة"، شرط تفادي الهفوات التي وقعت فيها الحكومات السياسية السابقة التي فرضها واقع سياسي معين لم يعد من الجائز تكراره، خصوصاً أن وزراء سابقين لم يتنكروا للأخطاء التي ارتكبوها. وأكد القيادي الموالي أن الطاقم السياسي الذي سيعاد إنتاجه من خلال الانتخابات، والذي قد لا يحمل مفاجآت أساسية، تعلم من تجارب الماضي وبات مضطراً إلى تظهير صورته على نحو مقبول لدى الرأي العام، خصوصاً أن المرحلة المقبلة ستكون مفتوحة على الاحتمالات التي ترتب توسيع المشاركة لتكوين تضامن وطني على مستوى المواجهة. وأضاف أن معظم الطاقم السياسي الذي هو حليف لسورية سيحتاج الى خوض معركة إعادة الاعتبار إليه، بعدما ثبت أن الحكومة الحالية لم تكن على قدر الآمال المعقودة عليها، على رغم دعم لحود لها، واضطراره في معظم الأحيان الى التقدم على عدد من الوزراء للفتهم الى ترددهم في التغلب على الروتين الإداري. لذلك فإن انتخاب مجلس جديد يحتم تشكيل حكومة سياسية، إذ من غير الجائز أن يطلب منه دعم حكومة لا يجد نفسه ممثلاً فيها، إضافة الى أن طبيعة المرحلة تقتضي أن يكون له وزن مميز فيها، خصوصاً أن المناخ السياسي العام أخذ يتحسّن، استعداداً لأن تشهد البلاد نقلة نوعية على هذا الصعيد، تتيح تعزيز مشاركة القوى الفاعلة وتعطي دفعاً جديداً للعهد.