بدأ الاصلاحيون في ايران التملص من "فضيحة برلين" فيما واصل المحافظون تصعيد حملتهم على "الاصلاح الأميركي"، وتغلق الحوزات الدينية أبوابها اليوم احتجاجاً. ونظمت تظاهرات في مدن بينها مشهد شرق وشيراز جنوب احتجاجاً على "استهداف القيم الدينية والثورية"، في الحملة التي "تقف وراءها الادارة الأميركية". ورأى رضا خاتمي شقيق الرئيس الايراني، انه لم يكن هناك مبرر للمشاركة في مؤتمر برلين الذي عقد أخيراً تحت عنوان "ايران ما بعد الانتخابات البرلمانية" لأن "الحاضرين والمحاضرين" هم ايرانيون، وزاد انه لا داعي لأن تكون مؤسسة المانية نظمت المؤتمر "صلة الوصل بين الايرانيين في الداخل والخارج". اعتبر رئيس هيئة الأركان المشتركة ل"الحرس الثوري" العميد حسين علائي ان "بعض الذين شاركوا في مؤتمر برلين أرادوا اظهار الصورة الحقيقية للنظام الاسلامي في الخارج". لكنه حذر من أن بعض الأحزاب الألمانية يسعى الى تحويل مسار الاصلاحات في ايران باتجاه العلمنة، ولذلك يحاول التعاون مع بعض الشخصيات الاصلاحية. وتضيع بوادر تطويق الأزمة التي اثارها مؤتمر برلين، في غمرة استمرار التصعيد بعد دخول مجلس تشخيص مصلحة النظام برئاسة هاشمي رفسنجاني على الخط، وهو دعا الى اليقظة والحذر في مواجهة الضغوط والتهديدات "الداخلية والخارجية". واعتبر قائد القوة البرية في "الحرس الثوري" العميد جعفري ان دور الحرس في هذه المرحلة من "الخطر الثقافي للاعداء" هو "الحماية السياسية وليس العسكرية فقط" للثورة والنظام و"ولاية الفقيه". في الوقت ذاته حذر كبار رجال الدين من "فتنة ثقافية"، وقال اية الله مكارم شيراز ان "اعداء ايران والثورة يريدون اشعال حرب داخلية عبر حرب الصحافة". وفي موقف لافت رأى مجلس الخبراء المعني بعمل المرشد ان "جذور المؤامرة تكمن في التأييد العلني من الادارة الأميركية للصحافة الفوضوية"، في اشارة الى بعض الصحف الاصلاحية. ودعا المجلس القضاء الى اتخاذ اجراءات "لاقتلاع الفتنة من جذورها"، وحدد "تجاوزات" الصحافة الاصلاحية، ولخصها ب"الهجوم على المبادئ الدينية والقيم الثورية، خاصة ولاية الفقيه وتوجيه الاهانة الى المؤسسات القانونية، لا سيما مجلس الرقابة الدستورية، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، اضافة الى تشويش أذهان الرأي العام، وبث الخلافات". وحذر المجلس من ان "الشعب سيتحرك إذا نفد الصبر، لوضع حد لمحاولات بث اليأس من النظام الاسلامي" وطالب المسؤولين بتوضيح سبب عدم قيامهم بما من شأنه "وقف هذا الفساد" على رغم التحذيرات المتكررة للمرشد آية الله علي خامنئي. وتشكل استقالة أو إقالة وزير الثقافة والارشاد عطاء الله مهاجراني مطلباً رئيسياً للمحافظين لاتهامه ب"التهاون إزاء استهداف القيم الدينية والثورية". وسيكون التعديل الحكومي المرتقب مؤشراً مهماً في شأن معرفة موقف الرئيس محمد خاتمي وهل سيتحدى "إرادة المحافظين ومن فوقهم"، أم سيضع مهاجراني جانباً لتخفيف الاحتقان الداخلي. وأعلن مهاجراني انه يفضل "الاستقالة على اغلاق بعض الصحف"، وقال إنها ليست المشكلة بل تعكس فقط الحقائق. وأوضح بعد لقائه أول من أمس المديرين المسؤولين ل22 صحيفة ان هؤلاء عاتبون بسبب وصف صحافتهم بأنها تحولت الى "قواعد للأعداء". وأضاف انه سيحيل نتيجة الاجتماع على المرشد مؤكداً ان "ممثلي الصحافة طالبوا بالتصدي للأشخاص المتسللين الذين يعملون لمصلحة الأعداء". واقتيد الى السجن أمس مدير صحيفة "نشاط" الاصلاحية المحظورة، لطيف صفري بعدما ثبتت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحقه اثر تعطيل صحيفته في أيلول سبتمبر، بتهمة نشر مقالات تشكك بمبدأ القصاص وعقوبة الاعدام. وحكم صفري بالسجن سنتين ونصف سنة، ومنع من ممارسة أي نشاط صحافي لمدة خمس سنوات.