سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اعتصامات سلمية في الجامعات ... واحراق العلم السوري في اليسوعية . الحكومة تحاول استيعاب الموقف وتعتبر التحرك "غير عفوي" احكام بالسجن اقصاها 45 يوماً لثمانية من مناصري عون
التحرك الطالبي الذي قاده التيار الوطني الحر بقيادة العماد ميشال عون في الأيام الأخيرة، للمطالبة بالافراج عن ناشطين فيه أوقفوا لتوزيعهم مناشير واصطدامهم بالقوى الأمنية، تجاوزه لينضم اليه طلاب من مختلف التنظيمات والتيارات السياسية الممثلة في الجامعات. وبعد يومين من الاصطدامات مع القوى الأمنية والتوقيفات وسقوط نحو 20 جريحاً، شهد يوم أمس تحركات سلمية في عدد من الجامعات، لم تسجل خلالها حوادث، وتوقفت خلالها الدراسة. وقال مرجع مسؤول ل "الحياة" إن تظاهرات الطلاب كانت مدار تشاور بين رئيس الحكومة سليم الحص ونائبه وزير الداخلية ميشال المر، وقادة الأجهزة الأمنية. وأفاد أن "التوجيهات التي أعطيت الى قادة الأمن تجنب التصدي للتحركات الطالبية والعمل على استيعابها والتعاطي معها بحكمة، ولكن بحزم اذا هددت الاستقرار". وأضاف المرجع "إن هذه التعليمات أعطيت على رغم وجود معلومات لدى القوى الأمنية عن أن مجموعات تحاول استدراج القوى الأمنية الى صدام معها، كما حصل أول أمس، أمام المحكمة العسكرية وأمس أمام الجامعة اليسوعية". وقال المرجع إن "التحرك غير عفوي خصوصاً أنه يتزامن مع الحديث عن الانسحاب الإسرائيلي، وهدفه فقط التحريض على الوجود السوري". وتوقع انعقاد اجتماع قريب لمجلس الأمن المركزي للبحث في الأوضاع. وأصدر مجلس الأمن المركزي بياناً بعد ظهر أمس جاء فيه "تقوم جهات طالبية بأعمال اعتصام وتعطيل دروس في بعض الجامعات، ويحاول البعض منها الخروج من الجامعات بتظاهرات غير مرخص لها". واضافه "أن وزارة الداخلية مع حرصها الكامل على حرية التظاهر وابداء الرأي تنبه المعنيين الى أن أي مسيرة أو تظاهرة لا يمكن أن تكون شرعية ما لم يرخص لها، وستتخذ الأجهزة الأمنية الإجراءات اللازمة لمنع أي عمل مخل بالأمن والنظام". واعتصم أمس مئات من الطلاب في الجامعات الأميركية واليسوعية واللبنانية، اضافة الى اللويزة والبلمند، احتجاجاً على "أعمال القمع" التي طاولت زملاءهم الطلاب ورددوا شعارات مؤيدة لقيام "لبنان حر سيد مستقل"، وركز الطلاب العونيون ومؤيدون لهم على المطالبة بانسحاب الجيشين اللبناني والسوري من لبنان، وبنشر الجيش اللبناني على مختلف الأراضي اللبنانية. وأفاد طلاب معتصمون "الحياة" أن قوى أمنية طوقت جامعات الأميركية واليسوعية واللبنانية حيث تركزت الاعتصامات، ومنعت الطلاب من الخروج منها، فاكتفوا بافتراش الأرض وترداد أغانٍ وحمل شعارات ولافتات تطالب بحرية التعبير وبإطلاق الموقوفين. وأبلغ متحدث باسم التيار العوني وكالة "فرانس برس" أن طلاباً في اليسوعية احرقوا العلم السوري خلال الاعتصام. وبعد نحو ساعتين، تفرق المعتصمون وانتقلوا الى مبنى كلية الاعلام - اللبنانية في الفنار، حيث قرروا الاعصام المفتوح الى حين اطلاق رفاقهم الذين كانوا يحاكمون أمام المحكمة العسكرية الدائمة، وانضم اليهم أمس الطالب جان بول ديب أوقف في نهر الموت وسليمان صومعي الذي اطلق لاحقاً. وليل امس اصدرت المحكمة العسكرية الدائمة احكامها على الموقفين: طوني عتيق وطوني اوريان وباتريك سماحة ونعيم عون ابن شقيق العماد عون وزياد عبس، بجرم معاملة رجال قوي الامن في شدة، بين عشرة ايام وثلاثة اسابيع سجناً، وبيار باسيل وبول باسيل وربيع معلولي، بجرم التحريض على قطع الطريق والتعرض للسيارات المدنية، مددا تتفاوت بين شهر وشهرين ونصف شهر. وفي المواقف، قال النائب نسيب لحود إن "ممارسات غير مقبولة للسلطات الأمنية تكررت أخيراً حيال مجموعات شبابية وطالبية تمارس حقها البديهي المشروع في التعبير عن آرائها السياسية بالوسائل السلمية وتحت سقف القانون". واستنكر "الأسلوب العنيف في التعامل مع تحركات سلمية "محذراً السلطة من استسهال اللجوء الى أساليب كهذه والتمادي في تضييق فسحة الحريات". مطالباً اياها "بالإفراج الفوري عن الموقوفين". ورأى أن "دقة الظروف التي يمر بها لبنان والمنطقة تفرض على الجميع. وفي مقدمهم السلطات العامة، عدم الانجرار الى التشنج والمصادمة وسلوك منهجية الانفتاح والحوار الكفيلين وحدهما بتعزيز التضامن الوطني وصون النظام العام". وانتقد النائب بطرس حرب "الممارسات الأخيرة من قمع لطلاب حاولوا التعبير عن آرائهم السياسية". وقال "لا يجوز أن تحصل إلا في إطار القانون، مع احترام حرية ابداء الرأي والتعبير والتظاهر من ضمن حدود القانون". وأبدى حزب الكلتة الوطنية اللبنانية "قلقاً شديداً مما تتعرض له الحريات في لبنان من قمع وتنكيل". وسأل "هل يراد ازالة خصوصية لبنان؟". معتبراً أن "الاعتقالات تتم من دون أي مبرر قانوني وفي شكل مخالف للدستور". وأضاف أن هذا النفر من الشباب عبّر عن آرائه وتطلعاته ديموقراطياً ومن دون المس بالقوانين المرعية وأمن البلاد، فما المبرر، والحال هذه، لهذا الذعر ولهذه الاعتقالات والملاحقات الظالمة؟". وساء الرابطة المارونية "كثيراً الاعتقالات العشوائية أي طاولت طلاباً اتهموا بتوزيع منشورات سياسية، في ظل النظام الحر". وسألت "هل ممارسة لبنانيين حرياتهم التي كفلها الدستور يعاقب عليه القانون، وحمل غير اللبنانيين السلاح والتدريب على اقتنائه وتجنيس آخرين من غير المستحقين، باتا أمراً روتينياً في هذه الظروف المصيرية وفي ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة؟". ودعت الحكومة الى تحمل مسؤوليتها الوطنية بالجدية اللازمة، مطالبة "بحكومة اتحاد وطني تكون في مستوى هذه المرحلة المصيرية التي يمر فيها الوطن". وصدرت مجموعة بيانات لفروع "التيار الوطني الحر" في بيروت والحدت وجزين استنكرت "التعرض للطلاب وقمع الحريات". واستنكر المكتب المركزي للتنسيق الوطني المؤيد لعون "أساليب القمع والترهيب والتوقيفات للنخب الطالبية المناضلة. ورأى في ذلك "دوساً لأبسط حقوق الإنسان ونحراً لكرامته الوطنية وحريته في التعبير. فمن العار أن يلجأ أبناء وطن الحرية الى الأقمار الاصطناعية ليشاهدوا الهراوات تنهال على الشباب الأبرياء وخراطيم المياه تفرق تجمعاتهم السلمية الحضارية والصليب الأحمر منطلقاً الى المستشفيات. ذنب هؤلاء الشباب انهم رفعوا الصوت عالياً: حرية حرية، فنزلت كالصاعقة على من لم يذق للحرية طعماً". وختم "إن اليوم الذي سيتمتع فيه لبنان بكل حريته وسيادته وقراره الحر لا بد قريب". وأثار وفد من "التجمع من أجل لبنان" الموالي لعون في باريس، مع الناطق باسم "حزب التجمع من أجل الجمهورية" الديغولي النائب باتريك ديفيدجيان، الاعتقالات التي طاولت أعضاء التيار العوني في لبنان والتظاهرات الطالبية الداعية الى تطبيق القرارات الدولية ومنها الرقم 520 الذي يطالب بانسحاب كل القوات الأجنبية من لبنان. وسلم الوفد الذي ترأسه سيمون أبي رميا، ملفاً عن وضع لبنان في إطار مسيرة السلام، معتبراً أن رد فعل السلطة اللبنانية على قرار الانسحاب الإسرائيلي "لا منطقي" لأنه "يفضل الدفاع عن مصالح سورية على حساب سيادة الأراضي اللبنانية". وتحدثت منظمة "سوليدا" لدعم اللبنانيين المعتقلين تعسفاً، ومركزها باريس، عن التوقيفات الأخيرة، وأثارت بحث قوى السلطة اللبنانية عن معارضين وممارسة ضغوط على عائلاتهم، وعلى الطلاب، لمنعهم من التعبير عن آرائهم، وناشدت المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التدخل لوقف "هذه التوقيفات التعسفية وتحرير الموقوفين".