لا يمكن ان يختلف اثنان على ان شعبية رياضة السيارات المتصاعدة عربياً تدين بالفضل لاثنين من ابرع سائقي الراليات، اولهما القطري المعتزل سعيد الهاجري والثاني الاماراتي الطائر محمد بن سليم الحائز على لقب بطل الشرق الاوسط 11 مرة. والهاجري كان اول من ادخل هذه الرياضة في منطقة الخليج تحديداً، وظل بطلاً لها الى ان اقتحم بن سليم المجال فأكل الاخضر واليابس ونال شهرة لم يسبقه اليها احد. وانجازات بن سليم 39 عاماً شاهدة على تاريخه وتؤكد جدارته واستحقاقه لقب افضل سائق عربي، لانه حقق 52 فوزاً في الراليات المحلية والشرق اوسطية والعالمية كان آخرها رالي البحرين الدولي الذي اختتم اول من امس في المنامة. ولم تقتصر مسيرة بن سليم على الانجازات في حلبات السباق بل تخطتها الى الناحية الادارية لانه هو صاحب فكرة اطلاق رالي الامارات الصحراوي الذي صار في ما بعد مرحلة اساسية من بطولات الاتحاد الدولي. وكشف بن سليم في حديث خاص الى "الحياة" ان الصدفة وحدها هي التي قادته الى عالم رياضة السيارات، وقال: "في احد ايام عام 1982 كنت عائداً بسيارتي من زيارة اقارب لي في مدينة العين، وعلى مقربة من مدينة ابو ظبي شهدت تجمعاً كبيراً على جانب الطريق داخل الصحراء. ظننت في البداية ان حادثاً قد وقع فتوقفت واقتربت من الحشد، لكنني شهدت فجأة غباراً كثيفاً يتطاير في الهواء… فسألت ما الامر وقيل لي انه احد سباقات السيارات. تسمرت في مكاني، ولم اتحرك الا بعد ان مرّت كل السيارات. ومنذ تلك اللحظة عشقت هذه الرياضة، وقررت ان اكون احد ابطالها". وعندما عاد بن سليم الى دبي لم يهدأ له بال الا بعد ان عرف طريق اللجنة المنظمة لهذه السباقات: "قررت الا اعود الى منزلي، الا بعد ان اكون قد عرفت كل شيء عن هذه السباقات. وعندما وصلت الى دبي استفسرت عن الجهة التي تنظم هذه المنافسات وانضممت اليها". المسيرة بدأت المسيرة الرياضية للاماراتي الطائر عام 1982، وشارك في عدد من الراليات المحلية. لكنه حقق اول نتيجة كبيرة عندما حل ثالثاً في رالي البحرين الدولي عام 84 في اول تجربة له خارج الامارات، ثم فاز برالي دبي الدولي في العام ذاته. بيد ان نقطة التحول في مسيرته تمثلت في انضمامه الى فريق تويوتا وشارك معه في الاردن وفاز باللقب فذاع صيته ونال شهرة فائقة. وعلى الفور بدأ تجربته مع الراليات الاوروبية بهدف اكتساب الخبرة والتمرس في القيادة من خلال منافسات قوية. وفي عام 1985 كاد يحقق اول لقب شرق اوسطي بعد فوزه في قطرودبي والكويت لكنه حلّ ثانياً خلف القطري سعيد الهاجري. وكان بن سليم على موعد مع لقبه الاول عام 86، وبقي اللقب في حوزته في العام التالي الذي شارك خلاله ايضاً في 3 راليات اوروبية على متن سيارة فورد سييرا كروزورث فحل ثالثاً في كاتالونيا اسبانيا ورابعاً في بيانكي بلجيكا وخامساً في هاسبينغو بلجيكا ايضاً قبل ان يختتم عام 1987 بحلوله ثانياً في رالي المغرب الدولي. وبقي بن سليم مسيطراً على بطولة الشرق الاوسط، واحتفظ باللقب اعوام 88 و89 و90 وحقق انجازاً فريداً عام 91 عندما فاز بجميع مراحل راليات الشرق الاوسط واحرز اللقب للمرة السادسة، ثم ركز اهتماماته بعد ذلك على بطولة العالم وفاز برالي كاتالونيا ضمن المجموعة "ب" ومن بعده فاز برالي الارجنتين وحل ثالثاً في ترتيب بطولة العالم. وفي عام 1994 عاد بن سليم للمشاركة في بطولة الشرق الاوسط واثبت مجدداً انه ما زال الافضل بعد ان فاز بلقبه السابع، لكنه عاد في العام التالي الى بطولة العالم وشارك في خمسة راليات من دون ان يحقق نتائج لافتة باستثناء حصوله على المركزين الرابع في كورسيكا والسابع في السويد، ثم فاز بعد ذلك ببطولة الشرق الاوسط اعوام 96 و97 و98 و2000. دقّة قلب وعلى رغم كل السباقات التي خاضها البطل الاماراتي، الا ان الخوف يداهمه بمجرد ان يضع يده على مقود السيارة قبل كل منافسة: "على رغم خبرتي الطويلة ما زلت اشعر بالخوف والتوتر في كل مرة اجلس خلف المقود، احاول ألا اظهر ذلك خصوصاً عندما يزداد الضغط عليّ عند بدء كل سباق. تمنيت كثيراً ان اكون في موقع آخر في هذه اللحظة بالذات لكن ما باليد حيلة. عندما ارى اصابع مراقب الرالي تشير الى اقتراب لحظة الانطلاق تزداد دقات قلبي واشعر بآلام بالغة في معدتي، لكن المهم ان كل هذه المظاهر تتلاشى بعد الانطلاق مباشرة والدخول في اجواء السباق". مشاكل واكد بن سليم ان رياضة السيارات واجهت عربياً مشاكل عدة خصوصاً في بدايتها، وان جيل الرواد بذل جهداً كبيراً ليقنع الآخرين بأن ما يمارسه، على رغم خطورته، هو رياضة مُعترف بها عالمياً: "المشاكل كانت كثيرة، لكن الامور بدأت تسير في الاتجاه الصحيح والقاعدة العربية تزداد كل يوم والتطور واضح في الاماراتوقطر وعمان ولبنان والاردن وآمل بأن تلقى الرياضة اهتماماً اكبر في المغرب ومصر وسورية وان تنضم اليها راليات ضمن بطولة الشرق الاوسط". فورد واختتم بن سليم حديثه الى "الحياة" بالتأكيد على ان شركة "فورد" لصناعة السيارات ستطلق اسمه على أحد موديلاتها العام المقبل ليصبح صاحب اول اسم عربي يوضع على منتجات هذه الشركة العالمية الضخمة: "شرف كبير وفخر لي ولكل العرب ان يُطلق اسمي على احد طرازات سيارات فورد، وهو دليل دامغ على القناعة بكفاءتي وقدراتي… ولا يسعني هنا إلا ان أشكر المسؤولين عن الشركة لاهتمامهم البالغ بي وتوفير كل متطلبات السباقات التي اخوضها حالياً على متن فورد فوكوس وورلد رالي كار، ويكفي انني العربي الوحيد والثالث في العالم الذي يقود هذا النوع من السيارات الثمينة والباهظة التكاليف".