سجلت الحكومة الاسرائيلية خطياً اعتزامها الانسحاب الكامل من جنوبلبنان طبقاً للقرارين 425 و426 قبل نهاية تموز يوليو في رسالة رسمية الى الأمين العام للامم المتحدة كان من المتوقع ان يتسلمها كوفي انان امس الأحد، أو اليوم الاثنين في أقصى موعد. واستعدت الامانة العامة لاتخاذ الخطوات اللاحقة لتسلم الرسالة، وأولها ابلاغ الحكومة اللبنانية رسمياً بنصها، ثم احاطة الحكومة السورية والحكومات الاخرى المعنية بالملف اللبناني بفحواها، ثم التوجه اليوم الاثنين الى مجلس الأمن لإبلاغه التطورات مع بدء الاستعدادات العملية لوضع خطط تنفيذ القرارين 425 و426. وأوضحت الحكومة الاسرائيلية في رسالتها أنها تعتزم التنفيذ التام للقرارين بلا شروط، كما تعهدت بالتعاون الكلي مع الاممالمتحدة. وتشكل الرسالة أول ابلاغ رسمي من الحكومة الاسرائيلية الى الاممالمتحدة باعتزامها تطبيق القرارين 425 و426 اللذين رفضتهما لمدة 22 سنة. ويدعو القرار 425 اسرائيل الى الانسحاب الكامل غير المشروط الى الحدود الدولية. وتقوم الاممالمتحدة بموجبه بتأكيد الانسحاب ثم مساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة بسط سلطتها في الجنوباللبناني. ويضع القرار 426 آلية تنفيذ القرار 425، التي تتطلب قيام الاممالمتحدة بدور أمني مهم ومعقد يتطلب تعاون الأطراف المعنية. وتتوقع الاممالمتحدة تعاون الحكومة اللبنانية التي طالبت اسرائيل لمدة 22 سنة بتنفيذ القرار 425. وحرص الأمين العام كوفي انان على انتظار الرسالة الرسمية بالتعهدات الشفوية الاسرائيلية بالانسحاب الكامل طبقاً للقرار 425 بلا شروط ودفعة واحدة قبل نهاية تموز يوليو. كما أوضح ان على الاممالمتحدة مسؤوليات وواجبات والتزامات امام موافقة اسرائيل على تنفيذ قرارات مجلس الأمن. ولعب انان دوراً ديبلوماسياً بمساعدة دول عدة، كان هدفه لفت اسرائيل الى صعوبة تحرك الاممالمتحدة بلا رسالة رسمية أو برسالة تتضمن تحايلاً على القرار 425 أو تتسم بلغة الانذار والتهديد. ونشطت الولاياتالمتحدة في دور مباشر مع الحكومة الاسرائيلية ومع الاممالمتحدة للمساعدة في تحقيق انسحاب اسرائيلي نظيف لئلا تقع اخطاء تستفز لبنان وسورية وتؤدي الى اندلاع الصراع. كما لعبت فرنسا دوراً مع لبنان وسورية بهدف الحض على التعاون مع الاممالمتحدة في حال دونت اسرائيل خطياً التزامها التنفيذ الكامل للقرارين 425 و426. وكانت فرنسا اعربت عن استعدادها لتعزيز مساهمتها في القوات الموقتة في جنوبلبنان يونيفيل في اطار اتفاق سلام. وليس واضحاً ان كانت تعتزم تعزيز مساهمتها بالقوات الاضافية الضرورية في اطار تنفيذ 425 و426، الا ان المؤشرات تفيد ان مثل هذا الاستعداد رهن المواقف اللبنانية والسورية من الرسالة الاسرائيلية. وتحتاج الاممالمتحدة الى تعزيز عدد قوات "يونيفيل" لتقوم بمهمات التحقق من الانسحاب الاسرائيلي، مما قد يتطلب اصدار مجلس الأمن قراراً تقنياً محدوداً في موضوع "يونيفيل" وتعزيزها وصلاحياتها. وترى الأمانة العامة ان الانسحاب الاسرائيلي، كي يكون كاملاً، يجب ان يشمل انسحاب قوات "جيش لبنانالجنوبي" ومعداته. وهي تعتبر مصير هذا الجيش مسؤولية اسرائيلية. كذلك ترى ان مصير قوات المقاومة اللبنانية، وعلى رأسها حزب الله، من مسؤولية الحكومة اللبنانية علماً بأن مهمات الاممالمتحدة هي مساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة سلطتها في كامل انحاء الجنوب. وتحرص الأمانة العامة على اتصالات مستمرة في شأن الملف اللبناني مع الحكومة السورية. ومن المتوقع ان تسلم نص الرسالة الاسرائيلية الى الحكومة السورية فور تسليمها أولاً الى الحكومة اللبنانية. ونظراً الى رفض الحكومتين اللبنانية والسورية بحث اي ضمانات أمنية ترافق الانسحاب الاسرائيلي، أو عقد لقاءات عسكرية لبنانية - اسرائيلية للاتفاق على خطط تنفيذ الانسحاب وفقاً للقرار 425، تجد الأمانة العامة للامم المتحدة نفسها في موقف حساس لأن عليها تنفيذ مسؤولياتها بموجب القرار. لذلك فهي تتحرك بمنتهى الحذر وبتنسيق كامل مع مجلس الأمن كي تقوم بالمهمات الموكلة اليها في القرارين 425 و426 بما لا يعرض قوات "يونيفيل" الى الاخطار، علماً بأن هذه القوات دولية تساهم فيها الدول بغية حفظ السلام. وعلى رغم ان كوفي انان أوضح انه يعتبر الانسحاب الاسرائيلي في اطار اتفاق سلام واسع يضم سورية ولبنان هو الخيار "المثالي"، الا انه يعتبر انسحاب اسرائيل بتنفيذ دقيق وكامل للقرار 425 متماشياً مع ما طالبت به الاممالمتحدة لعقدين، اذ ان في ذلك عودة دولة عن عصيان قرار لمجلس الأمن والرضوخ له في نهاية المطاف. فأول خطوة للحكومة الاسرائيلية كانت الإبلاغ الشفوي بما تعتزمه، لكن انان تمسك بضرورة الإبلاغ الخطي الرسمي. وهذا ما تحقق في الخطوة الثانية. أما الخطوة الثالثة فتتمثل في ابلاغ جميع المعنيين بالموقف الاسرائيلي الرسمي ووضع الترتيبات العملية لانسحاب اسرائيلي، بموجب القرارين 425 و426، الى الحدود الدولية. لجنة "تفاهم نيسان" وفي بيروت قال رئيس الحكومة اللبنانية وزير الخارجية سليم الحص أن اشتراط إسرائيل وقف عمليات "حزب الله" أسبوعين على الأقل، لمعاودة مشاركتها في اجتماعات لجنة المراقبة المنبثقة من تفاهم نيسان ابريل، "يعني أنها لا تريد استمرار التفاهم وتسعى الى اطاحته". وكان ناطق باسم الجيش الإسرائيلي ا ف ب أعلن أمس "أن إسرائيل اشترطت أن يوقف مقاتلو حزب الله هجماتهم في جنوبلبنان اسبوعين على الأقل حتى تعود الى المشاركة في اجتماعات لجنة تفاهم نيسان". وقال الناطق: "إذا لم يطرأ تحسن واضح ميدانياً، فإن الوضع الراهن للجنة سيستمر"، علماً بأن اللجنة لم تعقد أي اجتماع منذ 11 شباط فبراير الماضي بسبب تعليق إسرائيل مشاركتها فيها، بعد مقتل أحد جنودها في عملية نفذها "حزب الله". وأكد وزير السياحة الإسرائيلي رئيس الاركان السابق امنون شاحاك للإذاعة الإسرائيلية "ان تعليق أعمال اللجنة يعزى جزئياً الى ان الطرف السوري الذي اتاح في وقت سابق تجنب اندلاع العنف، لم يعد في مصلحته ممارسة نفوذه لتعديل الوضع خلال المرحلة الأخيرة". وفي المقابل رفض الرئيس الحص الشروط الإسرائيلية لمعاودة لجنة المراقبة اجتماعاتها. وقال ل "الحياة" إن "اشتراط وقف العمليات أمر مرفوض وغير قابل للتفاوض"، مؤكداً "أن تفاهم نيسان يشرع مقاومة إسرائيل ما دامت محتلة جزءاً من أرضنا في جنوبلبنان والبقاع الغربي". وجدد تمسك لبنان بتفاهم نيسان. وقال "إن خمسة أطراف يشاركون فيه، ولا يجوز لإسرائيل وحدها أن تقرر مصيره". وقال "إن لبنان لم يتبلغ من رئيس لجنة المراقبة الفرنسي جوزف رابان ولا من نائبه الأميركي ريتشارد اردمان أي موقف من إسرائيل في شأن استئناف اجتماعات اللجنة". وكشف أنهما أبلغاه قبل مدة "أنهما على وشك تحديد موعد لاجتماع اللجنة"، مشيراً الى أنه "لم يتلق منهما أي جديد".