يجمع المسؤولون اللبنانيون على القول ان العرض الاسرائيلي بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425، على أساس التفاوض على ترتيبات أمنية، مناورة هدفها أبعد من الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب والسعي الى قطف أثمان مسبقة له، بينما يرى بعض من خَبِر الاسرائيليين في حالات تفاوض سابقة انهم لن ينسحبوا الآن، مقابل أي ثمن بل يلعبون لعبة سياسية - اعلامية توحي بجديتهم، لاحراج لبنان وسورية تحت عنوان الايحاء انهم قدموا تنازلاً فقبلوا بالقرار. وإذ يدور السجال اعلامياً بين التسريبات والتصريحات الاسرائيلية والمواقف اللبنانية، على حجج عدة فأن الشكوك اللبنانية بالنيات الإسرائيلية تشمل مجموعة من الأفكار الاسرائيلية المعلنة والمسربة، لكن أبرزها وأكثرها جوهرية هو مطلب تل أبيب بالضمانات الأمنية. وإذ تنشر "الحياة" ما أمكن تجميعه عن الموقف اللبناني حيال هذه القضية، فأن هذا الموقف يتلخص بالمعادلة الآتية: "نحن لا نرفض عرض اسرائيل بالانسحاب لكننا لا نعطيها ضمانات". وبعدما يشكك جميع المسؤولين اللبنانيين بجدية العرض الاسرائيلي يعبرون عن الموقف الرافض للضمانات وبحث ترتيبات أمنية مع اسرائيل كالآتي: - رئيس الجمهورية الياس الهراوي يقول ان نص القرار 425 لا ينص على تفاوض. فلتنسحب اسرائيل وأنا أعلنتها مراراً ان الجيش ينتشر ويقوم بمهمة ضبط الأمن على الحدود. وبهذا الموقف يعتقد الهراوي انه يمكن تجنب البحث بترتيبات مع اسرائيل. - رئيس المجلس النيابي نبيه بري يذهب الى اكثر من ذلك فيقول: اذا كانت اسرائيل تريد عبر التفاوض على ترتيبات وصولاً الى ضمانات، جرنا الى مضمون اتفاق سلام فما نفع القرار 425 الذي تدعي انها تعترف به الآن بعدما عرقلته عشرين سنة. ونحن نصر على ان لا علاقة له بعملية السلام التي تستند الى القرارين 242 و338؟ ويذهب بري في معرض رفض التفاوض اللبناني - الاسرائيلي ان القرار 426 ينص على تفاوض الأممالمتحدة مع لبنان لوحده واسرائيل لوحدها على ترتيبات، بل ان البعض ينقل عن بري قوله ان مفهوم الترتيبات التي يفترض ان تقوم بها الأممالمتحدة بالتفاوض مع كل من الطرفين يفترض ايضاً ان تتم على جانبي الحدود بين البلدين ما يوحي بإمكان انتشار قوات الطوارىء داخل الحدود الاسرائيلية ايضاً. - رئيس الحكومة رفيق الحريري يعتبر ان الترحيب بالانسحاب الاسرائيلي اذا حصل لا يعني في أي شكل اعطاء ضمانات لاسرائيل، فالضمانات سياسية لا أمنية وهي تأتي عبر اتفاق السلام الذي يختلف عنه القرار 425، وما دام السلام لم يحصل فليس من أحد مستعد لاعطاء ضمانات، اذ لو حصل حادث أمني ما بعد انسحاب اسرائيل فستضع اللوم علينا لتبرر لنفسها أي عدوان. وهي سبق ان حاولت اتهام لبنان بأن تفجيرات حصلت في غزة قام بها اناس انطلقوا من لبنان. لذلك لن نسمح بجرنا الى هذا المنزلق. وفي حرب التفسيرات بين اسرائيل والمسؤولين اللبنانيين يقول مصدر لبناني مسؤول ان المفهوم الاسرائيلي للقرار، الذي يصر على ترتيبات أمنية بين البلدين يعني المعادلة الآتية: القرار 425 زائد الترتيبات والضمانات الأمنية في ظل تعثر عملية السلام الشاملة على كل المسارات يساوي وقف العمليات العسكرية ضد اسرائيل وتكريس الأمر الواقع الاقليمي مع ما يعنيه من استمرار وجود 400 ألف فلسطيني في لبنان" أي التوطين. أكد وزير الخارجية اللبنانية فارس بويز ل "الحياة" ان قرار مجلس الامن الدولي الرقم 425 لا يفترض التفاوض مع اسرائىل على تنفيذه. وقال: "إن أي دخول في الشروط الاسرائيلية لتطبيقه يجرّنا الى تعطيل القرار والإقرار بضرورة تغييره وهذا ما لا نقبله". وأجرت "الحياة" حواراً مع بويز عن العروض الاسرائيلية في القرار الرقم 425 على النحو الآتي: الخلاف على التفسيرين الاسرائيلي واللبناني للقرار 425 يعزوه الاسرائيليون الى ان لبنان يخضع لضغوط سورية حتى لا يقبل التنفيذ لأن دمشق تربط بين الانسحاب من الجنوب والانسحاب من الجولان. - قبل التحدث عن أي ضغط، هناك لغط كبير لدى بعض الرأي العام الذي يعتقد ان اسرائيل عرضت على لبنان تنفيذ القرار 425، وكأن لبنان رفض ذلك. وهذا خطأ شائع وواضح بالنسبة الينا. ان القرار 425 نص على انسحاب اسرائىلي فوري ومن دون تباطؤ من كل الاراضي اللبنانيةالمحتلة ولم يأت على ذكر اي شرط للانسحاب، فيما تصريحات نتانياهو وموردخاي التي أتى البعض منطلقاً منها جاء فيها ان اسرائىل مستعدة لتنفيذ القرار 425، فيما لو قررت الحكومة اللبنانية اعطاءها ضمانات وترتيبات. وقال موردخاي اكثر من ذلك حين اضاف الى الضمانات والترتيبات كمية من الشروط منها حل موضوع ميليشيا لحد "جيش لبنان الجنوبي"، ومنها ضبط ل "حزب الله" والمقاومة. ومن هنا نحن لسنا امام القرار 425، بل امام قرار اسرائيلي يزيّف ويغيّر ويزوّر القرار 425 لأنه يضيف شروطاً عليه غير موجودة اصلاً فيه. ومن هنا فان ما يعرض علينا مختلف تماماً عن القرار 425. بالنسبة الينا القرار 425 هو حكم صادر عن محكمة هي اعلى محكمة دولية، اي مجلس الامن. وتنفيذ حكم كهذا الزامي لا يجوز ان تتم مفاوضة مع المحكمة على تنفيذ جزء منه او تعديل مفاعيله، فلا نتصور احداً امام حكم، يذهب الى المحكمة ويقول لها قد اوافق على تنفيذه. ثم ان اسرائىل تدعونا الى التفاوض على هذا القرار بينما كان الامين العام للامم المتحدة استدركه حين صدوره في تقرير تفصيلي من اربع صفحات يقول كيف ينفّذ هذا القرار عبر انشاء قوة دولية وكيف يتم الانسحاب وتتسلم القوات الدولية التي تسلّم بعدها الدولة اللبنانية. وعرض هذا التقرير على مجلس الامن الذي صدقه في القرار الرقم 426. ومن هنا فإن هذا القرار يشكل بالنسبة الى القرار 425 الآلة التنفيذية التي لا تحتاج ابداً الى أي تفاوض. إسرائىل تحاول اللعب على الكلمات في موضوع التفسيرات. وقد جاء في الفقرة الاخيرة من تقرير الامين العام: بغية تنفيذ الانسحاب الاسرائيلي والقرار 425 من دون تباطؤ تضع الاممالمتحدة ترتيبات للانسحاب من دون سواه. وهي لا يمكن ان تعني بأي معنى ترتيبات امنية مستقبلية. ثم انها تقوم بين الاممالمتحدة واسرائىل والاممالمتحدةولبنان لا بين لبنان واسرائىل، بمعنى ان تأتي تنفيذاً للانسحاب فتبلغ اسرائىل مثلاً تاريخ الانسحاب وتوقيته الى الأممالمتحدة، كي يتسنى لها اتخاذ التدابير اللازمة. وتبلغ الاممالمتحدة الى لبنان انها ستخلي موقعاً معيناً مسلّمة اياه للدولة اللبنانية. لا اكثر ولا اقل. فمن هنا لا توجد تفسيرات. فالقرار 425 واضح في عدم طرحه اي شروط وأي مكاسب بالنسبة الى اسرائىل. والقرار 426 الذي يتضمن تقرير الامين العام هو قرار مفصل تطبيقي تنفيذي عسكري ليس في حاجة اطلاقاً الى اي تفسير وآلية تنفيذية كونه في ذاته يشكل الآلية المطلوبة. بالنسبة الينا اذا ارادت اسرائيل تنفيذ القرار وملحقه فنحن نرحب بذلك وهذا لا يفرض علينا اي شرط. اما اذا كانت تحاول ان تجرّنا الى مفاوضات بغية التوصل الى ما تسميه ترتيبات وضمانات وغير ذلك فنحن غير مستعدين للدخول في مغامرة كهذه لاسباب عدة، اولها ان مجرد ان نقبل بالجلوس الى طاولة للبحث في مضمون هذه القرارات كأننا نكون أقررنا باسقاط حقنا، ونكون فتحنا الباب امام تفسيرات جديدة لهذه القرارات قد لا تكون بالوضوح نفسه وليست في مصلحتنا. ثانياً ان الدخول في دهاليز ما يسمى الترتيبات، وهي عبارة غامضة ومطاطة جداً قد يأخذنا الى ما اخذت اليه سورية وقضت سنتين في مفاوضة عناصر الترتيبات حتى توصلت الى مبدأ الترتيبات المتوازنة المتناسبة والمتلازمة. وضعنا مختلف تماماً. فاذا كان القرار 242 يفترض مفاوضات بين العرب واسرائيل توصلاً الى اهداف سياسية وأمنية فان القرار 425 واضح وصريح ولا يفترض اطلاق مفاوضات لتطبيقه. ولا يعطي اسرائىل اي مكاسب وشروط. وأي مجازفة دخول في تلك الشروط تجرّنا الى تعطيل القرار والاقرار بضرورة تغييره في شكل او في آخر. وهذا ما لا نقبله. مع تصاعد ازمة العراق تردد ان الاندفاعة الاسرائىلية الاميركية لتنفيذ ال425 ستشهد خطوات عملية بالتزامن مع الحرب او بعدها. هل كانت لديكم معلومات عن ذلك وهل تتوقعون تجديداً للعروض الاسرائيلية على التنفيذ بعد تراجع خيار الحرب في العراق؟ - كنا نخشى ان يكون احد اهداف الحرب ضد العراق تغيير المعادلة الاقليمية بغية فرض سلام يختلف عن سلام مدريد اي سلام نتانياهو اي السلام المختل. ومن هنا لا علاقة لهذا الامر بالقرار 425. بمعنى آخر، فمن ضمن اهداف الحرب التي كانت تدبّر، وقد يكون الهدف الاساسي، القيام بضربة تحدث جواً من الذعر والاحباط يحاول الدفع بعدها الى قبول سلام مختلف كما يفرضه نتانياهو. من هنا نحن ندرك ان احد اهداف هذه الضربة الاساسية قد لا يكون العراق وقد لا تكون قضية مراقبة الاسلحة وتنفيذ قرارات الاممالمتحدة بمقدار ما هو محاولة لتغيير المعادلة، اما سياسياً واما حتى جغرافياً. ومن هنا كان الحذر والقلق من امكان حصول هذه الحرب التي كانت ادخلت المنطقة وفاعلي هذه الحرب في المجهول، لا بل في فوضى كان يصعب على الكثيرين منهم ضبطها او مواكبتها. ما هو امكان ان تتجدد العروض بعد تراجع خيار الحرب، في ظل الحديث عن احتمال توجه كوفي أنان، بعد انتهاء مهمته في العراق، إلى المنطقة ليحمل عروضاً ما لتنفيذ القرار 425؟ - حتى هذه الساعة لم نبلغ اطلاقاً لا من الولاياتالمتحدة ولا من الامين العام اي طرح من اجل تنفيذ القرار 425 في وضوح. وقد يحمل الامين العام طرحاً كهذا، عندها حتماً سنرحّب به، اذا كان فعلاً محترماً جوهر القرار 425 ونصّه. اما اذا كان الامين العام سيحمل تفسيرات اسرائيلية او اجتهادات اسرائىلية في شأن هذا القرار تختلف عن مضمونه، فاننا حتماً سنبرز له النصوص. ونعتقد ان الامين العام ملزم دقة النصوص وروحية القرار. الاسرائىليون يقولون، على رغم قولكم وقول جميع الرسميين اللبنانيين انهم لم يتلقوا عرضاً رسمياً، انهم بعثوا برسالة الى الامين العام للأمم المتحدة لمناسبة التجديد لقوات الطوارئ الدولية في الجنوب يبدون فيها استعدادهم لتنفيذ القرار 425، فهل ردّ لبنان على هذه الرسالة؟ - لبنان لم يتلقاها اصلاً ليردّ عليها. اساساً تقولون ان هذه الرسالة ارسلت الى الامين العام لا الى لبنان، ونحن لم نتلقاها. اما الجواب فنحن نعتبر ان تعاطينا في هذا الموضوع هو مع الاممالمتحدة، لا مع اسرائىل، في ما يتعلق بالقرار 425 وملحقاته. ومن المتوقع او من المفترض ان تتولى الاممالمتحدة ومجلس الامن فعلاً عملية انسحاب اسرائىل من الجنوب اي ان تتولى القوات الدولية تسلم الارض الجنوبية المحررة واعادة تسليمها في ما بعد الى الدولة اللبنانية. ومن هنا من غير المفترض ان يكون لنا ولإسرائىل علاقة مباشرة بهذا الامر، وعلى اسرائيل ان تسلم القوات الدولية، وعلينا ان نتسلم من القوات الدولية. وإعفاء القوات الدولية او الامانة العامة او الأممالمتحدة من هذا الموجب الذي ورد في هذه النصوص هو مخالفة للقرار 425، علينا ان نلتزم حذافير هذا القرار التي تفترض آلية من الاممالمتحدة، باشرتها عبر تكوين القوات الدولية، وتتولى هذه الآلية عملية التسليم والتسلم. تقولون ان لبنان لم يتلقَ اي عرض ايضاً من الولاياتالمتحدة؟ أليست الاسئلة الاميركية الدائمة، خصوصاً في المدة الاخيرة، عن مقدرة الجيش على ضبط أمن الجنوب، وعن بعض الامور المتعلقة بتطبيق القرار 425، تأييداً غير مباشر للعرض الاسرائيلي؟ - لا يمكننا ان نأخذ على محمل الجد افكاراً مشرذمة وافكاراً ظرفية وافكاراً متقطعة، ونعتبرها عرضاً متماسكاً وجدياً. بالنسبة الينا، لم تقل لنا يوماً الولاياتالمتحدة ان اسرائيل على استعداد لتنفيذ القرار 425 بحذافيره. طبعاً نقلوا الينا استعدادات لتنفيذ القرار 425 مشوهاً او معدلاً، او نقلوا الينا رغبات في أن تتم مفاوضة جديدة على هذا القرار، رفضناها لأن بالنسبة الينا لا التفسير ولا الاجتهاد ولا المفاوضة مطروحة ما دام هذا القرار في ذاته واضحاً وآليته محددة في الملحقات التي هي تقرير الأمين العام والقرار 426. فاذا عنيتم بسؤالكم: هل عرض علينا القرار 425 قانونياً وبدقة ووضوح، فالجواب لا، ولا في اي لحظة. قدّمت الينا عروض اخرى، نعتبرها تشويهاً لهذا القرار ومختلفة عنه. منذ سنوات وهناك لفّ ودوران حول عروض من هذا النوع. هل الافكار التي نقلها الفرنسيون ومنها تشكيل قوة دولية تشارك فيها في شكل رئىسي القوات الفرنسية، من ضمن هذه العروض؟ - يجب ان نتكلم دائماً بدقة على هذا الموضوع. هذا عرض قدّمه الرئىس شيراك عندما زار لبنان قائلاً ان فرنسا ستكون مستعدة اذا طلب منها كل الأفرقاء في النزاع، ان تتدخل بقوة ما من ضمن المجموعة الدولية او على هامشها لتنفيذ القرار 425، فلا تنفيذ القرار 425 وارد الآن لدى اسرائيل ولا طُلب من فرنسا دور كهذا. هل استخدم الاسرائيليون لجنة المراقبة لطرح عروضهم لتطبيق ال425؟ - طبعاً في كل المناسبات سعت اسرائيل الى تحويل مهمات اللجنة من المهمة الموكلة اليها بناء على التفويض الواضح المنبثق من "تفاهم نيسان"، ومن ثم من التفاهم الذي حصل بعده، فحاولت تعديل مهمتها عبر ايحاءات، كي تتحول من لجنة مراقبة الى نوع من لجنة تشرف على الية لحل ما في الجنوب. وبالنسبة الينا التزمنا حذافير التفويض ومهمة اللجنة كما وردا في نصوص الاتفاق والتفاهم. لذلك نحن نعتبر ان كل حال لها آليتها، ولجنة المراقبة لها هدف ومهمة نصت عليهما هذه الاوراق. والقرار 425 له آليته واتفاق السلام له آليته، وهي مدريد. وعملية الخلط او تحويل كل هذه الآليات والدمج بينها لا تهدف إلا الى اشاعة حال غموض وفوضى تدخلنا في المجهول. فاذا ارادت اسرائيل دخول السلام الشامل فهناك آلية اسمها مدريد، فلتعد اليها، مع كل مستلزماتها. واذا ارادت الانسحاب في معزل عن اتفاق سلام، فعندها آلية اسمها القرار 425، فلتعد اليها. واذا ارادت الامتثال لأعمال لجنة المراقبة، فهناك آلية منبثقة من تفاهم نيسان ابريل. يتحدث الاسرائيليون عن ضمانات لأمنهم في حال الانسحاب من الجنوب وهذا ما يبررون به دعوتهم الى التفاوض على هذا الانسحاب؟ - ما تخفيه كلمة ضمانات وترتيبات شروط اسرائيلية حقيقية، ومكاسب تحاول اسرائيل ان تنتزعها منا، إضافة الى ان الدخول في اي مفاوضة حقيقية او ترتيبات او ضمانات امر يتناقض مع جوهر الامور ونص القرارات الدولية التي لم تأتِ على ذكر ذلك. فاسرائىل تحاول ان تدخلنا، كخطوة اولى، الى مبدأ الاقرار بهذه الضمانات والترتيبات، كي نجلس الى طاولة المفاوضات. وحين نجلس ستتذرع باننا اسقطنا حقنا في القرار 425 واعترفنا بضرورة تطويره او تعديله في شكل او آخر، ونكون دخلنا في المجهول، وخسرنا في الوقت نفسه نص القرار 425 وإلزاميته. مَن يضمن ومَن يمكنه ان يستقرئ الى اين سنصل بكلمة ترتيبات وضمانات؟ ومَن يضمن ان اسرائيل لن تحاول اخذنا الى 17 ايار مايو جديد، فنبدأ بنقاط تمركز ومراقبة، ومن ثم حماية لهذه النقاط ومن ثم طرق تموين لهذه النقاط، مروراً في ما بعد بتجهيزات لهذه النقاط، ومروراً بدور لميليشيا لحد وبضمانات لها وبدور فعلي لها وصولاً الى قمع القوى والاحزاب المعارضة لاسرائيل، وصولاً الى قمع الحريات والدخول في النظام اللبناني والاعلام اللبناني في ما يتعلق بضمان عدم استفزاز اسرائيل او ما اشبه ذلك؟ مَن يعلم ومَن يدري بدهاليز كلمة ترتيبات وضمانات؟ وماذا تعني في المفهوم الاسرائيلي؟ هذا اذا سلمنا فعلاً بضرورة خرق قانونية القرار او شكله القانوني. وأريد ان اختم هذا الكلام بالقول، لو نجحت اسرائىل عبر احتلالها الجنوب في ان تؤمّن لنفسها امناً واستقراراً لكان ربما من المنطق ان تحاول الحصول على مكاسب في مقابل هذا الموقع، اما اذا اجرت اسرائىل تقويماً فعلياً لوضعها في الجنوب، فستكتشف ان الاحتلال اصبح مكلفاً اضعاف ما كانت الحال عليه قبله. من هنا فان هذا الاحتلال سلعة ساقطة لم تعط اسرائيل لا امناً ولا استقراراً بل اعطتها مستنقعاً وفيتناماً. ولا نعتقد اطلاقاً ان مصلحة اسرائىل حتى تقضي بأن تحاول ابدال هذه المشكلة بمحاولات الحصول على مكاسب فأفضل ما يمكن اسرائيل ان تقوم به ان تنسحب تطبيقاً لهذا القرار، وألا تضع شروطاً تعجيزية لأن حال الاحتلال اكثر كلفة من اللاإحتلال.