تباينت ردود فعل وسائل الاعلام الاسرائيلية امس على فرص نجاح قمة الرئيس بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك غداً الثلثاء في واشنطن. وتراوحت بين تشكيك وتفاؤل. واستند بعض المعلقين الى الاقتراح الذي قدمه، عبر "الحياة" أول من أمس السبت الكاتب البريطاني باتريك سيل لتسوية الخلاف بين سورية واسرائيل على بحيرة طبريا، اضافة الى الطابع المتعجّل للدعوة التي وجهتها واشنطن الى باراك، للتوصل الى استنتاج مفاده ان الهدف الحقيقي من القمة المفاجئة هو بذل مسعى "ما بعد الفرصة الاخيرة" لاحياء المفاوضات السورية - الاسرائيلية. وكان سيل اقترح ان تحتفظ اسرائيل بالسيادة على بحيرة طبريا فيما تكون لسورية السيادة على خط الشاطىء الشمالي الشرقي، وأن تقام منطقة سياحية مشتركة شمال شرق البحيرة، وان يشكل البلدان لجنة للمياه تكون مهمتها الاتفاق على نظام مائي للجولان وادارته على نحو يضمن مصالح الدول الواقعة في اعالي النهر وفي اتجاه مجراه. وكتب شيمون شيفر في صحيفة "يديعوت احرنوت" ان البيت الابيض ومكتب باراك اتفقا على عقد الاجتماع الجمعة الماضي، لكنهما قررا تأخير إعلانه حتى ليل السبت. واشار الى ان الزعيمين "سيدرسان حلولاً جديدة للخلاف الرئيسي مع السوريين: السيطرة على حوض بحيرة طبريا". واضاف ان الحل الذي طرحه باتريك سيل "لم يثر دهشة مستشاري باراك. فهم يدعون بان هذه الافكار اُثيرها أخيراً الرئىس المصري مبارك ومستشارو كلينتون". واعتبر شيفر في مقاله الذي حمل عنوان "الفرصة ما بعد الفرصة الاخيرة"، ان من بين الاسباب الاخرى وراء الدعوة المتعجلة احساس واشنطن بأن باراك بحاجة ماسة الى إحراز نجاحات في عملية السلام، اذ تتابع بقلق استمرار التراجع في شعبيته كما تظهر نتائج استطلاعات الرأي. وفي مقال تحت عنوان "الجثة بدأت تتحرك"، كتب المعلق هيمي شاليف في صحيفة "معاريف" ان موت عملية السلام مع سورية كاد يُعلن رسمياً، وفي تلك اللحظة "في خضم التأبين، تماماً مثلما يحدث في الافلام، بدأت الجثة تتحرك". واضاف: "ان الاقتراح الذي قدمه باتريك سيل في "الحياة" لا يحل قضية بحيرة طبريا، لكنه يُدخل نغمة جديدة. والنغمة، كما ندرك جميعاً، تصنع الموسيقى. فاذا كانت تصريحات سيل تعكس موقف دمشق، واذا كان السوريون يبذلون مسعى اخيراً للتوصل الى حل خلاق، واذا كانوا يستخدمون مفاهيم مثل التعاون والابواب المفتوحة، فان هذا علامة على ان دمشق تريد أن تضع قدمها، على أدنى حد، في فتحة الباب قبل ان يوصد". وانطلق شاليف في تحليله لموقف السوريين من انهم، مثل الاسرائيليين، لا ينظرون بارتياح الى احتمال انسحاب اسرائيلي احادي الجانب من لبنان. "فهم ايضاً يجدون انفسهم على حافة الهاوية ... اذ يمثل الانسحاب الاحادي الجانب مقامرة خطرة لكلا الطرفين، ومدخلاً الى عهد من الغموض وعدم الاستقرار". وقالت صحيفة "معاريف" في تقرير بعنوان "الحل الوسط: اسرائيل تحصل على بحيرة طبريا وسورية تحصل على الشاطىء"، ان باراك وكلينتون سيناقشان "الاقتراحات السورية الجديدة التي سلمت للتو في واشنطن، ومن ضمنها اقتراح جديد بحل وسط نشره امس السبت الصحافي باتريك سيل الذي يُعرف بأنه مقرب من حافظ الاسد. وحسب اقتراح سيل فان بحيرة طبريا ستبقى تحت السيادة الاسرائيلية لكن الحدود تمر بمحاذاة خط الشاطىء تماماً". ونقلت الصحيفة عن سيل قوله اول من امس ان "هذا الاقتراح ليس مبادرة سورية جديدة، كما لم اجر مشاورات في دمشق قبل ان انشره". لكنه أقر بأن افكاراً جديدة تتعلق بتحويل الشاطىء الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا منطقة سياحية اسرائيلية سورية مشتركة هي قيد النقاش فعلاً منذ وقت غير قصير، خصوصاً وسط مسؤولين اوروبين". واوضح ان "الاوروبيين يميلون الى الفكرة لأنها تعطيهم دوراً يلعبونه ومشاركة بصفة شرطة مدنية للمنطقة المعنية". واشارت "معاريف" الى ان سورية، استناداً إلى ما قاله سيل، لا تطالب بالسيادة على بحيرة طبريا بل فقط على الاراضي المؤدية الى شاطىء البحيرة. واعتبر سيل ان "المسافة بين الاسد وباراك صغيرة جداً وسيكون شيئاً مأسوياً اذا لم يتم التوصل الى اتفاق بين البلدين بسبب بضع مئات من الامتار". واضاف "آمل ان يتفحص الطرفان بعناية الاقتراح الذي قدمته ولا يسارعان الى رفضه". وافادت "معاريف" ان "مسؤولين في القدس يخشون من احتمال ان يسعى كلينتون الى الضغط على باراك للقبول بالاقتراح الجديد". لكنها قالت ان آخرين "من الحلقة الضيقة المحيطة بباراك" عبّروا عن تفاؤل حذر في ضوء الجو الجديد وروحية ما صدر من تصريحات. "فالسوريون يتحدثون، للمرة الاولى، عن السلام بطريقة كنا نريدها، بما في ذلك مناطق سياحية وحدائق مشتركة، وغير ذلك".