أظهر استطلاع للرأي العام الاسرائيلي دعم غالبية اليهود مطالبة اليمين ب "غالبية يهودية" في الاستفتاء "الشعبي" على اتفاق سلام مع سورية يتضمن انسحاباً من هضبة الجولان المحتل. لذا لفتت مؤسسات حقوقية الى ان هذا التوجه يعكس مدى "تجذر" العنصرية في اسرائيل ضد المواطنين العرب. وفي الاستطلاع الذي اجراه معهد "غالوب"، مساء الاربعاء الماضي، أي يوم تمرير اقتراح قانون في الكنيست الاسرائيلية يلزم الحكومة بالحصول على موافقة غالبية "اصحاب حق الاقتراع" في الاستفتاء وليس غالبية تضم "المشاركين فعلياً في الاقتراع"، قال 62 في المئة ممن استطلعت آراؤهم أن "الغالبية التي يجب أن تحسم في الاستفتاء هي غالبية يهودية" فيما أيد 32 في المئة فقط أن تحسم النتيجة "غالبية عادية" تضم العرب ولم يبد ستة في المئة رأياً حاسماً. وأظهرت نتائج الاستطلاع في الوقت نفسه أن 48 في المئة يؤيدون تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي دافيد ليفي بشأن لبنان وخطابه "الطفل بالطفل" فيما عارض 45 في المئة. وأكد مدير مؤسسة "عدالة" التي تعني بحقوق الاقلية العربية في اسرائيل، المحامي حسن جبارين، خطورة المؤشرات التي واكبت عملية طرح اقتراح القانون الذي تقدم به حزب ليكود اليميني وانعكاساته على نظرة اسرائيل الى العرب الفلسطينيين المواطنين فيها. وقال جبارين ل "الحياة" أن مؤسسته بالتعاون، مع مؤسسات حقوقية أخرى، ستشن "حملة عالمية ضد العنصرية الاسرائيلية التي لا تقتصر على حزب أو فئة محددة، بل تتعداها الى غالبية اليهود في اسرائيل". وستسغل الحركة في حملتها ما طرحته اسرائيل في حملتها ضد الزعيم النمسوي العنصري يورغ هايدر للتدليل على العنصرية التي تمارسها اسرائيل ذاتها ضد 20 في المئة من المواطنين العرب، وهي ستثير القضية لدى البرلمان الاوروبي والكونغرس الاميركي. واوضح أن هذه الحملة ليست دفاعاً عن اتفاق محتمل مع سورية بل "لأن العنصرية تضع العرب في وضع متدنٍ". واذا اقرّ القانون الجديد بالقراءة الثالثة النهائية فإن الغالبية الخاصة التي يعنيها يمكن ان تشمل يهوداً امواتاً أو موجودين في الخارج وجميع الذين لا يستطيعون الاقتراع لاي سبب من الاسباب في عداد "اصحاب حق الاقتراع" وذلك للتقليل من تأثير الصوت العربي في نتائج الاستفتاء على أي اتفاق مع سورية. ويشير آخر الابحاث العلمية التي اجرتها "عدالة" الى أن 62 في المئة من الطلاب اليهود يؤيدون حرمان العرب من المشاركة في أي انتخابات في اسرائيل. وأشار جبارين الى أن مظاهر "العنصرية" في اسرائيل لا تُجابه ولا تُحارب من جانب السلطات، بل أن "المتنورين" من اليسار الصهيوني أو الوسط لا يجرأون على تسمية الامور باسمائها ولا يعربون عن معارضتهم للقانون الجديد لأنه عنصري وانما لأنه "لا يتماشى ورغبة الحكومة"، مضيفا أن اليسار الصهيوني بقيادة حركة ميرتس لم يستنكر خطاب ليفي ضد لبنان أو يدينه بل أن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك نصب نفسه محامياً عنه. وبالاضافة الى خطاب ليفي العنصري الذي القاه من على منبر الكنيست وتمرير الاقتراح العنصري الخاص بالاستفتاء، أقرت هذه الكنيست بالقراءات الاولى والثانية والثالثة مشروع قانون يلزم المواطنين العرب بتعليم التوراة في المدارس من دون أن يصدر أي صوت معارض من المؤسسات الحقوقية الاسرائيلية. وينظر الحقوقيون الفلسطينيون داخل الخط الاخضر بقلق الى ما حدث في بلدة الطيبة، أول من أمس، من عملية هدم المنزل الذي قالت السلطات الاسرائيلية أن خمسة أفراد من حركة "حماس" تحصنوا بداخله. وتحمل عملية الهدم - كما يؤكد جبارين المحامي العربي الفلسطيني ومحاضر القانون في جامعة تل ابيب - "رسالة ردع للمواطنين العرب لا علاقة لها بأي حاجة أمنية كما حاولت هذه السلطات الادعاء". وأوضح أن حقيقة أنهم هدموا البيت وقاموا باعدام من بداخله "بصورة بشعة" ولم يكلفوا انفسهم عناء الفحص اذا ما كان هناك احياء او اموات أو حتى "تنظيف المنطقة من العبوات"، كما قالوا، وانتظارهم الى اليوم التالي لتنظيف الركام ورفع جثة الشخص الذي هدموا المنزل فوق رأسه، "كل ذلك يشكل دليلاً الى انهم علموا أنهم قتلوا من في داخل البيت قبل أن ينفذوا عملية الهدم، ولم يكن هناك داعٍ لعملية الهدم أصلاً" الا انهم ارادوا توجيه "رسالة شديدة اللهجة الى العرب". وأشار الى "ان السلطات الاسرائيلية ما كانت لتستطيع الاقدام على هدم المنزل بعد الحادث لأن هناك قوانين وقرارات قضائية تحول دون تنفيذ مثل هذا القرار". ويرى الحقوقيون أن دعوة وزير المعارف الاسرائيلية يوسي سريد ميرتس الى ادخال قصائد الشاعر الوطني الفلسطيني محمود درويش في المنهج التعليمي العبري تندرج ضمن سياسة العنصرية والتمييز التي تنتهجها هذه الوزارة منذ قيامها بالتركيز على "اثنية الدولة اليهودية" وان كل من ليس يهودياً هو "أقل مستوى" من اليهود. ويوضح جبارين أن قرار سريد يسري فقط على مناهج "المدارس اليهودية" وليس العربية، وذلك في اطار "معرفة العدو" اذا ما افترضت "النية الحسنة" في توجه سريد "معرفة الجوانب الانسانية في العدو"، مضيفاً ان هذا القرار لا يقضي بتدريس قصائد الشاعر الفلسطيني في مناهج التعليم الخاصة بالعرب. وقال أنه لو أراد سريد بالفعل اجراء بعض "التصحيح" للغبن ضد العرب الذين حرموا من دراسة تاريخهم وتراثهم، لشمل قراره اعترافاً واضحاً بالشعب الفلسطيني الموجود في اسرائيل وحقه في التعلم عن شعبه وشعرائه. واورد مثالاً على سياسة "معرفة العدو" التي تنتهجها وزارة المعارف الاسرائيلية، فقال أن "الميثاق الوطني الفلسطيني" يدرس منذ الصفوف الابتدائية في المدارس اليهودية بينما لم يقع نظر الطالب العربي عليه في نطاق المدارس حتى الآن.