راسكين: التوق الموجع أثّر في اوسكار وايلد ومارسيل بروست والمهاتما غاندي وحزب العمال ودولة الرفاه، ولكن ما الذي بقي من جون راسكين؟ انه لم ينم مع زوجته لقرفه من بعض ملامح الجسد النسائي، انها هربت مع الفنان الذي كان يرسمه، انه احرق رسوم ترنر العارية، وانه جن من عشقه فتاة في الثامنة عشرة عندما كان في السابعة والأربعين. صحيح وخطأ. زملاؤه الأرستقراطيون في اكسفورد كانوا اطلعوه على صور العاريات اثناء دراسته هناك، لكنه جهل الجنس لتربيته الطهرانية فأحبت زوجته السير جون ايفريت ميليز وأراحت زوجها عندما تركته. لم يأمر بحرق رسوم ترنر بل حفظ بعضها، وهذا يضمه معرض عنه في غاليري تيت يستمر حتى اواخر الشهر الجاري. طلب يد روز لاتوش عندما كان في السابعة والأربعين لكنها توفيت بعد تسعة اعوام فتراجعت قدرته العقلية وانعزل حتى وفاته. ويقول جون باتشلور في كتابه الصادر عن دار شاتو "جون راسكين: لا ثروة غير الحياة" انه عشق روز عندما كانت في التاسعة. الكاتب، الرسام والناقد الفني والاجتماعي برز في الرابعة والعشرين عندما اصدر كتاب "الفنانون العصريون" الذي استعد له بالقراءة عن الميتافيزيقا الألمانية والشعر والاقتصاد السياسي والطبخ والموسيقى والجيولوجيا والملابس والزراعة والحدائق. ناصر الفن المعاصر وجماعة "اخوة ما قبل رافاييل" البريطانية التي اعتمد رساموها الطريقة الايطالية السائدة قبل رافاييلو سانزيو 1483 1520. لكنه تحمس خصوصاً لمعاصرة ترنر الى درجة فتن بجمال لوحته "تجار العبيد يرمون الموتى والمحتضرين في البحر" من دون ان يلقي نظرة ناقدة واحدة على مضمونها الاخلاقي. لكنه ما لبث ان نحا منحى اجتماعياً عندما هاجم الطمع والاستغلال والتلوث البيئي في مجتمعه الرأسمالي الفكتوري وقال: "ليست هناك ثروة غير الحياة". استخدم ثروته التي ورثها عن والده في مشاريع تربوية وإصلاحية اجتماعية، ووضعت ثورته اسس الاصلاح في القرن العشرين. الجانب الاخلاقي في النقد دفع البعض الى السخرية من راسكين "الذي لم يأتِ بفكرة عن الفن الا كانت موعظة في الوقت نفسه". لكن الأدب والفن كانا تربويين في القرن التاسع عشر، وما كان ممكناً الا ان يكون راسكين ابن عصره وأسرته المتزمتة. أما الحب الذي عصاه فبدا كأن موضوعه تحول من المرأة وقيل القاصرات فقط الى العالم حوله. في نقده ومائياته توق موجع لم يجد اشباعاً الا في القلم والريشة. الخوف من وحش الموسيقى مع بلوغه الخامسة والسبعين يستحسن بيار بوليه التخطيط لحياته. سيتوقف بشكل شبه تام عن قيادة الاوركسترا ويتفرغ للتأليف منذ السنة المقبلة. الامر لا يتعلق بالتفاؤل وحده لدى اكبر المؤلفين الموسيقيين الاحياء في عصرنا بل بالمجهول أيضاً: "كيف تستطيع ان تعيش من دون مجهول امامك يدفعك الى السباق مع الوقت؟" قبل خمسين عاماً رأى طريقة عزف موسيقاه سيئة فبدأ يدير الفرق ليعزف له ولغيره. بحث عن مزيد من الحرية والاحتمالات فمزج الموسيقى الالكترونية مع الآلات وقلب الموسيقى رأساً على عقب. كان ثائراً دعا الى احراق دور الأوبرا، لكنه على الرغم من تمرده، وربما بسببه، ترك اثراً في عالم الموسيقى ربما فاق اثر اي موسيقي غيره في نصف القرن الماضي بمن فيهم هربرت فون كارايان. ترك بوليه فرنسا في السبعينات ليؤدي وظيفتين في الوقت نفسه: القائد الرئيسي لأوركسترا ال"بي.بي.سي" السمفونية في لندن وأوركسترا نيويورك الفلهارمونية. ينتقد توقف البرامج الموسيقية عند القرن التاسع عشر لكنه يقدم باستمرار اعمال "افضل خمسة موسيقيين في القرن العشرين": ماهلر، شونبرغ، بارتوك وسترافنسكي ويضيف اليهم "الانطباعيين" الفرنسيين ديبوسي ورافيلي. الحفلات الموسيقية ضرورية، يقول، لكن يجب تقريب الناس من الموسيقى لكي تزيل الفتهم معها خوفهم من "الوحش" فيها. لكن الأوركسترا السمفونية التي تتألف من مئة عازف في طريقها الى الزوال. سترافنسكي ألغى الكمان في "سمفونية المزامير" وثمة مقطوعات تكتب لخمسة عازفين فقط، اضافة الى ان الالكترونيات تغني عن بعض الالات وبالتالي العازفين". تسع مدن اوروبية ونيويورك احتفلت منذ أوائل السنة وحتى اواخر الشهر الماضي ببلوغه الخامسة والسبعين. وهو يتطلع الى مزيد من التأليف "الممتع ولكن المؤلم أيضاً في آن". التنوير والظلامية في اوائل 1999 أبدى استاذ الألمانية في جامعة بركلي الأميركية عجبه لأن احداً لم يسبقه الى فضح الشاعر والمسرحي الألماني غوته على رغم الأبحاث المكثفة عنه. دانييل ولسون قال ان "حكيم فايمار" كان جاسوساً وشى للسلطة بالطلاب الليبراليين ومعتنقي مبادئ الثورة الفرنسية في جامعة جينا. بطل التنوير الألماني تأثر بمبادئ هذه الثورة والاستقلال الاميركي خلال الاحتلال الفرنسي في حرب الاعوام السبعة، وأعجب براسين، احد اكبر المسرحيين الكلاسيكيين. لكنه كان شاعر بلاط الدوق كارل اغسطس في جمهورية فايمار ومن ابرزاعضاء المجلس الاستشاري فيها. وحملت المراسيم التي حظرت نشاط الجمعيات السرية احرف اسمه الأولى. المجلد الثاني من "غوته: الشاعر والعصر" لنيكولاس بويل دار اكسفورد لا يتناول غوته الجاسوس وربما تعلق ذلك بالجزء الثالث والأخير من السيرة. يقول بويل ان الشاعر أغضب راعيه كارل اغسطس عندما رفض ان يتزوج شريكته كريستيان فولبيوس والدة ابنه اغسطس وأربعة اطفال آخرين لم يعيشوا طويلاً. وعندما اصطحبه الدوق في حملة ضد الفرنسيين في 1792 تأثر بمعاناة الجنود الألمان وأمراضهم والفوضى والقذارة مع ضحايا الحرب العاديين والهجرة الهائلة التي تتسبب هذه بها. لكن ملحمته الصغيرة لم تحظ بالنجاح الذي نالته رواية "سنوات التمرن" لفيلهلم مايستر الذي ترجمه توماس كارلايل الى الانكليزية وروجت له ماري آن ايفانز المعروفة بجورج اليوت. ت. س. اليوت لم يعجب بغوته منذ القراءة الأولى لكنه ما لبث ان وضع صورة المسرحي الألماني على المدفأة في منزله. وضع الانكليز يوهان فولفغانغ فون غوته 1749 1832 جانباً في اواخر القرن التاسع عشر واتهموه بالظلامية الجرمانية، لكنهم ما لبثوا ان اعادوا اليه الاعتبار في القرن العشرين على يد الشاعر اودن وغيره. في 1955 حلّل ت. س. اليوت شخصية غوته في محاضرة في هامبورغ اعتماداً على صورة المدفأة. قال ان في عينيه خبثاً "خفيفاً وشيطانياً" وكاتب "فاوست" و"وآلام فرتر" كان أكد حس المرح والمزاجية عنده. "اذا طلب احدهم مني نصيحة جيدة اقول انني حاضر لأعطيها شرط ان يعد بألا يلتزم بها". واعترف أيضاً انه انزعج من الغرباء الذين يقتربون للتحدث اليه وهم يرتدون النظارات: "قد تكون مجرد نزوة لكنني لا استطيع التغلب عليها ... منذ البداية يقضي ذلك على جزء كبير من نزعتي الى الخير". جامعة انترنت هل هي فكرة لامعة او شراهة في المجال الذي كان يعتبر حتى وقت قريب رسالة؟ تنوي بريطانيا اقامة اول جامعة انترنت في العالم، وتستعجل انجازها قبل ان تسبقها دولة اخرى الى الطلاب الاجانب والربح السريع. يدفع هؤلاء اليوم سبعمئة مليون جنيه استرليني اقساطاً جامعية، وتود الحكومة التي كان شعارها "التربية، التربية، التربية" الحصول على مبلغ مماثل من خمسة وسبعين الف طالب اجنبي اضافي. جزء كبير من المؤسسة الأكاديمية ذعر من الاقتراع وما يليه من هبوط محتمل في قيمة الشهادة الجامعية البريطانية، لكن ذلك لا يزعج حكومة العمال او القائلين بتحديث نظام التعليم. اكسفورد وكيمبريدج وجامعات لندن مرشحة لدخول برنامج التعليم عبر الانترنت. وفيما يشير المعارضون الى الغش المزدهر على الانترنت يتهم الموالون هؤلاء بالحس المحافظ، ويدعون الى توسيع "حدود" التعليم الذي قد يكون اكثر فائدة من النظام التقليدي الذي يفرض الحضور. بالطبع، يقول هؤلاء، يجب الحفاظ على المستوى المرتفع، اما الغش فيواجه بتحليل الكومبيوتر النص واكتشاف المقاطع التي تتكرر على الانترنت. فرصة أم تهديد؟ التطبيق سيد الاحكام، لكن الطلاب البريطانيين او حاملي الجنسية البريطانية قد يدفعون الثمن في السباق على اموال الاجانب. البريطانيون يدفعون قسطاً ينخفض كثيراً عن قسط الاجانب وقد يأخذ هؤلاء أمكنتهم الجامعية لأصغر الاسباب. طالب لبناني يحمل الجنسية البريطانية خسر فرصة لدراسة الاقتصاد في جامعة لندنية معروفة لأن علامته انخفضت عن العلامة المطلوبة ب1.01 في المئة. وربما كانت الجامعة قبلته لو لم تكن موعودة بطالب اجنبي يدفع ثمانية اضعاف ما يدفعه هو.