من «بورتشيل» إلى «بروكوفييف» تحتفي الساحة الموسيقية العالمية، بذكرى مرور أربعمئة عام على رحيل شكسبير، الشاعر الإنكليزي الملحمي الأكثر إلهاماً للموسيقين في أنحاء العالم. مسرحيات شكسبير الشهيرة، بإيقاعها الموسيقي الشعري، وشخصياته الدرامية الثرية التي تحيا وتموت وتلتحم على وقع كلمات الشاعر التي تتدفق في رخامة وشجن وتآلف وتنافر على خشبة المسرح، من هنا لا غرابة أن يستوحي مؤلفون موسيقيون عبر قرون، أعمال شكسبير المسرحية، ليكتبوا إبداعات موسيقية متنوعة باتت خالدة هي الأخرى بمعزل عن نصوص شكسبير المسرحية، إذ شربت من نبعه، وأثرت من كنوزه، منذ أن كتب بورتشيل موسيقاه الاولى في القرن ذاته الذي توفي فيه شكسبير، وصولاً الى بروكوفييف وتوماس أديس وغيرهما في حالة توارث مستمرة. من الأنماط الشمالية، امثال ما كتبه الفنلندي سيبيليوس، وشتنهامر، الى أسياد الأوبرا الايطالية امثال روسيني وفيردي. من أقصر «الافتتاحيات»، الى اضخم الأوبرات. لشكسبير 35 مسرحية، واكثر من مائة قصيدة، تحول بعضها تحفاً موسيقية، وليست أي «تحف»: أوبرات، باليه، افتتاحيات، أغانٍ، قصائد نغمية، سمفونية، أعمال كورالية وغيرها. تم تخليد أغلبها في اعمال موسيقية، من أبرزها: «روميو وجولييت»، «هاملت»، «حلم ليلة صيف»، «مكبث»، «عطيل»، «الملك لير»، «زوجات ويندسور المرحات»، «هنري الرابع بجزأيها الاول والثاني»، «تاجر البندقية» وغيرها الكثير. ولا ننسى أن لبنان كان من أوائل المحتفين بموسيقى شكسبير هذا العام، من خلال «مهرجان البستان الدولي» الذي استقطب على مدى شهر ونيف إبداعات موسيقية قدمت اعمالاً متنوعة. دلت على غزارة الإنتاج المستوحى من هذا الشاعر الملحمي الكبير، كما أن مهرجانات الصيف اللبنانية وابرزها «مهرجان بيت الدين» تحتفي بشكسبير ايضاً عبر تقديم امسيات عدة. مجلة «كلاسيك ميوزيك» استعرضت أبرز عشر مسرحيات ألهمت مؤلفين بارزين في انحاء العالم لكتابة موسيقى من وحيها. هنا لا يتسع المجال للحديث عن كل الأعمال الموسيقية المستلهمة من شكسبير، بل نلقي الضوء على خمسة اعمال كتبت عن نصوص مسرحيات: «روميو وجولييت»، «هاملت»، «مكبث»، «عطيل»، «حلم ليلة صيف». [ روميو وجولييت قصة حب شهيرة بين حبيبين، تقع احداثها في فيرونا إيطاليا، المعضلة ان عائلتي روميو وجولييت (مونتاغ وكابوليت) كانتا على خلاف وتناحر وتدور بينهما معارك عنف وحقد. هذه القصة التراجيدية أوحت بناء موسيقياً مبدعاً كتبه للمرة الأولى المؤلف التشيكي جيري أنطونين بندا عام 1776، أوبرا «روميو وجولييت»، من دون التقيد بالنص المسرحي الأصلي لشكبير، بل كتبه بتصرف حر، واصبحت هذه القطعة واحدة من اكثر المؤلفات شعبية. وتماشياً مع التقليد الأوبرالي آنذاك، جعل «بندا» نسخته الأوبرالية تنتهي نهاية سعيدة، عكس نهاية مسرحية شكسبير. ولم يكن المؤلف الموسيقي «بندا» الوحيد الذي كانت له هذه الرؤية ذاتها في الحبكة الدرامية، ذات النهاية السعيدة، حيث جاء بروكوفييف في العام 1936، وقرر كتابة موسيقى باليه «روميو وجولييت» حيث ارتأى انه من الأفضل ألا يموت الحبيبين، لكنه اضطر ان يتقيد بخاتمة شكسبير، تحت ضغط من ستالين وجماعته، حيث تم إخفاء الخاتمة الفرحة، الملونة والجريئة، التي كتبها بروكوفييف. وتم عرضها بخاتمتها التراجيدية الحزينة المعروفة. وبعد 73 عاماً وجد أحد الباحثين (10 صفحات نوتة) من مدونة بروكوفييف ذات النهاية السعيدة التي تم اخفاؤها، وبدأت إعادتها الى الحياة مجدداً. هذه النهاية السعيدة الممتعة، نستمع اليها في «ثلاثة سويتات» اذ تستعرض بعضاً من أفضل موسيقى بروكوفييف بدءاً من حماسته في «رقص الفرسان»، الى «موسيقى حب جذلة». كونستانت لامبير، كتب ايضاً باليه «روميو وجولييت» من وحي مسرحية شكسبير، عام 1926، وسيناريو مزدوج تضمن رقصات حالمة متجددة، عرضت للمرة الأولى في «باليه دياغليف الروسي» في عرض يضج حياة ووهجاً. تشارلز غونود كتب أوبرا «روميو وجولييت» في خمسة مشاهد عام 1867 ميلادية، وربما تعتبر هذه الاوبرا الاكثر بقاء واستمراراً حتى اليوم، خاصة مع رقصة جولييت المتألقة، على أغنية الفالس الشهيرة «أريد أن أعيش». القرن التاسع عشر، بلغ الجنون ذروته بأعمال شكسبير، وممن تناول قصة «روميو وجولييت» كل من فينسينزو بيلليني ونيكولا فاكسيا. فاكسيا، كتب قطعته عام 1825، لكنها ذهبت طي النسيان، بينما قطعة بيلليني التي كتبها بشكل «بيل كانتو أوبرا»، (نشيد من قصيدة طويلة)، بعنوان «كابوليت ومونتاغ»، عام 1830م، لا تزال حتى اليوم في القمة. أما تشايكوفسكي فكتب بناءً على طلب خاص من عازف البيانو وقائد الاوركسترا والمؤلف الموسيقي الروسي بالاكيرف، قصيدة سمفونية بعنوان «افتتاحية فانتازية»، انطلاقاً من مسرحية «روميو وجولييت»، لكن تشايكوفسكي كتب هذه الافتتاحية بشغف منه ورؤية خاصة به، وكان من قبل كتب «افتتاحية الملك لير» لشكسبير ايضاً. المؤلف الموسيقي الفرنسي هكتور برليوز ذهب أبعد من الجميع حين كتب سمفونيته الكورالية بالعنوان نفسه، كما كتب دانيال شتيبلت 1793م أوبرا بالعنوان نفسه وبإيحاء من بيلليني، ولا ننسى سمفونية بيتهوفن الكورالية (التاسعة) التي تعد واحدة من أبرز وأجمل أعماله. أما العرض الأكثر شهرة ونجاحاً بين نسخ «روميو وجولييت» في القرن العشرين فهو المعنون «West side Story«، الموسيقي الاكثر تميزاً وتألقاً بين أعمال ليونارد برنشتاين الموسيقية على الاطلاق. [ هاملت قصة المسرحية تدور حول الامير هاملت الذي يعلم بأن والده مات مقتولاً، عندما ظهر له شبح الاخير مطالباً إياه بالانتقام له. ثم يكتشف أن عمه كلوديوس هو قاتل والده فيسعى للانتقام منه. أما حبيبة هاملت أوفيليا، فإن عائلتها لا تبارك حبهما وتحاول قتل الأمير، وفي النهاية كل عائلة هاملت الملكية تموت. اول عمل كان بعنوان «جنون أوفيليا» المسرحية الشكسبيرية الأطول، بين اعماله، تم عرضها منذ عام 1827 في أنحاء أوروبا، حيث قامت بدور أوفيليا، هارييت سميثسون. الممثلة المبدعة وشخصية أوفيليا معاً، ألهمتا هكتور برليوز لكتابة عمله «سمفوني فانتاستيك» وبخاصة كتابته لقطعة Tristia التي تضم ثلاث أغنيات للكورس والأوركسترا، ترسم مشاهد موت أوفيليا وهاملت. وفي الواقع فإن غالبية الأعمال الموسيقية المستوحاة من «هاملت» ركزت على شخصية أوفيليا، وحالتها وجنونها فوق الخشبة فهذه الشخصية بمثابة الهدية والإلهام الكبير من شكسبير للمؤلفين الموسيقيين. مثل: أغنية «أوفيليا ليدر»، للمؤلف برامز، الذي استند الى نص شكسبير الاصلي للاغنية. ورغم ان شوستاكوفيتش في كتابته «أغنية أوفيليا» استند الى نص الكسندر بولك، إلا أن شبح اوفيليا في النص الاساسي كان هو المسيطر على هذه النسخة. إلا أن شوستاكوفيتش، في محاولة أخرى، قام ببساطة، أو سذاجة، باستعارة موسيقى من مؤلفات سابقة، مما قاده الى كتابة قطعة لم تلق الإعجاب بعنوان «هاملت وملكة الثلج»، وأيضاً قام شوستاكوفيتش بكتابة عمل آخر، ساخر، في الثلاثينات، لكن تم إخفاؤه إبان الفضائح الستالينية. ثم كتب بروكوفييف موسيقى مسرحية «هاملت»، وقدمها للجماهير عام 1938م، بعد سنة من تقديمه موسيقى «روميو وجولييت»، وهي موسيقى من عشر مقطوعات تتخللها بعض الأغاني التي اصبحت معروفة. كما أن تشايكوفسكي كتب افتتاحيته الشهيرة المستوحاة من هاملت عام 1888م، وكان متردداً بادئ الأمر في كيفية التعبير عن مشاعر الامير الدانماركي (هاملت) عبر الموسيقى، بحسب ما كتب لشقيقه مودست، الذي طلب منه تأليفها، لكنه في النهاية كتب «افتتاحية فانتازية» وما لبثت أن اصبحت واحدة من أنجح أعماله الى جانب سمفونياته الخمس. فرانز ليست كتب قصيدته السمفونية التي تعد اختباراً مثيراً للشخصية وللمؤلف، عبر عواطف هاملت العنيفة، الجياشة، والتي لم يخفف من حدتها سوى حبيبته أوفيليا، التي لا تملك إلا فرصة ضئيلة لتهدئة أميرها المتهور. ومن أبرز ما كُتب أوبرالياً من إلهامات «هاملت»، أوبرا صاغها عام 1868 ميلادية مؤلف موسيقي فرنسي هو آمبرو توماس، حيث بنى نصه على ترجمة ألكسندر دوما، الذي اعتبر ان خاتمة نسخة شكسبير الأصلية هي «الأكثر بغضاً وبشاعة»، لذا استبدلها بخاتمة يجعل فيها شبحاً يعيد هاملت من فراش الموت، الى الحياة، كالمعجزة، ليقود شعبه الى مستقبل متفائل. لكن أحداً ما أسرّ الى توماس ايضاً، بأن الإنكليز لن يقفوا مكتوفي الأيدي صامتين أمام انتهاك حرمة النص الأصلي لشكسبير، فاضطر توماس الى كتابة مشهد ختامي بديل لخاتمة ألكسندر دوما، حيث يظهر هاملت ميتاً، وذلك في العرض الاول في (Covent Garden). [ مكبث وهي أقصر تراجيديات شكسبير، تحكي قصة قائد اسكتلندي هو مكبث، يغتال ملكه دنكن ليجلس على عرش اسكتلندا مكانه. كان فيردي من أشد المعجبين بشكسبير، واصفاً إياه بأنه «الكاتب الدرامي الأعظم الذي لم يتقبله اليونانيون». كتب فيردي أوبرا «مكبث» عن نص للكاتب أندريا بيافي، وظهرت للمرة الأولى على المسرح مثل هذه الأعمال الدرامية التي تعبر عن العواطف الإنسانية في تجربة جديدة للمسرح الإيطالي، وكان ذلك عام 1847 ميلادية. ولأن شخصية «ليدي مكبث» فظة، بغيضة، فإن فيردي لم يرغب باختيار مغنية جميلة، ذات صوت جميل لأداء دورها، إذ قال: «... أنا أفضل أن تكون دميمة وشريرة، كما أفضل ألّا تغني مطلقاً وإن غنت تغني بصوت خشن غير ملائكي. وبهذا الامر وضع فيردي أساساً جديداً وفلسفة جديدة للمسرح الغنائي الأوبرالي الإيطالي يمهد للدراما الموسيقية الآتية، اذ يعتبر الأوبرا بهذا الشكل لا تعني سلسلة من الألحان والأغاني الجميلة فحسب». وأصبحت «أوبرا مكبث» لفيردي من أكثر الأوبرات طلباً للعروض والغناء حتى اليوم. عام 1904 ميلادية، كتب المؤلف الموسيقي السويسري- الاميركي، أرنست بلوخ، أوبرا «مكبث» عن نص إدمون فليغ، لكنها لم تعرض إلا في العام 1910 م، في «أوبرا كوميك باريس» تحت قيادة فرانسوا رولمان، فيما كتب أليكس كوهين الحوارات الأوبرالية التي اعتبرت سبباً في عدم استقبالها بترحاب في عرضها الأول. ريتشارد شتراوس، كتب «مكبث» في أول «قصيدة نغمية»، له في بداياته، ورغم أنها لم تُبرز ثراء المخيلة الموسيقية التي يتمتع بها شتراوس، والتي برزت في ما بعد في أعماله السمفونية، إلا أن القطعة رغم ذلك انفعالية درامية بدرجة مناسبة وذات شغف كبير بحسب النقاد. «مكبث» ألهمت أيضاً كلاً من: روبرا، بانتوك وخاتشاتوريان، رغم أن أعمال الثلاثة من الصعب العثور عليها، ان عبر التسجيلات او التدوينات، وهناك قطعة «مكبث والساحرات الثلاث»، للمؤلف الموسيقي سميتانا، التي كتبها للبيانو منفرداً عام 1859م، تلك الغنية بالخطوط الكروماتية والتي ايضا يصعب العثور على تسجيل لها، وهي شغف كل عازف بيانو. [ عطيل تدور احداث مسرحية عطيل حول جنرال مغربي في الجيش البندقي، وزوجته ديدمونة، والملازم كاسيو مساعد عطيل، وحامل راية عطيل ياغو المنافق، الذي يثير غيرة عطيل على زوجته البريئة والتي تؤدي به الى قتلها، ليكتشف في ما بعد أنه خُدع، فينتحر. بعد 35 سنة عاد فيردي الى شكسبير ليكتب «عطيل»، التي تعد أيضاً واحدة من مؤلفات فيردي الأكثر خلقاً وإبداعاً درامياً، في موسيقى حثيثة الخطى مكثفة الحركة. كتب نص الأوبرا أريغو بواتو، الذي بقي محافظاً على روح الشاعر الملحمية، مخالفاً العديد ممن أعادوا مسرحيات شكسبير واعتبروها قاسية وجافة، والتغيير الوحيد هنا جعل بداية الأوبرا في قبرص بدلاً من بداية شكسبير في البندقية، فيما بقيت الحبكة وجميع الأبطال كما هي في الأصل بحيث يمكن تمييزها عن غيرها. أكثر ما يميز عمل فيردي، هو طريقته في رسم الشخصيات الرئيسية في العمل، والعناية الشديدة في اختيار الاصوات الأكثر ملاءمة للأدوار، كاختياره التينور القوي لعطيل، وصوت السوبرانو الشاعري المشع لشخصية ديدمونة وصوت الباريتون لياغو المنافق، الملتوي، الشرير والمزعج حد القلق. بخلاف فيردي، كتب روسيني «عطيل» عام 1816م، حيث شعر بأنه لا يحتاج الى الالتزام التام بنص شكسبير الأصلي. واتخذ مكان المسرحية في البندقية بشكل كامل، وقلص من مساحة دور ياغو، موسعاً دور رودريغو، الفاسق، فقط احتفظ بنص الأوبرا في المشهد الثالث والأخير من مشاهد المسرحية، متوجاً بالأغنية الحزينة الرائعة بصوت ديدمونة (السوبرانو) «Assise a pied un Salice«، (أغنية الصفصاف) المشهد الثالث في عروض خاصة ابدعها روسيني المبدع، الخلاق. دفوراك هو الآخر كتب «عطيل» في افتتاحية أوركسترالية عاصفة، عام 1892م، وخاتشاتوريان كتب «سويت عطيل»، والقطعتان استخدمتا في فيلم سيرغي يوتكيفيتش 1955. [ حلم ليلة صيف القصة تتمحور حول حلم جرى في ليلة صيفية، بين مجموعات اربع من الشخصيات المسرحية. هيرميا وليساندر عاشقان، لكن والد هيرميا يريد تزويجها من ديمتريوس الذي يحب هيلينا، وكل الأحداث تدور في حلم مجنون وعالم خيالي، في إطار كوميدي ومشاعر انسانية في غابة في أثينا القديمة، حيث عالم الإنس والجن معاً. وحين يستعد دوق أثينا لحفل زفافه ويدخل عليه والد الفتاة هيرميا، يطالبه بتنفيذ القانون الذي ينص على معاقبة الفتاة التي ترفض الزواج من الشاب الذي اختاره لها والدها، أما بالإعدام أو النفي مدى الحياة. أبرز من كتب موسيقى مسرحية «حلم ليلة صيف» لشكسبير، مندلسون، وبريتن. كان مندلسون في السابعة عشرة فقط، حين كتب افتتاحية لامعة، مؤثرة، وصفها الكاتب جورج غروف بأنها: «... أكبر أعجوبة في النضج المبكر لموهبة رأيتها على الاطلاق». كتبها في اربعة كوردات تنقل السامع إلى الغابة، قبل أن تهرع الوتريات لتستحضر الجنيّات في براعة وموسيقى ذات خفة صنعت خصوصية مندلسون. وبقية الموسيقى غير ذات اهمية، كتبت ربما عام 1842، بطلب من فريدريك ويليام الرابع من بروسيا. هناك 14 حركة مع أصوات وأوركسترا، حيث بات مارتش الزواج،- الأكثر شهرة من مؤلفات مندلسون، حيث نستمع الى المقطوعات العزفية الآلية (تشيرزو) و(انترميزو) و(نوتورنو) الحركات الأكثر استماعاً وعزفاً في الحفلات كقطع موسيقية مستقلة. لكن منعطفاً قاتماً في تاريخ تلك القطع الموسيقية، حين منعت النازية أعمال مندلسون بسبب انتمائه للديانة اليهودية. عام 1960م كتب بنيامين بريتن، أوبرا جميلة سريعة من ثلاثة فصول والنص الأوبرالي كتبه بريتن وبيتر بيرس، مع الحفاظ على كلمات شكسبير الأصلية ومعظم شخصيات المسرحية. لكل من المجموعات والقصص عالمها الموسيقي المميز: عالم آخر، قيثارات قلقة، إيقاعات، كيبوردات، تمثل كلها عالم الجنيات. وتريات ونفخيات للملكية، نحاسيات مرحة ونفخيات خشبية هادئة للآليات وغيرها. أوبيرون كتب «آريا»، «I know a bank where the wild thyme blows« منحت طعماً آخر وتيارات خفية قاتمة للأوبرا، ساهمت في ابراز قوى النوم والاحلام وسحرها في هذه الأوبرا. واخيراً، وليس آخراً فإن شكسبير ورغم مرور اربعمئة عام على رحيله، لا يزال الأكثر حضوراً من مبدعين كثر، ولا تزال نصوصه الاكثر تداولاً ودراسة وتأثيراً وإنتاجاً موسيقياً ومسرحياً ودرامياً وسينمائياً وربما اكثر شعبية خارج بلده بريطانيا، بحسب استفتاء أجرته مؤخراً مؤسسة «يوجوف». وهذه الأيام تستضيف المكتبة البريطانية في لندن معرضاً جديداً (شكسبير في عشرة فصول) يلقي مزيداً من الأضواء على كيفية وصول شكسبير إلى المجد وأصبح «الشاعر الملحمي». ويحوي المعرض أكثر من 200 قطعة فريدة ونادرة أبرزها نص مسرحي بخط يد الكاتب المسرحي والشاعر الانجليزي (1564-1616) يعتقد أنه الأوحد، وتوقيع أكد الخبراء صحته.