استأنفت أوركسترا فلسطين للشباب، التابعة لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، نشاطاتها عبر عرض موسيقي بقيادة المايسترو الفرنسي نيكولاس سيمون، قدمته أخيراً على مسرح مركز الحسين الثقافي في وسط البلد في عمّان. كان ذلك قبل أن تسافر الأوركسترا مباشرة إلى العاصمة العُمانية مسقط، لتقديم حفلٍة في دار الأوبرا السلطانية، إضافةً إلى إنجاز ورشة تعليمية مع طلبة عُمانيين في جامعة السلطان قابوس، وفق مدير المعهد سهيل خوري. نظّمت العرض جمعية أصدقاء مهرجانات الأردن ومعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، ضمن برنامج أوركسترا فلسطين للشباب في الأردن الذي استمر أسبوعاً في فندق «غصن الزيتون» في مدينة جرش. وقدمت الأوركسترا ورشة تدريبية مكثفة حول أداء أعضائها، الذين يلتقون في كل عام من مختلف مواقع الشتات الفلسطيني في العالم قبل تقديم نشاطها السنوي. الحفلة التي ضمت مقطوعات كلاسيكية غربية وأغاني عربية، ابتدأت بعزف مقطوعة من سمفونية «الملك لير» لمؤلفها الفرنسي الرومنسي هكتور برليوز (1803-1869)، التي تعد من روائع الموسيقى العالمية، فعلى رغم صعوبة تركيبها، إلا أن تميز جملها الموسيقية المتدفقة بدفء فضاءات الحب، جعلها دائماً قريبة من الجمهور. ثم قُدمت واحدة من الأغاني الكلاسيكية الخاصة بالقدس، الأثيرة على قلوب المواطنين العرب، وهي «زهرة المدائن» للأخوين رحباني من غناء فيروز، التي كتبت رداً على هزيمة جيوش الأنظمة العربية في العام 1967، أدتها غنائياً بشكل مميز في جماليته، مجموعة من أعضاء جوقة فلسطين للبنات، على عزف هذه الأوركسترا، والتي استقبلها الجمهور بحماسة شديدة، إذ لم يبخل عليها بإشارات الإعجاب كلاما وتصفيقاً. وأعقبتها أغنية «سلام لغزة» من تأليف فؤاد سروجي، وتلحين سهيل خوري، وتوزيع خيتيل جيركستراند، والتي تعد بمثابة جديد الأوركسترا الذي يقدم باللغة العربية، وتحتفي معانيها بصمود مقاومة شعب غزة للاحتلال، في حرب 2014. تبتدئ بكلمات: (سلام لغزة.. سلام لكل العيون الحزينة، تفيض بأساً وعزةً..)، وتنتهي ب(..لشعب يقدم درساً بعلم الصمود). وعاد الجمهور مرة أخرى الى التواصل مع الموسيقى السمفونية، لمقطوعة من السمفونية الثانية لتشايكوفسكي «روسيا الصغيرة»، التي يرى نقاد كثر أنها تضم فصولاً غير محكمة البناء، وهذا ما لاحظه الجمهور، لكنها حوت خاصية تشايكوفسكي العبقرية بخلق الأثر الموسيقي المتنامي. واختتمت الفقرة الأخيرة بوقوف الجمهور والغناء مع أعضاء جوقة فلسطين للبنات، بمصاحبة موسيقى الأوركسترا، نشيد «موطني»، من تأليف الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، وتلحين اللبناني محمد فليفل. وقال مدير عام معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى في فلسطين، سهيل خوري ل «الحياة»، بعد العرض: «يسعدنا جداً وجود الأوركسترا في عمّان، فهي بيتها الأول، إذ انطلقت من مهرجان جرش قبل اثني عشر عاماً، ونتواصل معها سنوياً منذ ذلك الحين». وأكد أن الأوركسترا عبر لغتها الحضارية الراقية «ستكون خير سفير لفلسطين وقضاياها في مختلف أنحاء العالم». وعن دور الأوركسترا الثقافي، أكد نسيم الأطرش، عازف آلة التشيلو، الذي شارك في الأوركسترا منذ نشأتها في العام 2014 ل «الحياة»، أنها «تساهم بقوة في حماية الهوية، في ظروف عالمية تشتغل على إلغائها». وعن كيفية قيامها بهذا الدور؛ قال: «إننا نقوم بانتقاء مقطوعات مميزة من الموسيقى العالمية، ونقدمها بأداء جمالي يحمل مستويات عالية وراقية، على رغم كل المعوقات التي يشكلها وجود الاحتلال في تطور هذه الأوركسترا». ديما حوراني، أعربت عن سعادتها لوجودها ضمن الأوركسترا، وأوضحت ل «الحياة»: «بدأت عازفة في الكرسي الأخير على آلة الكمان، في العام 2011، والآن أقود قسم كمان ثانٍ، كما أني أتطور باستمرار في السمع والأداء الموسيقيين، وثقتي بنفسي تزداد يوما بعد آخر، بفعل أن البيئة الداخلية بين المشاركين صحية جداً، لجهة تقديم الدعم والنصح بعضنا لبعض»، لافتة الى أن أبرز الصعوبات تكمن في الناحية المادية، فهناك عدد ليس بالقليل من المشاركين الهواة».