اختتم أخيراً في منتجع على البحر الميت، «المؤتمر الدولي عن حلول أمن المعلومات» وشارك فيه 400 خبير في الاتّصالات والمعلوماتية، خصوصاً المختصّين في الأمن المعلوماتي. وناقش المشاركون مواضيع شملت الحرب الإلكترونية، الجريمة الرقمية، التهديدات التي تواجه الاقتصاد والبنية التحتية والتحديات المستجدة في عالم أمن المعلومات وغيرها. وأكّد المشاركون تزايد المخاطر والتهديدات الإلكترونية لنُظُم المعلومات وشبكات الاتّصالات، وعزوا هذه الظاهرة إلى زيادة انتشار الإنترنت، والتوجّه لتبني نُظُم «حوسبة السحاب» Cloud Computing، والإقبال الكثيف على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى ضعف الوعي بأهمية نُظُم حماية الحواسيب. وشدّدوا على أهمية تبني المؤسسات والحكومات برامج متقدّمة تستطيع صدّ سيول الهجمات الإلكترونية التي تتسبب في خسائر اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً. وأوضحوا أن الكمية المتضخمة باضطراد من المعلومات المتداولة عبر شبكات الاتّصالات تفرض تبني وسائل فعّالة لحمايتها. ضريبة التطوّر الرقمي أثناء هذا المؤتمر، أشار الدكتور نبيل الفيومي مدير عام مركز تكنولوجيا المعلومات الوطني في الأردن إلى أن الحكومة وضعت استراتيجية وطنية لأمن المعلومات معتبرة هذا الموضوع تحدّياً وطنياً يستدعي استجابة متكاملة تشمل شبكات الاتّصالات والمؤسسات الحكومية والشركات والجمهور. ولاحظ أن تصاعد انتشار الإنترنت وأجهزة الخليوي الذكيّة التي تستطيع التعامل مباشرة مع الإنترنت، يفرض وضع استراتيجية عمل لوجيستي متطوّر للتعامل معه. وبيّن الفيومي أن الحكومة تنفذ إجراءات دورية للتأكد من أمن المواقع الإلكترونية الحكومية، كما تعمل على توسيع مركز البيانات الحكومي الموحّد، لأنه يعطي إمكان التحكم بالمعلومات والبيانات الحكومية. كذلك أشار إياد شهابي وهو المدير التنفيذي لشركة «إتش بي» HP في الشرق الأوسط، إلى وجود ما يزيد على بليوني شخص يتواصلون عبر الإنترنت عالمياً. وأشار إلى دراسة حديثة للشركة بيّنت أنّ المخاطر الافتراضية أصبحت أكثر تعقيداً وتكراراً وعشوائية. وأظهرت هذه الدراسة أن 50 في المئة من مديري المؤسسات لاحظوا زيادة في الاختراقات الإلكترونية لأمن المعلومات في مؤسساتهم، خلال العام المنصرم. وأقرّ 30 في المئة منهم بأن مؤسساتهم تعرضت لاختراقات من داخل المؤسسة، في حين أكد 20 في المئة أنهم تعرضوا لاختراقات خارجية. والمعلوم أن شركة «إتش بي» استحوذت على شركات مختصة في صنع برامج أمن المعلومات، في صفقات فاقت قيمتها ال40 بليون دولار. في السياق عينه، أوضح حامد دياب وهو المدير الإقليمي لشركة «ماكافي» Mcafe في منطقة الشرق الأوسط وشمال وأفريقيا، أن محاولات اختراق نُظُم المعلومات ارتفعت من 55 ألف تهديد يومياً في عام 2010، لتصبح 60 ألف تهديد يومياً في 2011. في سياق متصل، قال مارك أوليسين وهو مختص في حماية المعلومات على الإنترنت، إن الحماية من التهديدات الإلكترونية لا تقتصر على مجرد حجب البريد المزعج «سبام» Spam email، ما يفرض استعمال تقنيات متكاملة في حماية المعلومات في أجهزة الحاسوب وفي الفضاء الافتراضي للشبكة الإلكترونية الدولية. في نفسٍ مُشابِه، أوضح عماد معالي، وهو مدير في شركة «أمنية» للمعلوماتية، أن عمليات القرصنة الإلكترونية أصبحت أكثر تنظيماً وتطوّراً في الآونة الأخيرة. وأشار إلى انتشار شبكات الاتّصالات الخليوية الحديثة، خصوصاً تقنيات الجيل الثالث، والإقبال على شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت، تعتبر عوامل ضاغطة على شركات الاتّصالات الرقمية لحماية المعلومات في الأنواع المختلفة من الشبكات الإلكترونية. وكشف معالي أن استثمارات «أمنية» في نُظُم حماية المعلومات وأمنها تراوح بين 3 و4 ملايين دينار أردني. وركز وسيم خان، وهو من مديري شركة «إرنست ويونغ» Arnest &Young على دور الجديد في تكنولوجيا المعلوماتية في توجيه عمل المؤسسات، مُطالباً بإعادة النظر في الآليات المتّبعة في تخزين المعلومات وإدارتها. وأشار إلى أن تكاثر استخدام «الحوسبة المتنقلة» Mobile Computing ونظيرتها السّحابية، وتزايد استخدام البيئات الافتراضية ووسائل الإعلام الاجتماعي وأشكال التجارة الإلكترونية التي أدّت كلها لزيادة المخاطر على معلومات الجمهور. وذهب باسل مناصرة، وهو مستشار الرئيس التنفيذي في شركة «زين» للاتصالات للقول إن تلبية الحاجات المتنوّعة للجمهور الإلكتروني، ساهمت في خلق مجموعة متكاملة من خدمات الاتّصالات والبيانات والمعلومات وخدمات الإنترنت ذات النطاق العريض، إضافة إلى حلول الاتّصالات عبر بروتوكول الإنترنت. وكذلك أوضح راضي الفاصد، وهو من مديري شركة «زين» أيضاً أن التسارع الحاصل في استعمال الإنترنت في دول الشرق الأوسط، ألقى ضوءاً كاشفاً على الأهمية الحاسمة لأمن المعلومات والبرامج الرقمية التي تؤمّنه. هشاشة «فايسبوك» في الاتجاه عينه، أورد الدكتور محمد عمر، وهو الرئيس التنفيذي لشركة «فيرتشوبورت» التي نظّمت هذا المؤتمر، إحصائية تفيد بأن مليوني كومبيوتر جرى اختراقها في الشرق الأوسط، وهو عدد يزيد بعشرة آلاف ضعف عن نظيره عالمياً، ما يدلّ على ضعف الاستراتيجيات المتّبعة في حماية المعلومات شرق أوسطياً، إضافة الى قلة تنبّه الجمهور لأهمية انخراطه في مكافحة هذه الظاهرة. وأشار عمر إلى أن مخترقي الحواسيب هم شريحة متنوّعة، فبعضهم من الهواة الذين يسعون لإثبات قدراتهم التقنية على سبيل التباهي، وبعضهم الآخر يسعى للإضرار بالآخرين أو يتوخى الربح والسرقة. وأشار إلى فضيحة اختراق شبكة الألعاب الإلكترونية لشركة «سوني بليستيشن» العملاقة مع سرقة معلومات عن 77 مليون شخص. وأشار إلى أنّ الاختراقات لا تقتصر على نُظُم المعلومات في الحواسيب والخليويات الذكيّة والإنترنت، بل تشمل القطاعين الحكومي والخاص. في سياق متصل، كشفت دراسة حديثة، أعدّتها شركة «جونيبر نتوركس» Jupiner Networks أن التهديدات الأمنية طاولت الحواسيب المكتبية والمحمولة والهواتف الذكية التي تتعامل مع تطبيقات مثل «أندرويد» Android وشبكات «واي فاي» اللاسلكية، مبيّنة أن عدد هذه الهجمات زاد بنسبة 400 في المئة في الآونة الأخيرة. ويعني ذلك أن الخليويات الذكية أصبحت هدفاً ثابتاً لهجمات مخترقي النُظُم الرقمية. وفي الوقت عينه، تزايد اتساع الفجوة بين قدرات المخترقين ال «هاكرز» من جهة، وإجراءات الحماية المعتمدة من قِبل المؤسسات والأفراد من الناحية الثانية. وحازت الشبكات الاجتماعية وعلاقتها بمحاولات الاختراق والانتهاكات الإلكترونية، نصيباً كبيراً من نقاشات المؤتمر، خصوصاً مع وجود بليون شخص يستعملونها يومياً.