أبدت مصادر رسمية مصرية ارتياحاً بالغاً بالخطوة التي أقدمت عليها السلطات الإيرانية قبل يومين برفض دخول اصوليين مصريين وصلا الى مطار طهران على متن طائرة تابعة لشركة "لوفتهانزا" بعدما رحّلتهما السلطات الألمانية مع ذويهما. واعتبرت المصادر الإجراء "بادرة طيبة تعكس تعاطياًَ جديداً مع قضية الاصوليين المصريين الفارين المطلوبين للخضوع أمام القضاء المصري". ولم تر المصادر في المعلومات التي كشفت أن الاصوليين عبدالآخر حماد ومحيي الدين أحمد عبدالمنعم وصلا الى مطار فرانكفورت الألماني في 26 كانون الثاني يناير الماضي قادمين من إيران "ما يشير الى أنهما أقاما في ذلك البلد لفترة بعلم الأجهزة الرسمية الإيرانية". وأوضحت أن القاهرة تلقت معلومات تؤكد أن الاثنين عاشا لسنوات بأسماء مستعارة في بلدين عربيين ثم رتبا للسفر الى المانيا للحصول على اللجوء السياسي، واضطرا الى التوقف لأيام في طهران لتضليل أجهزة الأمن المصرية، وأنهما استخدما أوراقاً مزورة للدخول والخروج من مطار طهران. وأن السلطات الإيرانية لم تكتشف أمرهما اثناء الفترة التي اقاما فيها هناك. وظهرت إشارات عدة على تحسن متوقع في العلاقات المصرية - الإيرانية أخيراً كان أبرزها برقية تهنئة بعث بها الرئيس حسني مبارك الى نظيره الإيراني محمد خاتمي عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وموافقة مجلس الوزراء المصري قبل أيام على تنظيم معرض للسلع الإيرانية في القاهرة، وكذلك زيارة قام بها خبراء قانونيون وماليون في وزارة الانتاج الحربي المصرية الى طهران بحثوا خلالها مع خبراء إيرانيين في كيفية تجاوز مشاكل مالية ظلت عالقة بين البلدين منذ عهد الشاه. وتمنت المصادر المصرية أن يكون الموقف الإيراني من قضية الأصوليين حماد وعبدالمنعم "بداية لمرحلة جديدة من التفهم المشترك لقضايا ظلت محل خلاف بين البلدين لسنوات طويلة آن لها أن تحسم". وكانت الحكومة الالمانية أصدرت بعد يومين من وصول الاصوليين مطار فرانكفورت قراراً برفض منحهما اللجوء السياسي وترحيلهما الى مصر، فاستأنفا القرار أمام محكمة المدينة وأمام المحكمة العليا التي أصدرت الجمعة الماضي حكماً نهائياً قضى برفض منحهما اللجوء وترحيلهما الى الدولة التي قدما منها وهي إيران. وعاد حماد وعبدالمنعم مع ذويهما أول من امس الى مطار فرانكفورت مرة أخرى على متن الطائرة نفسها التي كانت اقلتهما الى طهران فاحتجزتهما السلطات الألمانية مع ذويهما في حجرة تقع قرب صالة الترانزيت في المطار. وبدأ اصوليون مصريون جهوداً تهدف الى السير في اجراءات قانونية جديدة لإدخال زميليهم الى المدينة ومنع ترحيلهما الى أي دولة عربية خشية تسليمهما لاحقاً إلى مصر. وأرسل محامي "الجماعة الاسلامية" في مصر منتصر الزيات أمس برقيات استغاثة بالإنابة عن موكليه الى منظمات دولية تعمل في مجال حقوق الانسان، ناشدها فيها التدخل للضغط على الحكومة الألمانية لحل قضيتهما والحؤول دون ترحيلهما الى مصر أو أي دولة عربية، لافتاً الى أن "الاتفاق العربي لمكافحة الإرهاب" الذي دخل حيز التنفيذ العام الماضي كفيل بقيام أي دولة عربية يرحل لها الاثنان بتسليمهما الى الحكومة المصرية، وأشار الى أن الاثنين مدرجان ضمن لائحة المتهمين في قضية تحمل الرقم 502 وتضم اسماء كل قادة التنظيمات الدينية المصرية الفارين في الخارج، ويرجح أن تحال على القضاء العسكري. وتعتقد السلطات المصرية بأن الاثنين من القادة البارزين لتنظيم "الجماعة الاسلامية"، وأن حماد أحد أعضاء مجلس شورى التنظيم وهو كان حوكم العام 1981 في قضية محاولة اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، لكنه حصل على البراءة، في حين دين عبدالمنعم في القضية نفسها بالسجن لمدة سبع سنوات. وغادر الاثنان مصر في نهاية التسعينات وجالا في دول عدة قبل أن يصلا أخيراً الى ألمانيا.