خلّفت زيارة الرئيس ألاميركي بيل كلينتون لباكستان قدراً كبيراً من الشك والقلق لدى الأوساط السياسية الباكستانية، خصوصاً بعدما حذّر في خطابه الموجه للأمة الباكستانية من مخاطر مواجهة العزلة الدولية في حال فشلت في التعامل مع المشاكل التي تعاني منها. وحسب المقربين من محادثات الطرفين الأميركي والباكستاني فإن تعاون إسلام آباد في القبض على أسامة بن لادن وسوقه الى المحاكمة، كان في مقدم المطالب الأميركية. ورغم تعهد الحاكم العسكري الباكستاني الجنرال برويز مشرف بالتوجه إلى أفغانستان لإقناع حركة "طالبان" بالعمل على مكافحة الإرهاب فان الرئيس الأميركي غادر "غير مرتاح" الى الزيارة التي قيل إنه اختتمها غاضباً، رغم بادرات قدمتها باكستان ليس اقلها ما قدم في مجال حمايته من نزع سلاح الجنود الباكستانيين في القاعدة الجوية التي هبط فيها. وربما كان الغضب الاميركي عادياً بالنسبة الى دولة أخرى، لكنه في باكستان يحمل مغزى "طلاق" بعد شراكة استمرت نصف قرن مع القوة العظمى الوحيدة في العالم. وأثبتت تصريحات الرئيس الأميركي خلال زيارته إلى الهند أن واشنطن شقت طريقها في جنوب آسيا على أساس "إشهار الزواج" مع الهند بعدما سبق ذلك طقوس العقد ونحوه. ووقع كلينتون خلال زيارته إلى الهند جملة من العقود الاقتصادية التي وصلت قيمتها إلى بليوني دولار. و قبل الاتفاقات الاقتصادية كانت المصادقة على الموقف الهندي في المنطقة مخيبة لآمال الكثير من المحللين في باكستان. ففي كلمته إلى الشعب الباكستاني وصف كلينتون "خط المراقبة" بين الهندوباكستان بأنه حدود وهو امر يتناقض مع قرارات سابقة للأمم المتحدة. تضاف الى ذلك مطالبته باكستان بتهيئة الظروف للمحادثات مع الهند وطرحه أسئلة على الباكستانيين من نوع: "هل أنتم أكثر أمناً بعد حصول التجارب النووية؟ في حين لم يطرح مثل هذه الأسئلة على القيادة الهندية. كذلك ربط كلينتون بين الإرهاب و كشمير دون أن يشير ولو بكلمة الى ممارسات الجيش الهندي في كشمير المعترف دولياً بأنها منطقة متنازع عليها. ويظهر أن السياسة الأميركية هذه لن تنحصر في الهند و باكستان بل ستشمل المنطقة. ولذا حذرت الصين من مغبة تزايد النفوذ الأميركي في جنوب آسيا. لكن الصين، كما يراها الاميركيون، "تنبح دون أن تعضّ". والآن بدأت باكستان تتحرك باتجاه شرق آسيا وسيقوم الحاكم العسكري الباكستاني الجنرال برويز مشرف بزيارة إلى دول مثل ماليزيا وأندونيسيا وسنغافورة وبروناي لتعزيز التعاون الاقتصادي بين هذه الدول.