تعتمد تركيا بشكل متزايد على استيراد الطاقة لتلبية حاجتها ومن المتوقع ان يتزايد اعتمادها على الغاز المستورد، المسال والطبيعي، كمصدر رئيسي للطاقة، اذ تستورد حالياً 65 في المئة من الخارج، ويؤدي تزايد اعتماد تركيا في الفترة المقبلة على الغاز الطبيعي، كمصدر نظيف للطاقة، إلي تعزيز فرص استيرادها للغاز من مصر ومن دول اخرى، وتستورد البلاد حالياً نحو 7 بلايين متر مكعب سنوياً من الغاز ستتضاعف من خلال العقود التي وقعتها اخيراً الى نحو 15 بليون متر مكعب سنويا، وهو يقل كثيراً عن حاجتها المقدرة بنحو 55 بليون متر مكعب سنويا بعد سبع سنوات من الآن ترتفع الى نحو 60 بليوناً سنويا بحلول سنة 2010، ومن المتوقع ان يستخدم اكثر من نصف هذه الكمية في تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء في ضوء أن تركيا تستخدم 52 في المئة من اجمالي الغاز الطبيعي المستورد في اغراض انتاج الطاقة، بينما يتم استخدام 42 في المئة في تلبية حاجات قطاعي المنازل والصناعة و6 في المئة لقطاع الاسمدة الكيماوية. وتركيا في حاجة الى استثمار 99 بليون دولار في مجال الطاقة بحلول سنة 2020 لمواجهة الحاجات المتزايدة من الاستهلاك والتي من المتوقع ان تصل الى 550 بليون كيلوواط ساعة بحلول السنة المذكورة، من هذا المنطلق اكدت تركيا حرصها على استيراد الغاز الطبيعي المصري الذي تحتاج إليه بكميات كبيرة ومتزايدة، واعلن ذلك رسمياً الرئيس التركي سليمان ديميريل عندما استقبل وللمرة الاولى وزير البترول المصري السابق حمدي البنبي اثناء زيارته أنقرة نهاية شباط فبراير 1999 إذ طالب الرئيس التركي بسرعة العمل على الانتهاء من عملية التقويم للمشاريع المطروحة حالياً للتعاون بين البلدين في مجالات الطاقة خصوصاً تصدير الغاز إذ أن مصر من اقرب الدول جغرافيا لتصدير هذا الوقود النظيف الى تركيا ذات السوق الكبير. وكانت مصر وتركيا وقعتا في 26 شباط فبراير 1999 على بروتوكول مهم في مجال الطاقة يحدد الخطوات التنفيذية لمذكرتي التفاهم الموقعتين قبل ذلك بين الدولتين في شأن تصدير الغاز والذي يصل في مرحلته الاولى الى 5 بلايين متر مكعب سنوياً يمكن زيادتها في مراحل لاحقة بما لا يتعارض مع استيراد تركيا للغاز من دول اخرى ايضا. وعزز هذا الاتفاق بآخر تم الشهر الماضي لدى زيارة وزير البترول المصري الجديد سامح فهمي لتركيا وينص البروتوكول على قيام خبراء من الشركة المصرية للغازات الطبيعية جاسكو التابعة لقطاع البترول وشركة خطوط الانابيب التركية المملوكة للدولة بوتاس بعقد اجتماع في القاهرة لاختيار بيت الخبرة الاستشاري الذي سيحدد الجدوى الاقتصادية لمشاريع نقل الغاز الطبيعي المصري لتركيا وسيتم تقويم ثلاثة بدائل لنقل الغاز المصري منها: البديل الاول: نقل الغاز الطبيعي خلال خطوط انابيب برية من طابا عبر الاراضي الاردنية والسورية إلي المنطقة الشرقيةجنوبتركيا أسوة بمشروع الربط الكهربائي بين مصر والاردن وسورية وتركيا، والبديل له مغزى مهم في تعزيز التعاون الاقليمي والمتعدد الاطراف بين دول المنطقة كما أنه اقل كلفة وسيكون نموذجاً ممتازاً لامتداد هذا التعاون الاقليمي لمشاريع اخرى وانه لن يكون مجرد خط انابيب لنقل الغاز وإنما خط للصداقة بين دول المنطقة، ويستهدف الاقتراح التركي الاستفادة من المشروع الذي يتم التفاوض عليه حالياً بين مصر والاردن والذي يقضي بمد خط انابيب من عيون موسى الى الاردن عبر طابا بحيث يمتد هذا المشروع المقترح بعد ذلك الى سورية ثم تركيا. البديل الثاني: نقل الغاز الطبيعي خلال خطوط انابيب بحرية تحت البحر المتوسط من العريش الى الساحل الشرقي الجنوبيلتركيا على البحر المتوسط. البديل الثالث: نقل الغاز الطبيعي بعد اسالته عن طريق الناقلات من مدينة بورسعيد الى ميناء ازمير على الساحل الغربي الجنوبيلتركيا على البحرالمتوسط إذ يتم هناك اعادته لحالته الغازية، وقدم الجانب المصري عرضاً مفصلاً عن هذا البديل الذي يأتي كعرض مشترك من جانب الهيئة المصرية العامة للبترول وشركتي اموكو الاميركية واجيب الايطالية. يشار الى ان الغاز الذي سيتم تسييله وتصديره في إطار هذا المشروع يتم انتاجه من منطقة دلتا النيل التي برز اسمها في السنوات الاخيرة باعتبارها مركزاً عالميا لانتاج الغاز الطبيعي وذلك بعد سلسلة الاكتشافات المهمة التي حققتها اموكو وغيرها من الشركات هناك. مفاوضات لتصدير الغاز المصري للاردن وعلى جانب آخر وقعت شركة اموكو الاميركية اتفاقا مبدئياً لدرس بناء خط انابيب عبر سيناء لتصدير الغاز المصري الى الاردن، إذ سيعبر شبه جزيرة سيناء ويمر تحت البحر الاحمر الى ميناء العقبة الاردنيالجنوبي ليرتبط بشبكة وطنية لانابيب الغاز للاستخدام الصناعي تنوي اموكو القيام بها ايضا كجزء من المشروع، هذا اضافة الى توفير وقود اقل كلفة لصناعات الاسمدة الاردنية والمشاريع الصناعية الكبرى والحاجات المتزايدة للوقود لمحطات الكهرباء الاردنية التي من المتوقع زيادة طاقتها الى نحو 1500 ميغاواط خلال العشر سنوات المقبلة في مقابل نحو 1400 ميغاواط حاليا، مع توقع نمو استهلاك الطاقة بنحو 5 في المئة سنوياً. وسيعتمد المشروع بشكل اساسي على السعر الذي ستضعه اموكو لمشتروات الاردن من الغاز، ولن يتحمل الاردن كلفة المشروع الذي سيتم بناؤه على اساس عقد بناء وتشغيل وتملك على ان يتم تسجيل شركة محلية تكون هي المالكة والمشغلة له. وناقشت اللجنة الاردنية المصرية العليا المشتركة في اجتماعها الاخير في القاهرة المشروع المقترح لبناء خط انابيب لنقل الغاز المصري عبر سيناء الى الاردن بطول 270 كيلو متراً من منطقة عيون موسى في الضفة الشرقية لخليج السويس الى موقع قريب من ميناء العقبة المطل على البحر الاحمر، ومن المخطط ان ينقل الخط 200 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يومياً كمرحلة اولى على ان ترتفع الشحنة اليومية الى 400 مليون قدم مكعب في المستقبل، وتقدر حاجات الاردن من الغاز بنصف مليون طن سنويا يتم استيراد معظمها من العراق الذي يزود الاردن ايضا بكميات من البترول تصل الى 2.3 مليون طن من الزيت الخام بالاضافة الى 2.1 مليون سنوياً من المشتقات البترولية. وكانت اموكو الاميركية وشركة تراكتيل البلجيكية وقعتا اتفاقاً مع وزارة الطاقة والموارد الطبيعية الاردنية لتطوير شبكة خطوط انابيب للغاز الطبيعي في الاردن. واعلنت اموكو ان الشركتين ستطوران وتشغلان شبكة خطوط انابيب في الاردن لنقل وتوزيع وتسويق الغاز الطبيعي، ويقضي الاتفاق بان تقتصر المسؤولية على اتفاقات شراء الغاز وعمليات النقل والتوزيع والتسويق عبر الشبكة على الشركتين. والمعروف ان اموكو مرتبطة مع الاردن في خطط شركة البترول الوطنية لتطوير الانتاج من حقول الريشة للغاز القريبة من الحدود العراقية التي تنتج حوالي 30 مليون قدم مكعب يومياً لاغراض توليد الكهرباء. وكان مشروع مصنع الغاز المسال في ميناء العقبة تعثر بعد ان احجمت اسرائيل عن تنفيذ اتفاق اولي مع شركة انرون الاميركية لشراء الغاز القطري بحجة التكلفة المرتفعة لنقله بحراً من قطر.