ابدى ديبلوماسي جزائري امس، مخاوف جدية من ما وصفه ب"استعراض القوة في المملكة المغربية" وربط بين التظاهرات السلمية التي جرت الاحد الماضي، في الرباط والدار البيضاء وما حدث في الجزائر سنة 1990 عندما انطلقت تظاهرات الجبهة الاسلامية للانقاذ المنحلة. وجدد المسؤول الذي رفض كشف اسمه في حديث الى "الحياة" حرص الجزائر على امن المغرب، وقال: "امنه واستقراره من امن الجزائر. اننا لم ولن نتمنى الشر للمغرب". وقال الديبلوماسي الجزائري ان حكومة بلاده تبقى حريصة على تطوير العلاقات بين البلدين، مستنكراً في سياق حديثه "السلوك السياسي المغربي ازاء الجزائر، خلال سنوات الازمة اذ كانت الحدود معبراً للاسلحة والمخدرات". وعن العلاقات الجزائرية - المغربية لم يتردد المسؤول في القول انها "لا تخرج عن طابعها الروتيني" نافياً حدوث اي تقدم في معالجة الملفات العالقة بين البلدين حيث اللجان المشتركة بقيت مجمّدة منذ 1995. وعن القمة التي قد تعقد في القاهرة بين الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة والملك محمد السادس، على هامش القمة الافريقية - الاوروبية المقررة يومي 3 و4 نيسان ابريل المقبل، اوضح انه "لا فائدة ترجى من قمة بلا ملفات" قبل ان يعبّر عن رفض الجزائر "اقامة علاقات مبنية على المزاج"، لا تعالج في العمق ابرز الملفات المطروحة بين البلدين. وبحسب المسؤول الجزائري فان المغرب "يبدي مواقف اعلامية مخالفة لممارساته الديبلوماسية" وذكر ان كل زيارات المسؤولين المغاربة الى الجزائر منذ تولي بوتفليقة الرئاسة لم تكن تندرج في اطار تطوير العلاقات بين البلدين، موضحاً ان زيارة وزير الداخلية السابق السيد ادريس البصري كانت في اطار اجتماع وزراء داخلية الحوض الغربي للمتوسط "وليس خصيصاً لترقية العلاقات الثنائية. وقد بادر الرئيس الى الالتقاء به"، اما خليفته احمد الميداوي فقد زار الجزائر في اطار اجتماع وزراء الداخلية العرب، وكذلك كانت زيارة عبدالواحد الراضي رئيس البرلمان المغربي الذي شارك في اجتماع مؤتمر البرلمانيين العرب الذين التقاهم بوتفليقة. اما فيما يتعلق بزيارة وزير الشباب والرياضة المغربي او كاتب الدولة المغربي للتعاون والعالم الاسلامي فإن زيارتهما كانت بهدف دعم ترشيح المغرب لاستضافة كأس العالم لكرة القدم على اساس ان الجزائر ترأس منظمة الوحدة الافريقية، وكذلك دعم ترشيح السيد عمر الكباج مسؤول البنك الافريقي للتنمية. وشدد الديبلوماسي الجزائري على ان المبعوث الوحيد الذي زار الجزائر بهدف اعطاء دفع سياسي حقيقي للعلاقات بين البلدين كان وزير الخارجية السيد احمد بن عيسى. واوضح ان هدف المغرب من هذه العملية هو "ايهام الرأي العام العربي والدولي بأن لديه رغبة صادقة في تطبيع العلاقات مع الجزائر وان المشكلة تكمن فينا". واضاف، ان الجزائر "تتمسك بإعطاء دفع جديد للعلاقات وفق شروط تضمن ديمومة هذه العلاقات بإرادة صادقة وفي اطار الاحترام المتبادل والتعاون لتحقيق المصلحة المشتركة بين البلدين"، داعياً المملكة المغربية الى ابداء حسن نيتها بالنسبة الى العلاقات الثنائية، وضمن اطار اتحاد المغرب العربي. وفي اطار العلاقات بين البلدين ضمن اتحاد المغرب العربي، دعا المسؤول الجزائري نظراءه المغاربة الى ابداء حسن نياتهم من خلال "التوقيع على الاتفاقات المغاربية ال37 والتي لم تدخل حيز التنفيذ بسبب عدم توقيع المغرب عليها منذ سنوات"، وتتعلق هذه الاتفاقات بقضايا المنشآت القاعدية والثقافة والتربية والمال، اضافة الى "رفع قرار تجميد نشاطاته في الاتحاد المغاربي والتي لا تزال قائمة من الناحية القانونية حتى الآن". واشار في هذا الاطار الى رفض وزير الخارجية المغربي الاجتماع مع وزراء خارجية دول المغرب العربي الذي عقد على هامش قمة شتوتغارت الاورو-متوسطية في نيسان 1999. وبالنسبة الى العلاقات الثنائية دعا الديبلوماسي الجزائري المسؤولين المغاربة الى الغاء التأشيرة المفروضة على الرعايا الجزائريين وعلى الفرنسيين من اصول جزائرية اضافة الى اعادة بعث اللجان المشتركة الاربع والتي شكلت مطلع 1995. الامر الذي دفع الديبلوماسي الى القول حد ان "بعض الدول المغاربية لا يهمها سوى تحقيق مصالح تجارية بحتة من خلال السوق الجزائرية او الليبية" مشدداً على اهمية اعادة بناء المغرب العربي وفق "نظرة عصرية وعقلانية وبالتدرج في تحقيق الاولويات" مسجلاً في سياق حديثه "هزالة مردود الامين العام للاتحاد والذي انتهت ولايته منذ سنتين ونحن ننتظر اجتماع المسؤولين المغاربيين لاعادة انتخاب امين عام جديد". ودعا الى اعادة بناء العلاقات "من الاساس ووفق نظرة استراتيجية وليس تكتيكية" اذ ذكر بأن المشاريع الاستراتيجية لا تتأثر بتأزم العلاقات واعطى مثالاً على ذلك مشروع الغاز الرابط بين الجزائر واسبانيا عبر المغرب المعروف باسم "غازودوك".