أكدت مصادر مطلعة ان الجولة الحالية للموفد التونسي وزير الخارجية السيد سعيد بن مصطفى على العواصم المغاربية تهدف الى انضاج الظروف لتنشيط الاتحاد المغاربي بعد استكمال تسوية قضية لوكربي. وسلم بن مصطفى رسالتين خطيتين من الرئيس زين العابدين بن علي الى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي والرئيس الجزائري اليمين زروال، ويسلم غداً رسالة مماثلة الى الرئيس معاوية ولد طايع في نواكشوط. وتندرج المبادرة التونسية في اطار ما أثمرته زيارة القذافي لتونس الخريف الماضي والتي ركز خلالها الجانبان على آفاق إحياء المؤسسات المغاربية وتهيئة الظروف لعقد اجتماع مجلس الرئاسة السابع المقرر في الجزائر. وتعزز المسعى التونسي - الليبي بالمحادثات التي أجراها بن علي مع الملك الحسن الثاني ورئيس وزرائه السيد عبدالرحمن اليوسفي خلال زيارته الرسمية للرباط الشهر الماضي والتي استأثرت أوضاع الاتحاد المغاربي بقسم كبير منها. وأفادت مصادر ديبلوماسية ان ثمة قناعة لدى المسؤولين المغاربة بضرورة معاودة تنشيط الاتحاد، مما حفز التونسيين على المضي في مبادرتهم مع الحرص على احاطتها بتكتم كامل لضمان نجاحها. ويرجح ان العواصم المعنية باتت مقتنعة بضرورة اخراج الاتحاد ومؤسساته من الشلل الحالي، الا ان انشغال الجزائر بالانتخابات الرئاسية يفرض ارجاء عقد القمة المغاربية الى ما بعد ترتيب الشؤون الداخلية للبيت الجزائري وتسلم الرئيس الجديد الملفات السياسية من سلفه وبينها ملف الاتحاد المغاربي. ويشكل الاتفاق الحاصل بين العواصم المعنية على تفعيل المؤسسات المغاربية تجاوزاً لمنطق المحاور الذي عقد العلاقات الثنائية في الثمانينات وأدى الى احتقان الاجواء الاقليمية قبل التقارب الشامل الذي توج بانشاء الاتحاد في العام 1989. وكان المغرب وليبيا شكلا "الاتحاد العربي - الافريقي" في 1984 رداً على "معاهدة الوفاق وحسن الجوار" التي توصل اليها التونسيونوالجزائريون والموريتانيون. إلا ان علاقات كل من المغرب وليبيا اليوم مع تونس تعتبر الأكثر استقراراً وحرارة مما يعني ان المنطقة لم تدخل مرحلة تحالفات وتحالفات مضادة مجدداً وانما هي مقبلة على تطورات جماعية تعيد ضخ الدماء في المؤسسات المغاربية المشلولة منذ 1995. وتعترف مصادر مطلعة بأن الخلافات الجزائرية - المغربية في شأن الصحراء ما زالت تسمم الاجواء المغاربية وتعيق محاولات تنشيط الاتحاد، خصوصاً ان سبب التجميد يعود الى احتجاج المغاربة على الدور الجزائري في قضية الصحراء، مما حمل وزير الخارجية الدكتور عبداللطيف الفيلالي على اعلان تجميد المغرب عضويته في الاتحاد خلال الاجتماع الوزاري المغاربي في الجزائر في نهاية 1995. إلا ان غير عاصمة باتت تعتقد ان الاجواء القائمة بين الرباطوالجزائر لا تمنع من تكريس وفاق على تنشيط الاتحاد ومؤسساته بسبب شدة وطأة التحديات الخارجية التي تستدعي تضافر كل الجهود لمجابهتها في اطار تجمع اقليمي متماسك. وتطرح مرحلة ما بعد القمة الافريقية التي تستضيفها الجزائر مطلع الصيف فترة محتملة لإعادة القطار المغاربي الى السكة اذا نجحت الجهود المبذولة حالياً لترطيب الاجواء وانضاج الظروف لإحياء المؤسسات المغاربية. ويعتقد ان وزير الخارجية التونسي حمل الى العواصم التي زارها نقاطاً محددة يفترض انها تعكس اجماعاً مغاربياً يمكن ان يشكل اساساً للانطلاقة الجديدة، لكن ظهور مبادرات عملية يبقى متوقفاً على طبيعة التطورات الجزائرية بعد الانتخابات كون الجزائر هي التي تمسك بمفتاح الرئاسة والذي تسلمه الى ليبيا خلال القمة المغاربية المقبلة.