قوبلت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت بصيحات الاستهجان وتعرضت للرشق بالبيض من حشود صربية غاضبة، في كل من مدينتي برتشكو شمال شرقي وبانيالوكا عاصمة الصرب - شمال غربي. ورفع المتظاهرون اصابعهم الثلاثة في الهواء اشارة الى النصر، ووصفوا في هتافاتهم الأميركيين بأنهم "مجرمون وقتلة وأعداء"، في حين احرق العلم الاميركي في مناطق الكروات التي مرت فيها اولبرايت احتجاجاً على تأييد بلادها لاحكام محكمة جرائم الحرب في لاهاي ضد المتهمين الكروات. وحضرت أولبرايت في برتشكو الحفلة الرسمية التي اقيمت في المركز الثقافي في المدينة حيث تم الاعلان عن انشاء "اقليم برتشكو" الحيادي تجاه الكيانين: الاتحاد الفيديرالي المسلم الكرواتي والجمهورية الصربية الصربي والتابع للسلطة المركزية في ساراييفو التي يشترك فيها المسلمون والصرب والكروات. وكان قرار التحكيم الذي اصدره القاضي الأميركي روبرتس أوين في آذار مارس 1999، انتزع من صرب البوسنة السيطرة على مدينة برتشكو الاستراتيجية التي احتلوها في 1992. وبموجب الوضع الجديد، ستكون لبلدية المدينة ادارة خاصة متعددة الأعراق، على الرغم من الوضع المتميز للصرب فيها، بعدما رتبوا امورها وغيروا تركيبتها السكانية التي كان المسلمون يشكلون نصفها في السابق، وأصبح الصرب الآن يشكلون حوالى 80 في المئة من السكان، فيما عجز النازحون المسلمون والكروات عن العودة اليها بسبب اقامة الصرب في منازلهم او تدميرها. وواجه الرئيس علي عزت بيغوفيتش رئيس الدورة الحالية لهيئة الرئاسة البوسنية الذي رافق اولبرايت مع عضوي الرئاسة: الصربي جيفكو راديتش والكرواتي انتي ييلافيتش، عداء من الصرب الذين رددوا عندما ترجل من سيارته "قاتل" و"سفاح". وكان بيغوفيتش واجه خلال الأسبوع الحالي انتقاداً من الصرب والكروات، بعدما قال في اجتماع لحزب العمل الديموقراطي الاسلامي الذي يرأسه ان "الأوستاش اللقب التاريخي للمتطرفين الكروات والتشيتنيك اللقب التاريخي للمتطرفين الصرب هم اعداء البوشناق، كونهم مناهضين للمؤسسات المشتركة في البوسنة". ووصف التصريح بأنه موجه لكل زعماء الصرب والكروات المعارضين لذلك بمن فيهم زميلاه في هيئة الرئاسة. وواجه التصريح انتقاداً صربياً وكرواتياً واسعاً حتى من المؤيدين لوحدة البوسنة امثال رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك والعضو الكرواتي السابق في رئاسة البوسنة ستيبان كليوتش، في حين افاد زعيم كرواتي ان بيغوفيتش هو "العدو الأبدي للكروات". وطالب عضو الرئاسة الكرواتي ييلافيتش بإنهاء وجود الاتحاد الفيديرالي وتحويل البوسنة الى مناطق اقاليم للحكم الذاتي، ما اعتبره المسلمون "ترسيخاً لمبدأ تجزئة البوسنة على اسس عرقية". واعتبر مكتب المنسق المدني للسلام في البوسنة تصريح بيغوفيتش بأنه "اهانة وتحريض، لا يساهم في مساعي الصلح والحياة المشتركة"، ما جعل المراقبين يعتقدون انه اشارة الى ابعاد بيغوفيتش عن الترشيح لانتخابات هيئة الرئاسة التي ستجري في وقت لاحق من هذا العام. وفي بانيالوكا، التقت اولبرايت مع رئيس حكومة كيان صرب البوسنة ميلوراد دوديك والرئيسة السابقة لصرب البوسنة بيليانا بلافيتش. كما اجتمعت مع رئيس جمهورية الجبل الأسود ميلو جوكانوفيتش. وتناولت المحادثات استمرار تأييد جوكانوفيتش في نزاعه مع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفتش. وأبدت اولبرايت تأييداً للمعارضة في داخل الاتحاد الفيديرالي البوسني عندما اجتمعت برئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي المسلم زلاتكو لاغومجيا ورئيس حزب المبادرة الكرواتية الجديدة كريشمير زوباك "وحضتهما على التعاون".