جرت الانتخابات البوسنية العامة، وسط مؤشرات الى ان تغييراً سيحصل في موازين القوى في مناطق المسلمين لمصلحة الأحزاب التي تتبنى التوجه المدني، في حين ان المتشددين سيحافظون على مواقعهم المتقدمة في المناطق التي يسيطر الصرب والكروات عليها. وتولت قوات حفظ السلام والشرطة الدولية حماية أمن العملية الانتخابية في أنحاء البوسنة - الهرسك، وقدرت نسبة المشاركة فيها ب65 في المئة من مجموع الناخبين البالغ عددهم مليونين ونصف المليون في داخل البوسنة وخارجها. وذكر مسؤولو منظمة الأمن والتعاون الأوروبية الذين اشرفوا على الانتخابات ان نتائجها الأولية ستظهر غداً، ويتطلب الاعلان عن نتائجها الرسمية النهائية ما بين اسبوعين وثلاثة اسابيع. وأفادت المعلومات التي جمعها الصحافيون من المقترعين عند مراكز التصويت، ان "الحزب الديموقراطي الاجتماعي" برئاسة زلاتكو لاغومجيا متقدم في مناطق المسلمين على الحزبين الرئيسيين الآخرين: "العمل الديموقراطي - الاسلامي" بقيادة الرئيس البوسني السابق علي عزت بيغوفيتش و"من أجل البوسنة - الهرسك" بزعامة السياسي البارز حارث سيلايجيتش. اما في مناطق الكروات، فإن "المجلس الشعبي الكرواتي" الذي يضم الأحزاب المتشددة ورفع شعار "الحفاظ على المصالح القومية وصيانتها" فيتقدم على "حزب المبادرة الديموقراطية" المعتدل بزعامة ممثل الكروات السابق في هيئة الرئاسة البوسنية كريشمير زوباك. وفي الكيان الصربي، فإن الائتلاف المتطرف بقيادة "الحزب الديموقراطي" الذي لا يزال سالكاً نهج زعيمه السابق رادوفان كاراجيتش سيحافظ على موقعه البارز سواء في البرلمان أو بالنسبة الى مرشحه لرئاسة الكيان ميركو شاروفيتش وهو نائب رئيس الكيان حالياً الذي بدا متقدماً بفارق كبير على منافسه رئيس الحكومة رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي ميلوراد دوديك. وجاءت هذه المؤشرات "غير المرغوب فيها" في مناطق الصرب والكروات، على رغم ان المنسق المدني لعملية السلام فولفغانغ بيتريتش، دعا مواطني البوسنة من جميع الأعراق الى "عدم الوقوع في الأخطاء السابقة، عندما منحوا أصواتهم الأحزاب القومية المتشددة". وقال "سنقف الى جانبكم في كل ما تحتاجونه من اصلاحات اقتصادية ومساعي الانضمام الى المؤسسات الأوروبية... اذا اعطيتم اصواتكم للقوى الديموقراطية المتعاونة مع المجتمع الدولي". وأوصى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يتولى حماية الجانب العسكري من عملية السلام البوسنية بأكثر من 30 ألف جندي جورج روبرتسون البوسنيين باستغلال فرصة هذه الانتخابات "للتخلي عن الماضي والتوجه الى المستقبل". وأعلن السفير الأميركي في ساراييفو توماس ميلر ان بلاده تقف الى جانب المسلم لاغومجيا والصربي دوديك والكرواتي زوباك، وحذر الصرب والكروات من قطع كل المساعدات عن مناطقهم "إذا فاز فيها القوميون المتشددون". وفي بلغراد، نقلت وسائل الاعلام عن الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا دعمه مواقف المتشددين من صرب البوسنة، عندما أكد ان حكومته "ستصر على تنفيذ اتفاق دايتون أُبرم أواخر 1995 بدقة ومن دون اجراء أي تعديلات على نصوص بنوده". وقال: "سنعترض على أي مشروع يؤدي الى الغاء كيان المنطقة الصربية هناك". ومن ساراييفو، أفاد رئيس حزب "من أجل البوسنة - الهرسك" حارث سيلايجيتش "الحياة" في اتصال هاتفي، ان ما جرى أمس "كان مجرد انتخابات ترسخ الأمر الواقع في تجزئة الجمهورية الى كيانات ومناطق عرقية، ولا تدعم مؤسسات الدولة المشتركة وتمنح جميع المواطنين فرصاً متساوية في الحياة والعمل في كل انحاء البلاد بغض النظر عن العرق أو الدين أو القومية...".