سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مقتل جندي اسرائيلي في ردّ ل "حزب الله"... ومشاورات لعقد اجتماع للجنة "تفاهم نيسان" ضربات اسرائيلية تدمّر ثلاث محطات كهرباء وحرص سوري - لبناني على المدنيين من الجانبين
أغرقت اسرائيل مناطق لبنانية واسعة في الظلام، الى أجل سيمتد شهوراً عدة، فيما نشطت الجهود الأميركية ومعها الفرنسية لانقاذ "تفاهم نيسان" ابريل الذي أعلنت اسرائيل الوزير حاييم رامون عدم التزامها إياه، طوال مدة عملياتها العسكرية التي بدأتها فجر أمس. وطلب لبنان وسورية عقد اجتماع عاجل للجنة المراقبة المنبثقة منه. وأملت مراجع رسمية لبنانية بأن تنجح هذه الجهود في عقد اجتماع للجنة خلال 48 ساعة. وأعلن بيان صدر في دمشق حرص الجانبين اللبناني والسوري على "تجنيب المدنيين على جانبي الحدود أي إصابات في الأرواح أو خسائر في الممتلكات". فيما صرح وزير الامن الاسرائيلي شلومو بن عامي بأن تصريح رامون لا يعبّر عن الموقف الرسمي بشأن "تفاهم نيسان". راجع ص4 و5 وفيما تعدّ هذه المرة الاولى التي يصدر فيها عن دمشق، باسمها وباسم بيروت، موقف من هذا النوع تعليقاً على خرق اسرائيل "تفاهم نيسان" مع ابداء الحرص على المدنيين الاسرائىليين واللبنانيين معاً، أعلن "حزب الله" في بيان قبل ظهر امس أنه يحتفظ لنفسه بحق الردّ في الوقت المناسب. وجاء الرد بعد الظهر، تحت سقف "التفاهم"، فنفّذ الحزب عملية داخل الشريط الحدودي المحتل، أدّت الى مقتل جندي اسرائيلي وجرح آخر، بينما كانت جرت العادة على ان يستهدف المناطق السكنية ومحيطها في شمال اسرائيل رداً على خرق اسرائيل "التفاهم" حين تضرب منشآت مدنية أو تطاول مدنيين، كما فعلت فجر أمس عندما دمّرت ثلاث محطات لتحويل الكهرباء في الجمهور على مشارف بيروت وبعلبك البقاع الشمالي ودير نبوح في الضنية شمال لبنان. وأدّى قصفها الجوّي لهذه المحطات الى جرح 21 مواطناً كانوا نائمين في منازلهم القريبة من المحطات. ودافع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك، صباح امس، عن الغارات الجوّية الاسرائىلية قائلاً ان "رداً مماثلاً سيحصل في حال تواصلت عمليات "حزب الله" ضدّ جنودنا... ولن نسمح بوضع يعرّض جيشنا وسكان مستوطناتنا الشمالية للهجمات"، مشيراً الى "ان هذا الجيش سينسحب من لبنان قبل تموز يوليو المقبل". وقال باراك ان هدف الغارات "إبلاغ الحكومة اللبنانية و"حزب الله" وحتى في شكل غير مباشر السوريين ان اسرائيل ليست مستعدة لقبول انتهاك من جانب واحد لتفاهم نيسان". وجاء الردّ السوري - اللبناني في البيان الذي صدر من دمشق بعد اتصال أجراه وزير الخارجية فاروق الشرع برئيس الحكومة اللبنانية وزير الخارجية الدكتور سليم الحص. وقالت مصادر رسمية في العاصمة السورية ان الحص والشرع "تبادلا خلاله وجهات النظر والمعلومات عن مجريات الاعتداءات الاسرائىلية على اهداف مدنية لبنانية وما سببته من خسائر بشرية ومادية في مناطق مختلفة من لبنان"، وأنهما "استنكرا انتهاكات اسرائيل الصارخة لتفاهم نيسان". وجاء في البيان الرسمي الذي بثته "الوكالة السورية للانباء" سانا ان الحص والشرع دعَوا الى "اجتماع خاص وفوري للجنة مراقبة تفاهم نيسان لمعالجة التطور الخطير الذي يستهدف الحاق الأذى بالمدنيين والاجهاز على عملية السلام المعطلة أصلاً بفعل التعنت الاسرائىلي". واضاف "ان الجانبين السوري واللبناني انطلاقاً من حرصهما الشديد على تجنيب المدنيين على جانبي الحدود أي اصابات في الارواح أو خسائر في الممتلكات، يطالبان الولاياتالمتحدة وفرنسا بابلاغ الحكومة الاسرائىلية ضرورة التقيد التام ببنود تفاهم نيسان ووقف اعمالها العدوانية السافرة وتصعيدها العسكري حرصاً على أرواح المدنيين وانقاذاً لعملية السلام". وكان العدوان الاسرائىلي على لبنان محور اتصالات تلقاها الشرع من وزيري الخارجية الايرانية الدكتور كمال خرازي والاردنية عبدالإله الخطيب. وقالت مصادر رسمية ان خرازي والخطيب "حمّلا اسرائيل مسؤولية التصعيد العسكري وانتهاك تفاهم نيسان"، وان الوزير الاردني أبلغ الشرع ان الدولة العبرية "تتحمّل مسؤولية ضرب عملية السلام". وقال المدير العام ل"سانا" الدكتور فايز الصائغ ان باراك "أوضح بصماته على سياساته على رغم ادعاءاته السلمية التي طالما تشدّق بها"، وان "عورة اسرائيل باتت عارية وواضحة للعيان" بعد ارتكاب باراك "جريمة قصف لبنان". وبدا واضحاً ان سورية ولبنان ومعهما "حزب الله" يخوضون معركة إعادة اسرائيل الى حظيرة "تفاهم نيسان"، خصوصاً ان عمليات الحزب خلال الايام العشرة الماضية التي أغضبت الاسرائىليين بقيت تحت سقف التفاهم مقتل عقل هاشم وخمسة جنود اسرائيليين وجرح آخرين. وأبلغ مرجع رسمي رفيع الى "الحياة" امس ان الحزب لن يستخدم على الارجح صواريخ كاتيوشا ضد شمال اسرائيل كما كان أوحى باراك حين دعا سكان المستوطنات الشمالية الى النزول الى الملاجئ ليل أول من أمس، قبل ان يأمر بقصف محطات الكهرباء الثلاث بعيد منتصف الليل. وذكر المرجع ل"الحياة" ان "حزب الله" "يتصرّف بحكمة كما فعل خلال المراحل السابقة ونحن أجرينا اتصالاتنا معه". وكان أجري اتصال بين الوزير الشرع ونظيره الايراني خرازي، الذي أجرى بدوره اتصالاً بالرئيس الحص مؤكداً دعمه الموقف اللبناني. واجتمع الحص قبل ان ينضم الى اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية أميل لحود، مع كل من سفير أميركا في لبنان ديفيد ساترفيلد والقائم بالاعمال الفرنسي فرنسوا سينيمو، وطالبهما بعقد اجتماع عاجل للجنة مراقبة تفاهم نيسان فأيدا وجوب انعقادها ووعدا ببذل المساعي في هذا الصدد. وأكد الحص لهما ان لا خرق للتفاهم من الجانب اللبناني، وقال ل"الحياة" انه لقي تجاوباً. وتلقى الحص اتصالاً من وزير الخارجية الفرنسية هوبير فيدرين بعد الظهر، وأبلغ الحص "الحياة" ان موقف الوزير الفرنسي كان حاراً ومتعاطفاً ومتضامناً، ومستنكراً ما تعرّض له لبنان من عدوان، وتبلّغ منه ان بلاده سترسل على وجه السرعة فريق خبراء وفنيين لتقدير أضرار الكهرباء ودرس إمكان المساعدة في تصليحها. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان الرئيس الفرنسي جاك شيراك استقبل امس السفير الفرنسي المعيّن في لبنان فيليب لوكورتييه وطلب منه الالتحاق بمركز عمله في أقصى سرعة، ورجّحت ان يتوجّه لوكورتييه الى بيروت اليوم الاربعاء. وأوضحت مصادر مطلعة على جوانب من زيارة فيدرين للرياض ان اتصالات كثيفة تجرى بين اعضاء لجنة تفاهم نيسان وان الجانب الاميركي الذي يترأس اللجنة الآن أكد رغبته في ان تجتمع. واطلعت المصادر على الاجواء الاسرائيلية بالنسبة الى موقف اسرائيل من اللجنة. وأبدى الجانب الاسرائيلي موقفاً مختلفاً عما صدر عن وزير الدولة الاسرائىلي حاييم رامون عن الغاء تفاهم نيسان. وفي واشنطن، قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي مايك هامر ان الادارة "في غاية القلق لتصعيد العنف. وتأسف لسقوط الضحايا والجرحى من كل الجوانب". واضاف "نأسف ايضاً للأضرار التي لحقت بالبنية التحتية وعرقلة الحياة المدنية". وتابع ان "الوضع تدهور في الأيام الاخيرة في جنوبلبنان نتيجة الهجمات الاستفزازية التي قام بها حزب الله بهدف خلق التوتر ومنع التقدّم نحو التوصّل الى اتفاق سلام". وأوضح ان "قدرتنا عن خلق الأجواء الضرورية لقيام مفاوضات جدّية، ازدادت صعوبة بسبب هذه الاحداث". وشدد على "ضرورة تهدئة الازمة الحالية من خلال لجنة المراقبة اتفاق نيسان على المدى البعيد. وان "الطريق الوحيد لانهاء هذا النزاع هو من خلال المفاوضات. وندعو جميع الاطراف لممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتهدئة هذا الوضع الخطير". وكان الرئيس اللبناني أميل لحود الذي تلقى اتصال تضامن من العقيد الركن الدكتور بشار الأسد، أكد في مستهل جلسة مجلس الوزراء ان اسرائيل وحدها تتحمّل النتائج المترتبة على سقوط تفاهم نيسان اذا استمرت في التصرّف على أساس اعتبارها أنه غير موجود، مؤكداً ان هذه الاعتداءات لن تؤدي الى خلق معادلة ميدانية جديدة لمصلحة اسرائيل خصوصاً في ما يتعلق منها بالمقاومة، بالقيام بعمليات يومية ضد العدو حتى زوال الاحتلال". وانصرف المسؤولون اللبنانيون الى معالجة آثار تدمير محطات الكهرباء الثلاث وانتقل وزير الكهرباء في سورية منيب صائم الدهر الى لبنان وتفقد محطات التحويل الثلاث المدمرة مبدياً استعداد بلاده للمساعدة في ترميمها واعادة التيار. وعقد اجتماع مسائي لوزيري الاشغال والنقل نجيب ميقاتي والموارد الكهربائية سليمان طرابلسي لتنظيم وضع جردة تفصيلية بالأضرار التي قدّرت بعشرات ملايين الدولارات، فضلاً عن الخسائر التي أصابت وستصيب الاقتصاد اللبناني من جراء حرمان مناطق كثيرة من التيار الكهربائي. فمحطة الجمهور وحدها كانت تؤمن طاقة بقوة 500 ميغاوات لبيروت وضواحيها وبعض الجبل، فيما قوة محطة دير نبوح 150 ميغاوات ومحطة بعلبك 40 ميغاوات.