سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدول الكبرى ألحّت على اسرائيل لوقف عدوانها ... والخسائر المباشرة في لبنان تفوق مئة مليون دولار . باراك يحاول التنصل والحص لا يبرئه لبنان يتمسك ب "تفاهم نيسان" والمقاومة
استيقظ اللبنانيون صباح امس على هول الكارثة التي تسبب بها القصف الاسرائيلي للبنى التحتية والمدنيين في محيط بيروت والجبل والجنوب والبقاع، وليكتشفوا ان العاصمة باتت من دون كهرباء بعد التدمير الذي احدثته الصواريخ الاسرائيلية في محطتي الجمهور وبصاليم ليل أول من أمس وفجر أمس، وأن الانتقال بين بيروتوالجنوب صعب بفعل تدمير هذه الصواريخ جسور الطرق، وأن العدوان الاسرائيلي خلّف ثمانية قتلى و64 جريحاً على الاقل، وأن احدى محطات الهاتف الخليوي دمرت كلياً، وأن الخسائر المباشرة تقدر بعشرات ملايين الدولارات تفوق المئة بالتأكيد في انتظار احصائها. راجع ص4 و5 ولئن غلب الهدوء على الوضع وتراجعت العمليات العسكرية، امس، بفعل الاتصالات والمواقف الدولية التي طالبت اسرائيل بوقف عدوانها، مشددة على العودة الى تفاهم نيسان ابريل فإن اللبنانيين عاشوا آثار هذا العدوان. وإذ اتخذ مجلس الوزراء اللبناني قراراً في اجتماع استثنائي له امس برئاسة رئيس الجمهورية العماد أميل لحود بإعادة بناء ما تهدّم في سرعة فإن الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها لبنان في العجز في الخزينة، ستزداد بفعل التكاليف الباهظة التي سيتكبدها نتيجة ما حصل، اذا لم يحصل على مساعدات تخف من وطأتها. ودعا لحود، في كلمة وجهها الى المواطنين تليت في الجلسة، القادرين من اللبنانيين مقيمين ومغتربين الى المساهمة مع الدولة في الاعمار. وأكد "للاصدقاء في العالم اننا دعاة سلام عادل وشامل وحقيقي هو خيارنا وخيار سورية". وقال "ان اسرائيل لا تزال تناور في اجزاء السلام وجزئياته". وبينما قرّر مجلس الوزراء "اجراء اللازم قانوناً لمطالبة اسرائيل بتعويض الاضرار الناتجة عن اعتداءاتها، كما طلب لحود، فإن الاخير أكد الموقف اللبناني الواحد ووحدة المصير والمسار مع سورية - الأسد. وفيما نقلت الاذاعة الاسرائىلية ا ف ب عن قريبين من رئيس الحكومة الاسرائىلية المنتخب ايهود باراك استياءه لوضعه أمام الأمر الواقع، وسط تقارير صحافية عن ان رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتانياهو أمر بالعدوان، فان رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص قال في تصريحات له امس ان لبنان "ليس مستعداً ان يبرىء أي مسؤول اسرائىلي من هذه الجريمة"، مشككاً في نفي باراك علمه بما حصل، ومعتبراً انه وسلفه متفقان على العملية. وكان ديفيد زيسو الناطق باسم باراك قال ان الحكومة القائمة هي "بموجب القانون المسؤولة الوحيدة عن القرارات التي تتخذ والعمليات التي تشن". وأضاف ان باراك "ينوي تسريع المفاوضات بشأن تشكيل حكومته بهدف التمكن من الامساك بزمام الأمور بأسرع ما يمكن خصوصاً بالنسبة الى لبنان". وبدأ باراك عملياً توزيع الحقائب في حكومته الجديدة بعد اتفاق مع كل من حزب اسرائيل بعليا للمهاجرين الروس والحزب الوطني الديني مفدال. وكان باراك قال في اجتماع لقائمة اسرائيل واحدة اول من أمس: "أود باسمي واسم حزبي، ان اعبر عن دعمي لسكان الشمال، الذين تعطينا مرونتهم ومرونة جيش الدفاع، القوة للتفاوض على سحب جيش الدفاع من لبنان في غضون السنة الأولى من ولاية الحكومة". وتجنّب لبنان اللجوء الى مجلس الأمن الدولي حتى يتفادى أي تعديلات على قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425 الصادر العام 1978 بعد الاجتياح الاسرائىلي الاول لجنوبلبنان. وركّز الحص، في تصريحاته والاتصالات التي أجراها مع المراجع الدولية على عودة لجنة المراقبة المنبثقة من "تفاهم نيسان" ابريل الى ضبط الوضع، بعدما بدا ان هدف العدوان تغيير قواعد اللعبة ونسف التفاهم الذي يقوم على تجنّب المدنيين في المواجهات الدائرة في الجنوب. واجتمع الحص مع السفير الاميركي في بيروت ديفيد ساترفيلد الذي كان خارج لبنان كما قال الحص اول من امس. ودعا الاخير الى ضبط النفس والتزام تفاهم نيسان كمعبر يجب ان يلجأ اليه الافرقاء... واجتمع الحص مع السفير الفرنسي في بيروت دانيال جوانو الذي ترأس بلاده لجنة المراقبة. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة" ان "ضغوطاً دولية انصبّت على الجانب الاسرائيلي لوقف العدوان، نظراً الى اعتبار الدول الكبرى ان العمليات الاسرائىلية، اذا كانت تستهدف الرد على ضرب "حزب الله" صواريخ الكاتيوشا على شمال اسرائيل، "غير متوازنة". وعلمت "الحياة" ان اتصالات الحص مع السفيرين الاميركي والفرنسي أدت الى "تطمينات مشروطة" بوقف العدوان، على ألا يكون الجانب اللبناني بادئاً بتصعيد المواجهات ما وراء الحدود كاتيوشا والا يعطي ذرائع للاسرائيليين. ودعت ادارة الرئيس بيل كلينتون امس مختلف الاطراف المعنية بالوضع في لبنان الى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. ودعا الناطق باسم مجلس الامن القومي بي.جي كراولي الاطراف الى احترام "تفاهم نيسان" و"تفادي التعرّض للاهداف المدنية وللمدنيين". وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك بعث برسالة الى الرئيس لحود أكد فيها انه تمّ تجاوز "تفاهم نيسان" عمداً. وأكد وقوفه الى جانب لبنان، داعياً الى احترام التفاهم. واتصل شيراك بالرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري. وقالت مصادر الاخير ان الرئيس الفرنسي رأى بدوره ان الرد الاسرائىلي "غير متوازن" وفيه "تصعيد خطير للعنف". وعبّر الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان عن "قلق عميق" حيال التصعيد، مساوياً بين "الهجمات المباشرة على اهداف مدنية في مناطق عدة في لبنان واطلاق القذائف على شمال اسرائيل". وقال الناطق باسمه "ان سيطرة الطرفين على اتباعهما في جنوبلبنان تراخت مما اثّر في السكان المدنيين". ودان مجلس التعاون الخليجي بشدة "الاعتداء الاسرائىلي الغاشم على لبنان والمسرف في نية الإضرار والإستهانة بمبادىء القانون الدولي". وأكد الامين العام للمجلس الشيخ جميل الحجيلان ان هذه الاعتداءات "تؤكد غلو السياسة العدوانية لاسرائيل واصرارها على استفزاز المشاعر العربية وتأتي في الوقت الذي أعربت فيه بعض الاوساط الدولية عن أملها في سياسة اسرائىلية جديدة تسعى للسلام". وعقد الحص ليل امس مؤتمراً صحافياً في السرايا، قال فيه "ان ضبط النفس لا يعني من وجهة نظرنا وقف نشاط المقاومة التي ندعمها ما دام هناك شبر من ارضنا محتلاً". وعن تخوّف لبنان من عدوان جديد، قال: "لا نستطيع ان نطمئن الى ما يمكن ان تفعله اسرائىل، فنحن فوجئنا بهذا العدوان الواسع ولم نكن نتوقّعه". وأشار "الى اتصالات مع دول القرار داعين اياها الى الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها، كذلك دعوتنا لجنة التفاهم الى الاجتماع عاجلاً الاثنين المقبل". وعن فاعلية هذه اللجنة، اجاب: "ان لها رصيداً مرتبطاً بوجود ممثلي بعض دول القرار لعلنا نحقق شيئاً مما نطلب". وقال "ان الدول العربية داعمة للبنان وقد تبلغنا ذلك رسمياً من معظمها، وطلبنا منها التدخل للضغط على اسرائيل من خلال الدول الكبرى". واشار الى "خسارة اقتصادية غير مباشرة يصعب تقديرها خصوصاً ان العدوان جاء في بداية موسم كان يمكن ان يكون زاهراً". وسئل: هل الحكومة طلبت من "حزب الله" وقف الكاتيوشا لوقف المعادلة التي اطلقتها اسرائيل؟ اجاب "ان حزب الله واع مسؤولياته ويتصرف من هذا المنطلق". وعن تفاؤل باراك بقرب التسوية قال "ننظر اليه في حذر. فباراك لا يمكن ان يكون اسوأ من ناتانياهو، لكننا لسنا مراهنين عليه لأن في تاريخه كثيراً من التشدد وما صدر عنه من تصريحات لا يبشّر بالكثير من الاعتدال خصوصاً في حديثه عن الانسحاب من لبنان في سنة، اذ قال عبارة وراءها نيات مبيتة وهي: وفق اتفاق مع لبنان". وسئل هل ان العدوان بداية مفاوضات، فاجاب : "اذا كانت اسرائيل تمهد على هذا النحو فلا يستبشرن احد كثيراً بهذه المفاوضات". واعلن مساء امس ان الامير الوليد بن طلال اتصل بالمسؤولين اللبنانيين مبدياً استعداده للتكفل بإصلاح محطتي الكهرباء.