"خسر اليمن بوفاة الشاعر الغنائي حسين أبو بكر المحضار، قامة أدبية شامخة وفارساً من فرسان الكلمة المبدعة والنغم الجميل". بهذه الكلمات استهل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح تعزيته الى المحضار حسين أبو بكر المحضار بوفاة والده الذي ووري جثمانه أول من أمس في مسقطه في مدينة الشحر في محافظة حضرموت. وتقدم مشيعي الشاعر الذي توفي عن عمر يناهز 70 عاماً، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبدالقادر باجمال وعدد كبير من كبار المسؤولين في الحكومة والأحزاب السياسية والمواطنين. وكان الوسط الثقافي والفني فجع برحيل المحضار صاحب العطاء الذي لم يتوقف على مدى خمسين عاماً شعراً ونغماً وغناء، وخصصت وسائل الاعلام اليمنية، الصحافة والتلفزيون والاذاعة، مساحات من صفحاتها ووقتاً من برامجها للحديث عن الشاعر الفقيد وابداعاته في مجال الشعر الغنائي والتراث الشعري الحضرمي الأصيل. وشكل ظهور المحضار قبل أربعين عاماً واطلالته على الشعر الغنائي اليمني بداية ازدهار وتطور الأغنية اليمنية ونموها، اذ بدأ يكتب قصائده الغنائية للفنان اليمني المخضرم سعيد عبدالمعين وبعدها شكل ثنائياً مع الفنان الراحل محمد جمعه خان الذي تجاوز بصوته وألحانه الحدود اليمنية وصولاً الى دول الجزيرة والخليج العربي والهند وشرق أفريقيا وشمالها وشرق آسيا وغيرها من بلدان العالم. وفي العقود الثلاثة الأخيرة من عمره غنى للمحضار فنانون عرب كبار أبرزهم أبو بكر سالم بالفقيه يمني الأصل والدكتور عبدالرب ادريس وعبدالله الرويشد الذي اعتبر المحضار الشاعر جزءاً من شخصيته الفنية، بالإضافة الى الفنان السعودي الكبير محمد عبده وعبدالمجيد عبدالله وغيرهم. أما في اليمن فقد غنى للمحضار العشرات من الفنانين اليمنيين الكبار. صدرت للمحضار ثلاثة دواوين شعرية هي "دموع العشاق" و"ابتسامات العشاق" والثالث "حنين العشاق". وكان متفرداً في توثيق ألحانه وقصائده الشعرية مثلما كان متفرداً في قصائده الملحنة وعطائه الشعري الذي عبر دوماً عن حنين المحبين وصبابتهم وأنينهم ودموعهم وترجم روح الحب في قصائده المغناة التي استلهمها من شفافيته وحساسية تجربته ونبل بيئته وصفاء ذهنه وصدقه مع نفسه ومشاعر الآخرين. كان ينجز القصيدة ويطلق اللحن في أي لحظة وفي أي مكان. ولا يعير شعره ولحنه اهتماماً لكينونة زمانية أو مكانية ويخضعان دوماً لصيرورة الحدث والتهاب المشاعر. كان يقول الشعر ملحناً بأحلى نغماته في الشارع وفي السوق وفي المنزل أو حين يكون حاضراً مع أصدقائه، وما أكثرهم. كان المحضار واحداً من الشعراء القلائل الذين لا يحفظون ما يكتبون من الشعر وينطبق عليه ذلك حتى بعد ان يكون الفنان غناها وملايين المستمعين حفظوها عن ظهر قلب. بعد معاناة مع المرض استمرت سنوات، كان عطاؤه خلالها يصارع مرضه، غادر المحضار تاركاً لأهل الفن والشعر وللعشاق الحزن على رحيله.