كشف قرار والي الخرطوم مجذوب الخليفة منع الامين العام لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم الدكتور حسن الترابي من التحدث في ندوة دعت اليها الولاية أمس، عمق السباق على خطب ود المؤيدين في صراع الترابي مع الرئيس عمر البشير وحجم إنزعاج البشير ومساعديه من أثر حديث الترابي. وأبلغ مسؤول في مكتب الامين العام للحزب "الحياة" أمس أن الترابي وافق على التحدث في ندوة كانت مقررة أمس تحت عنوان "السودان في رحاب الالفية الثالثة" ضمن برنامج معرض كتاب تقيمه وزارة الثقافة في الولاية بالاشتراك مع الدار القومية للكتاب المصرية. وأضاف أن الدعوة للندوة وجهت على نطاق واسع لكن مندوباً من الوزارة أبلغ مكتب الترابي أمس أن نقيباً في شرطة الولاية نقل توجيهاً من مدير الشرطة والوالي بمنع الندوة، وأن الشرطة طوقت أرض المعرض. وقال المصدر ان ليس في برنامج الترابي إلقاء محاضرات في الايام المقبلة. ومنعت الندوة أمس بطريقة غير مباشرة إذ لم يصدر أمر صريح بمنع الترابي وانما بإلغاء الندوة ذاتها. وتحدث الترابي في ثلاث جامعات خلال الاسبوعين الماضيين في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وتكهنات في شأن خطوته المقبلة. وعكس إسراع نائب الرئيس علي عثمان محمد طه الى عقد أكثر من اربع ندوات حتى الآن، وقيام البشير بجولة إستمرت ثلاثة أيام في ولاية الجزيرة خصصها للرد على إتهامات الترابي، مدى قلق الحكومة من خطوة الزعيم الاسلامي. ويرى مراقبون أن أتباع البشير عمدوا في البداية الى تجاهل نشاط الترابي، لكن ما إتضح من حجم تأثير ما يقوله على الشارع الاسلامي المؤيد للحكم جعلهم يتجهون نحو المنع. ويعتقد هؤلاء أن المجهود الضخم الذي بذله البشير ونائبه والآلة الاعلامية التي يملكانها لم ينجح في تخفيف وقع إتهامات الترابي للحكم، ما يجعل الامر يتجه نحو إستخدام الصلاحيات إذ يشمل ذلك قانون الطوارئ الذي يبيح المنع والاعتقال والمحاكمة. وتوقع مراقبون أن ينقل الترابي الصراع الى مرحلة جديدة تمكنه من مواصلة الامساك بزمام المبادرة في الفعل السياسي. ولا يزال قطاع كبير من قواعد الاسلاميين السودانيين ممتنعاً عن كشف موقفه من الصراع مكتفياً بإستهجانه، ما أحاط نتيجة السباق على كسب التأييد قبل إنعقاد المؤتمر العام للحزب بالغموض. واستنكر كتاب وصحافيون إسلاميون في الايام الماضية تلميحات مساعد الرئيس الدكتور إبراهيم أحمد عمر الى أن الحكومة قد تستخدم قانون الطوارئ ضد الترابي. ويعتقد على نطاق واسع أن الحد من نشاط الترابي سيقود الى تزايد التأييد والتعاطف مع موقفه، لكن المراقبين يعتقدون أن الحكومة لم تعد أيضاً تحتمل إتهاماته التي شملت التشكيك في صدق توجهها الاسلامي، وانتشار الفساد، وخضوعها لضغوط دولية لا تراعي مصالح البلاد، واحتمال قبولها فصل الجنوب.