نجح جلوس الزعيم الاسلامي السوداني الدكتور حسن الترابي، معتصماً على ارض مطار الخرطوم مع جمع من مساعديه، في افشال مسعى السلطات السودانية لمنعه واركان حزبه من الانتقال بالطائرة الى مدينة في غرب السودان لتهنئة مؤيدين اطلقتهم السلطات اخيراً بعد حكم قضائي اكد عدم جواز اعتقالهم. وجاءت التطورات الدراماتيكية عندما توجه الترابي وعدد من قادة حزبه لركوب طائرة استأجروها لنقلهم الى مدينة الفاشر في غرب البلاد، لكن مصادر في المطار ابلغتهم ان اربعة من ضباط الامن استقلوا الطائرة الى مدينة كسلا لمنعهم من القيام بالرحلة. فاحتج مرافقو الترابي لدى مدير الخطوط الجوية السودانية الذي قرر في نهاية الامر حجز مقاعد للوفد المؤلف من 25 شخصاً على متن الرحلة العادية الى الفاشر المقررة كل يوم سبت وفاء لالتزام الشركة تجاههم. وقبل انصار الترابي بهذا الحل، لكنهم فوجئوا بأن رجال الامن سحبوا سلّم الطائرة قبل وصولهم لاعتلائه. عندئذ قرر الترابي واعضاء الوفد الاعتصام جلوساً قرب سياراتهم امام الطائرة في خطوة دفعت السلطات الى الاستنجاد بالشرطة التي وصل نحو 60 من جنودها الى وسط مدرج اقلاع الطائرات. وتسبب الحادث في عرقلة حركة الطيران في مطار الخرطوم لمدة نحو ساعتين. وتدخل مسؤولون لمنع وقوع مواجهة او اعتقال زعيم حزب المؤتمر الوطني الشعبي او اصابته. وتراجع مسؤولو الامن امام ضغط الركاب العاديين الذين رفضوا مغادرة الطائرة - كما طلب منهم - الى ان ينجلي الموقف. وبدا ان الحكومة اضطرت الى التنازل في ظل حساسية الموقف والموقع ومسارعة انصار الترابي الى الاتصال بوسائل الاعلام التي بثت النبأ اثناء الاعتصام ما لم يترك عذراً لكبار المسؤولين في شأن عدم علمهم بالتطور فسارعوا الى اصدار اوامر تسمح بانضمام الترابي ووفد الحزب الى الرحلة الجوية. ووصلت الطائرة بالفعل الى مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وكان والي الولاية اللواء عبدالله صافي النور في استقبال الوفد لدى وصوله. يذكر ان مدينة الفاشر باتت تعد اهم مراكز التأييد للترابي اثر خصامه مع الرئيس عمر البشير ويمثل عدد المعتقلين من انصاره من المدينة نحو ثلث المعتقلين من حزب المؤمر الوطني الذين اطلقوا اخيراً. وشهدت المدينة تظاهرات ومواجهات مع الشرطة في بداية موجة التظاهرات الواسعة التي شهدتها مدن عدة قبل شهرين واتهمت الحكومة حزب الترابي بتنظيمها. واعتقلت السلطات اكثر من مئة من انصار الترابي اثناء هذه الموجة وابقتهم في السجون من دون تقديمهم للمحاكمة. واصدر وزير الدولة في وزارة العدل امين بناني فتوى بعدم جواز استمرار اعتقالهم. وقررت محكمة في مدينة بحرى اطلاق هؤلاء الذين اكتمل اطلاق آخر دفعة منهم أخيراً. وانتقد حزب المؤتمر الشعبي في بيان أمس مسلك السلطات واعتبره "مخالفا للدستور الذي نص على حرية التنقل، ومناقضاً لما تردده الحكومة عن اتاحة الحريات". وحذر من "منع الترابي من مقابلة كوادر حزبه". ويعتزم الترابي العودة اليوم الى الخرطوم على متن طائرة مستأجرة ما لم تمنع السلطات توجه الطائرة الى الفاشر لنقله. وبدا ان الحكومة لا تريد السماح بتنظيم لقاءات معارضة في هذه الايام لاعتقادها انها ستحرض المواطنين على عدم المشاركة في الانتخابات.