شعاره هذا العام: "40 عاماً من النشر، والطبع، وخدمات بيع الكتب". رصيده 250 كتاباً عن شتى مناحي الحياة الأدبية والعلمية والأكاديمية وغير الأكاديمية، بالإضافة إلى مكتبتين لبيع الكتب يعتبرهما البعض الأفضل في مجال بيع الكتب الإنكليزية في القاهرة. وإذا كان سن الأربعين قمة النضج واتضاح الأهداف والغايات لدى الإنسان، فإنه كذلك بالنسبة إلى دار النشر التابع للجامعة الأميركية في القاهرة. فى عمارة مواجهة للمبنى الرئيسي للجامعة الأميركية في وسط القاهرة، خرج دار نشر الجامعة الأميركية من مقره أسفل مكتبة الجامعة لينمو ويتفرع في ثلاثة طوابق مستقلة عامرة بعشرات العاملين والعاملات، ومئات الكتب قبل وأثناء وتحت الطبع. ديكور المكاتب كتب، والمكاتب متخمة بأغلفة الكتب، أما الجدران فتغطيها البوسترات التي تطبعها الدار بصفة دورية للحث على القراءة. فهذا حامل جائزة نوبل الأديب نجيب محفوظ، وهذا النجم المصري العالمي عمر الشريف، وهؤلاء أبطال الرياضة من الشباب، والجميع يحمل شعار "اقرأ". مدير دار النشر، أو سيد هذا البيت الذي اتخذ القراءة مهنة وهدفاً اسمه مارك لينز. الجميع - من طلاب وعاملين وزوار - يحبونه، فهو يجمع بين ملامح الجد الحنون الذي يدفع أبناءه وأحفاده إلى عالم المعرفة، وعقلية رجل الأعمال الذي يخطط ويدبر بحنكة ودراية لنجاح عمله، وقلب الأكاديميين الذي يفرق بين الغث والسمين في دنيا الطباعة والنشر. التقته "الحياة" وسألته عن تاريخ الدار، وتطورها، وهدفها، ومنافسة الكتاب الإلكتروني لعمله. فكان الحوار التالي. هل لك أن تعطينا لمحة عن دار النشر في الجامعة؟ - نحن نحتفل هذا العام بعيدنا الأربعين، بالإضافة إلى الاحتفال ب 40 مناسبة خاصة. وأبرز هذه المناسبات تقديم منحة من الدار للكتب القيمة والترجمات للأدب العربي. وقد تلقينا مبلغ 40 ألف دولار اميركي لنبدأ هذه المنحة، والتي وصفها الأديب نجيب محفوظ بأنها دليل إلى تكريس الجامعة جهودها لتشجيع التنوع التعليمي والثقافي في مصر. والدار تشارك بصفة دورية في معارض الكتب العالمية، وأبرزها معرضا لندن وفرانكفورت، بالإضافة إلى المشاركة المكثفة في معرض القاهرة الدولي. ومنذ عام 1996 قدمنا جائزة نجيب محفوظ للأدب بصفة سنوية، وهي مخصصة لمساندة الأدب العربي المعاصر. وتحوي لجنة الاختيار الدكاترة عبدالمنعم تليمة وهدى وصفي وعبدالقادر القط وفريال غزول. والكتاب الفائز تتم ترجمته وطبعه بالإنكليزية في الدار في كل من القاهرة ونيويورك. ما أبرز قضايا وتخصصات الكتب التي تنشرونها؟ - لنا باع طويل في مجال ترجمة الأدب العربي إلى الإنكليزية وقد اتسعت شهرتنا بسبب الكتب التي نطبعها وننشرها عن مصر القديمة، وعلوم المصريات، والفن والعمارة. ما الشروط التي توافقون أو ترفضون على أساسها نشر كتاب ما؟ - نحن نطبع وننشر الكتب القيمة ثقافياً عن مصر والشرق الأوسط، بالإضافة إلى الكتب المقررة على طلاب الجامعة الأميركية، والترجمات. ويتم هذا الاختيار من بين أعداد هائلة من الكتب المقدمة إلينا. وعلى رغم أننا نطبع حالياً عدداً أكبر من الكتب، إلا أننا أصبحنا ندقق أكثر في اختياراتنا. وعلى رغم أننا لا نتلقي أي توجيهات من جهات رقابية، إلا أننا لا نقبل كل ما يمس القيم المصرية، من جنس وسياسة ودين. ونحب أن نكون نشطين في كل المجالات: التاريخ، الاقتصاد، التنمية. وأعتقد أن كتبنا تترك بصمات في مجالها. ما متوسط عدد الكتب التي تنشرونها سنوياً؟ - كنا في البداية ننشر نحو ثلاثة أو أربعة كتب في العام، وارتفعت الى بين 15 و20 كتاباً سنوياً في منتصف الثمانينات. وفي العام الماضي نشرنا 40 كتاباً. ما الذي شجعكم على التوسع في نشر الكتب؟ - مناخ صناعة وقراءة الكتاب في مصر مشجع للغاية، فقد زاد الإقبال على الكتب، وزاد عدد المهتمين بقراءة الكتب. اتهامات عدة توجه إلى الشباب المصري والعربي بالانصراف عن القراءة، فما رأيك؟ - هذا جدل يسود كل دول العالم، بما في ذلك الولاياتالمتحدة الاميركية وأوروبا. التغيير لا يمكن وقفه، ومن خلال عملي في مجال النشر على مدى أربعة عقود، تغيرت التكنولوجيا، وأصبح الاسلوب القديم لصناعة الكتاب مهجوراً تماماً. لكن الواقع يقول إن 600 ألف كتاب جديد تطبع سنوياً في العالم، وعشرة في المئة من هذا العدد ترجمات. وهذا يدل إلى أن صناعة الكتب ما زالت بخير في العالم، بما في ذلك مصر. والمثير أن الدراسات تؤكد أن الأفراد الأكثر تقدماً والأكثر استخداماً للتقنيات الحديثة هم الأكثر إقبالاً على شراء وقراءة الكتب. وما السبب في ذلك؟ - كلما كان الإنسان متعلماً، كان أكثر تطلعاً لمعرفة المزيد من كل مناحي الحياة. فالقراءة أرخص وأسهل وأقرب صديق. هل يعني هذا أن التقنيات الحديثة بما في ذلك الكتب الالكترونية لم تؤثر سلباً على الكتاب المطبوع؟ - حفيدي البالغ من العمر 12 عاماًَ، أخبرني قبل عامين حين قدمت له كتاباً هدية، أن ليس لديه الوقت الكافي ليقرأ لأنه منشغل بالكومبيوتر. لكن، أثناء زيارتي الأخيرة لأميركا، كنت دائماً ألمحه مختبئاً وسط الكتب في غرفته. والتكنولوجيا دائماً لها أثر على القراءة، لكن في ال 500 عام الأخيرة، تقدمت التكنولوجيا بشكل مذهل. وطبيعي أن يواكب هذا التطور اندثار نوعية معينة من الكتب، وتغيير تقنية الطباعة، وظهور نوعية جديدة من المطبوعات. واعتقد أن قراءة رواية لنجيب محفوظ على شاشة الكومبيوتر لن تكون ممتعة، وأتمنى أن تستمر متعة القراءة. ما مقومات الكتاب الجذاب، لا سيما للشباب؟ - السؤال هو: هل الفرد يود أن يحيا في ظل ثقافة أدبية، وهذا النوع من الثقافة أصبح متاحاً في العالم كله. وهذه الثقافة مكتوبة، كذلك التعليم يتعلق بالكتابة. والأسلوب الذي يتم به تخزين هذه الكتابة وتوصيلها يهم الشخص المتعلم، وهناك عوامل أخرى مهمة مثل الغلاف، واسم المؤلف. هل هناك "موضات" في الكتب من حيث الفحوى؟ - هناك مواضيع تأتي وتروح، لكن المثير أن مئات من الكتب بلغات عدة تطرح في الأسواق كل عام عن مصر القديمة. هذا موضوع لم تندثر "موضته" على مدى السنوات. وبالنسبة إلينا، فإن النشر في مجال الأدب العربي مستمر منذ بدأنا، ما جعل الأدب العربي متاحاً بلغات عدة في خارج مصر، ومن ثم تمكن أعضاء لجنة نوبل من قراءة ومعرفة قيمة رواياته. كان هذا قبل ما يزيد عن 10 سنوات، وفي حينه ساعدنا في أن تطرح روايات محفوظ بست لغات مختلفة. ما طبيعة العقد المبرم بين الدار ونجيب محفوظ؟ - أبرمت هذا العقد معه في عام 1985، ففي ذلك الوقت كنا قد نشرنا عدداً كبيراً من كتبه بالإنكليزية، واتفقنا معه أن نكون ناشره الوحيد لكتبه باللغة الإنكليزية، ووكيله لبيع رواياته لتترجم إلى اللغات الأخرى. وهل كان من السهل إقناعه؟ - كان سعيداً، وأعتقد أنه كان سيكون صعباً بعد فوزه بجائزة نوبل. وماذا عن كتابه "أولاد حارتنا" أو كما هو مترجم إلى الإنكليزية "أولاد جبلاوي"؟ - ليس مسموحاً به في مصر، وقد أعيدت ترجمته قريباً في كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا. يذكر أن "أولاد حارتنا" ليس ممنوعاً من قبل الأزهر الشريف، كما هو شائع، إلا أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر اتفق مع الأديب نجيب محفوظ على عدم طبعه في القاهرة تجنباً للمشاكل، وقد طبعته جريدة "الأهالي" اليسارية في عدد خاص تحت عنوان "كتاب في محله"، عقب محاولة اغتيال محفوظ، ونفد المطبوع وبلغ نحو 50 ألف نسخة. وماذا عن مساهمة داركم في طباعة ونشر كتب الأطفال؟ - يطرح علينا هذا السؤال دائماً. والحقيقة أننا لم نخترق هذا المجال، لكن ربما يتحتم علينا ذلك، إلا أن السوق المصرية حافلة بكتب الأطفال بالعربية والإنكليزية. وماذا عن أسعار كتب الدار؟ - مقارنة بأسعار الكتب في مصر، قد تبدو غالية الثمن. فتتراوح الأسعار لدينا بين 15 و250 جنيهاً مصرياً، وبالطبع هناك فارق كبير بين الرواية، والكتاب الملون المطبوع على ورق فاخر، والكتب الفنية ذات المقاييس الخاصة. ونؤمن أن النوعية التي نحرص عليها تملي هذه الأسعار. فهذه هي كلفة الكتاب، لا سيما أننا لا نهدف إلى الربح. هل تصدر الدار الكتب إلى الخارج؟ - أسسنا لتونا قسماً خاصاً للتسويق في اميركا، وأحياناً أتمنى أن يكون هناك قدر أكبر من توزيع كتبنا في الشرق الأوسط، لكن الغريب أنه أحياناً وبسبب التعقيدات البيروقراطية، يكون توزيع الكتب في الخليج من لندن أسهل من القاهرة. ذلك على رغم أن كتبنا أقل سعراً من مثيلاتها في اميركا وأوروبا. هل توجد منافسة بين داري النشر التابعتين للجامعتين الاميركيتين في القاهرةوبيروت؟ - يوجد مئة دار نشر جامعية أميركية، لكن دار النشر في الجامعة الاميركية في القاهرة هي الوحيدة ذات التأثير خارج الحدود الأميركية. وكان للجامعة الاميركية في بيروت دار نشر سبقتنا بكثير، لكن في السنوات الأخيرة لم يخرج عنها شيء له وزنه. هل تحب القراءة؟ - أغلب الناشرين يدخل هذ المجال بسبب حب القراءة، وقد أصبحت القراءة مهنتي، وإن كنت حالياً لا اقرأ للمتعة. والناشرون يقرأون كماً هائلاً من الكتب السيئة وليس الجيدة، وذلك لاختيار الكتب المؤهلة للطبع لمحات عن دار نشر الجامعة الاميركية - يتكون من دار نشر، ومراكز طبع وتصميم وتصوير، ومكتبتين لبيع الكتب والهدايا. - المطبوع الأول فى الدار كانت بالتعاون مع دار نشر جامعة اكسفورد، وكان كتاب كرزويل المرموق "توثيق العمارة، الفنون والصناعات في الاسلام". - دخلت الدار مجال نشر الكتب ذات الاهتمامات العامة في عام 1974 بطبع كتاب "دليل عملي للآثار الإسلامية في القاهرة". - مدير الدار الحالي مارك لينز تقلد المنصب نفسه بين عامي 1983 و1986.