بعد "التجميد الموقت" للعملية التفاوضية على المسار التفاوضي بين أهل أوسلو من الطرف الفلسطيني وحكومة باراك اثناء انعقاد الجلسة الثالثة لأعمال المجلس المركزي الفلسطيني، بدأ الصراخ يعلو من قبل السلطة الفلسطينية التي اعلنت بأن العملية التفاوضية وصلت الى طريق صعب بعد محاولات باراك فرض خريطة اعادة الانتشار النبضة الثالثة بدون طرح الخارطة امام الوفد الفلسطيني. دعونا لتجميد، تعليق المفاوضات طالما يتواصل كل من تهويد القدس وزحف الاستيطان، وعليه نرحب بالطبع بإعلان تجميد المفاوضات، ولكن هذا الاعلان لن يكفي عند هذه الحدود، بل يترتب عليه ان يترابط مع مجموعة من الخطوات السياسية الفلسطينية بالربط بين استئناف المفاوضات والوقوف الكامل لعمليات الاستيطان، والالتفات الى البيت الفلسطيني بعيداً عن روح ومنهجية العمل التكتيكي الاستخدامي الذي ادمن عليه فريق اوسلو، ومن اجل اعادة تجميع اوراق القوة الفلسطينية بيد هيئة ائتلافية قيادية موحدة تحت ادارة وإشراف منظمة التحرير الفلسطينية. على كل حال، وبعد طول تأخير وتأجيل متعمد منذ حزيران يونيو 99، انعقدت جلسات المجلس المركزي الفلسطيني في قطاع غزة يومي 2، 3/2/2000، وان كان مجرد انعقاد المجلس خطوة ايجابية خاصة في ظل حضور ومشاركة القوى الأساسية المشكّلة لائتلاف منظمة التحرير الفلسطينية، الا ان استجابة السلطة وأهل اوسلو لنداء الشعب والشارع الفلسطيني ونداء الصف العريض من القوى والفعاليات ما زالت تلهث خلف ضرورات اعادة بناء الوحدة الوطنية والعمل ببرنامج قواسم سياسية نضالية جديد. فأعمال وحوارات المجلس المركزي بينت بوضوح بأن اصحاب اوسلو ما زالوا في النهج والسلوك السياسي الفعلي بعيدين عن روح العمل المشترك وإعادة بناء الاجماع الوطني على سياسة تفاوضية جديدة تقوم على قلب المعادلة التفاوضية باعلان سيادة دولة فلسطين حتى حدود 4 حزيران يونيو 67 بما فيها القدس وعند ذاك تكون المفاوضات لترحيل المحتلين والمستوطنين عن الأرض المحتلة عام 67 بين دولتين، وتستند الى حضور وانتفاضات الشعب في المناطق "ب" و"ج" المحتلة وهي تشكل 82 في المئة من أرض الضفة والقطاع في حال تنفيذ حكومة باراك "النبضة الثالثة" من اعادة الانتشار عملاً بالتزاماتها في اتفاق شرم الشيخ والتي فات زمنها 20 كانون الثاني/ يناير 2000 ولم تنجز بعد. ان شرط اعلان السيادة هو اعادة بناء الوحدة الوطنية للشعب وائتلاف منظمة التحرير بحوار شامل ينتج برنامج قواسم مشتركة جديد. وأصحاب اوسلو يعتقدون بأن الحلول "السحرية" تأتي من الولاياتالمتحدة ومن طاولة المفاوضات مع الطرف الاسرائيلي في ظل المعادلات المختلفة القائمة للتسوية الراهنة بدلاً من العودة الى بيت الوحدة الوطنية وتحقيق المرجعية الوطنية الائتلافية العليا المسؤولة عن ادارة دفة الأمور تجاه كل القضايا المصيرية التي تهم الشعب الفلسطيني كما تم الاتفاق بين فتح والسلطة برئاسة الأخ عرفات والجبهة الديموقراطية في بيان القاهرة 23 آب أغسطس 99. لذلك أعلنا في دورة المجلس المركزي شباط 2000 وبعد اختتام اعمال المجلس تحفظنا على البيان بالقضايا الرئيسية التالية: 1 - اننا ضد تأجيل اعلان سيادة دولة فلسطين، فهذا التأجيل لا يستجيب لمتطلبات مجابهة التعنت الاسرائيلي والرد على مماطلة حكومة باراك، وإعادة صياغة مفاوضات التسوية على اساس الاجماع الوطني وقرارات الشرعية الدولية، وقلب المعادلة القائمة الآن. 2 - اغفل البيان الصادر عن المجلس ضرورة اجراء استفتاء شعبي حول أي اتفاق يتم التوصل اليه بشأن قضايا "الوضع الدائم". مع ان هذه المسألة اتفقنا عليها في بيان القاهرة المشترك 23 آب 99. 3 - كما أغفل البيان اعتماد قرار واضح بشأن الافراج عن جميع المعتقلين السياسيين في سجون السلطة، وتحريم الاعتقال السياسي. كذلك لا شك بأن فشل القمة الاسرائيلية - الفلسطينية 2 شباط 2000 في غزة ألقى بظلاله على اعمال ونقاشات المجلس المركزي لجهة دعم وإسناد الرأي القائل بضرورة حشد وتعبئة كل الامكانيات الذاتية الفلسطينية من أجل موازنة الضغوط الاسرائيلية وتنصل حكومة باراك من استحقاقات المفاوضات والتسوية السياسية، بينما نفذ فريق اوسلو كل التزاماته باتفاق الواي ومذكرة شرم الشيخ. وفي مقدمة هذه الامكانيات التقدم نحو تعزيز الوحدة الوطنية كمحصلة للحوار الوطني الشامل وتشكيل مرجعية وطنية عليا للاشراف على المفاوضات بمساراتها كافة انطلاقاً من ثوابت وطنية تستند للقرارات الدولية 242 و338، وحق اللاجئين بالعودة وفق القرار 194، والقرارات الخاصة بالقدس والمستوطنات، وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة بنائها على اساس انتخاب مجلس وطني جديد في الوطن وأقطار اللجوء والشتات حيثما أمكن. على هذا الأساس اعود وأدعو السلطة وحركة فتح للالتزام بما تم الاتفاق بشأنه في حوارات القاهرة. والعودة الى توسيع دائرة الحوار الوطني وصولاً الى غاياته التي تمكننا عندئذ من استجماع القوى وإحداث النقلة النوعية في الوضع الفلسطيني وعلى طريق تجاوز آلام ومظالم حلول اوسلو والاملاءات الاسرائيلية كما برز من جديد بلقاء عرفات - باراك 2 شباط 2000 بشأن خرائط اعادة الانتشار 6.1 في المئة ورفض اسرائيل نقل أية مناطق حول القدس للسلطة الفلسطينية ابو ديس، الرام، العيزرية، بيت حنينا، شعفاط... ودعوة باراك لتمديد سقف "اطار اتفاق" الوارد في شرم الشيخ الى ايلول سبتمبر 2000، واتفاق التسوية النهائية الى ايلول العام 2001 بدلاً من ايلول العام ألفين. ان قلب المعادلة التفاوضية باعلان تجسيد سيادة دولة فلسطين حتى حدود 4 حزيران 67 بما فيه القدس وإعادة بناء الوحدة الوطنية هي العوامل الملموسة لفتح طريق تسوية التوازن على اساس المرجعية الدولية وهذا هو الغائب الأكبر حتى الآن. * الامين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين