منذ فترة طويلة نسبياً ونحن نحضّر لانجاز حوارات فلسطينية - فلسطينية نخرج من خلالها الوضع الفلسطيني برمته من استعصاءات الوضع القائم بعد مسلسل انهيارات التسوية الظالمة. هذه الحوارات واللقاءات المطلوبة والمرجوة، لم تكن جديدة بسياسة الجبهة الديموقراطية فهي حلقات تتواصل منذ اطلاقنا مبادرة شباط فبراير 97 وايار مايو 98 للحوار الشامل والتحضيرات لاستحقاقات انتهاء مرحلة اوسلو في 4/5/1999 والانتقال الى المفاوضات النهائية الشاملة، هذا ما يميز سياستنا الوحدوية عن عمليات الانقلابات المفاجئة التي لجأ اليها آخرين بين 20 - 22 تموز يوليو في اجتماعات عمان بين ممثلي السلطة وشخصيات وقوى فلسطينية. والمسألة موضع بحث ونقاش بين وفد من قيادة الجبهة الديموقراطية قيس عبدالكريم، تيسير خالد، داوود تلحمي ووفد من حركة "فتح" والسلطة برئاسة الطيب عبدالرحيم، نبيل عمرو، اكرم هنية وبمشاركة الأخ ابو عمار في بعض الاجتماعات في رام الله. وهذه المباحثات تدور لاعداد اوراق عمل تقدم عند عقد القمة السياسية بين حواتمة وعرفات وفق الملفات التالية: 1 - ملف الوحدة الوطنية والحوار الوطني الشامل. 2 - اعادة الوحدة والاعتبار لمؤسسات منظمة التحرير على اساس البرنامج الوطني الائتلافي المشترك. 3 - المفاوضات الشاملة اسسها السياسية على قاعدة قرارات الشرعية الدولية 242، 338، 194، 237 آلياتها - مرجعيتها الائتلافية الوطنية، مرجعيتها الدولية من الدول الخمس الكبرى وعند التوصل الى وضع وتحديد هذه الملفات والعناوين الساخنة يتم تحديد اللقاء المشترك بين حركة فتح برئاسة الاخ ياسر عرفات والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين برئاسة نايف حواتمة. وحمل عباسي زكي عضو مركزية "فتح" وسليم الزعنون رئيس المجلس الوطني اقتراحاً من عرفات لعقد القمة الثنائية مع حواتمة وقيادتي الديموقراطية وفتح في الفترة بين 1 - 8 تموز يوليو في القاهرة او 8 - 13 تموز في الجزائر، اعتذرت عن الموعدين لان الحوار يدور بين القيادتين لانجاز اوراق عمل حول الملفات الثلاثة وبعدها نحدد تاريخ القمة بين الجانبين في القاهرة، وايضاً اقترح الاخ عرفات اللقاء من جديد في القاهرة في 19 تموز اثناء الاجتماع المشترك للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئاسة المجلس الوطني رام الله/ 18 تموز وكان جوابنا ضرورة تسريع انجاز اوراق العمل بين الوفدين وعلى اساسها نحدد تاريخ القمة بين عرفات وحواتمة وقيادتي الديموقراطية و"فتح"، والآن اقترح وفد "فتح" موعد 31 تموز فاذا تم انجاز اوراق العمل يتم انجاز القمة الثنائية، والى ان يتم انجاز اوراق العمل عندها يتحدد التاريخ. نعم نحن بالنتيجة نحضّر لعملية حوارية وطنية شاملة ونأمل ان ننجز الملفات المطلوبة والمقدمات الضرورية لانجاح عملية الحوار. فنحن لا نريد حواراً شكلياً او مجرد الجلوس معاً، كما لا نريده حواراً استهلاكياً اعلامياً ودعاوياً لغايات قصيرة النظر، بل نأمل بحوار استراتيجي شامل يؤدي لاغراض حقيقية نعيد من خلالها ترتيب البيت الفلسطيني واعادة بنائه من جديد على أسس من مساحات التلاقي والائتلاف المشترك. لذا فان ما تسميه دوائر في السلطة الفلسطينية شروط الجبهة الديموقراطية، نسميه نحن اوراق وملفات مواضيع الحوار، وهي قضايا يجري التحضير لها حالياً في رام الله بين وفدين مركزيين من الجبهة الديموقراطية والسلطة وحركة "فتح". شعبنا يعلم وكل منابر الرأي المسموعة والمقروءة والمرئية ان الجبهة الديموقراطية اطلقت مبادرة الدعوة للحوارات في 8 شباط 97، وفي 27 شباط تم اول حوار شامل في نابلس ثم غزةورام الله. الجبهة الديموقراطية اطلقت في ايار 98 دعوة المعارضة والسلطة لمائدة مستديرة تحضيراً لانهاء مرحلة اوسلو واعلان سيادة دولة فلسطين على جميع الارض المحتلة بما فيها القدس في 4/5/1999 وعلى هذا شاركت "فتح"، "الديموقراطية"، "حماس"، "العربية"، و"حزب الشعب المركزي لمنظمة التحرير في غزة 27 - 29 نيسان/ ابريل 99 والآن قبل ايام في عمان 20 - 22/ تموز انضم خالد الفاهوم لدعوة الحوار الشامل واعلنت "الشعبية" عن حوارها مع "فتح" الذي بدأت جلساته في 1/8/1999 وانتهت بعد يومين من تاريخه، كما اعلن الاخ ابراهيم غوشة ترحيب "حماس" بالحوار الشامل وابدى رأيه بذلك الدستور/ 27 تموز، القدس 27 تموز وعاتب ان احداً لم يدعُ "حماس" للحوار الذي تم في عمان، بينما هاجم احد قادة الاخوان المسلمين في الاردن، حوارات "حماس" مع السلطة في الخرطوموالقاهرة بعد اتفاقات اوسلو في غزة ومشاركتها برئاسة الشيخ ياسين بالمجلس المركزي لمنظمة التحرير في نيسان 99. وهنا، لنقول بكل وضوح ان الجبهة الديموقراطية تملك سياسة مكشوفة ومعلنة وتملك شفافية كاملة امام الشعب الفلسطيني، وكل الخريطة السياسية العربية والدولية وكل ما يجري حالياً في الساحة الفلسطينية من تطورات جاءت في السياق الذي دعت له الجبهة الديموقراطية، في مبادرتها الوطنية التوحيدية الشاملة شباط 1997 وفي المبادرة التطويرية الثانية 4/5/1998 لذا فمواقفنا متواصلة الحلقات الدؤوبة وليست انقلابية ومفاجئة كما وقع بسياسة آخرين، فسياستنا تنسجم تماماً مع الخط المشتق منذ سنوات لتجاوز مظالم اوسلو نحو استراتيجية نضالية وتفاوضية جديدة وموحدة في صف الشعب وكل القوى الوطنية داخل السلطة والمعارضة. في المحصلة لا نستطيع ان نفصل بين ما جرى ويجري من خطوات فلسطينية لإنجاز مواضيع الحوار الوطني والوحدة الوطنية، والتطورات التي وقعت بعد فوز باراك. فوز باراك وتشكيله المريح لحكومته الائتلافية الموسعة سيدفع بالضرورة بعمليات التسوية الراهنة خطوات محدودة جداً الى أمام على الجبهة الفلسطينية، وتسريع التسوية الشاملة على الجبتهين السورية واللبنانية مع محاولة العودة الى تكتيك حزب العمل القائم على الاستمرار بالعملية التفاوضية، ونقلها من مسار الى آخر في اطار ممارسة الضغوط على مختلف الاطراف العربية والايغال بتفكيك العملية التفاوضية بدلاً من السير على جميع المسارات. هنا نتوقع ان تندفع المسألة التفاوضية مع سورية ولبنان بخطوات تستكمل ما تم التوصل اليه زمن رابين، ما مشاغلة تتم على المسار الفلسطيني. وبكل الحالات لن يقدم باراك لسورية او حتى لبنان الاستحقاقات المترتبة على سلام الشرعية الدولية وتحديداً في ما يخص مسألة الارض ومبدأ الانسحاب الكامل الى خط 4 حزيران يونيو 1967. واكشف لكم ان باراك قال لكلينتون "السوريون لن يعودوا الى شاطئ طبريا ومنطقة الحمة جنوب طبريا" ويقدم حدود 1923 فقط بين الانتدابين البريطاني والفرنسي، وبادعاء مارسته اسرائيل في كامب ديفيد واوسلو بانها الوريث الوحيد لفلسطين الانتدابية وقبل ولادة الدولة العبرية بخمسة وعشرين سنة، وبهدف سلخ الجولان النافع واهميته للدولة العبرية التوسعية بعد ان اكلت المناطق المنزوعة السلاح في حدود الهدنة 1948، وبهذا فالدولة العبرية تهرب من ثلاث حدود تشكّلت بينها وسورية وهي حدود التقسيم وفق قرار الاممالمتحدة 181، وهي الحدود التي اقرتها الاممالمتحدة لاسرائيل وتطبيقها يؤدي الى التراجع الى مساحة 55.5 في المئة من ارض فلسطين الانتدابية، وليس حدود الامر الواقع بالقوة الاحتلالية عام 48 التي اقامت الدولة العبرية على 77 في المئة من ارض فلسطين، والحدود الثانية هي حدود الهدنة 1948 التوسعية عن القرار 181، والثالثة حدود 4 حزيران 67 بعد ان استولت اسرائيل على كل المناطق المنزوعة السلاح وضمتها للدولة العبرية في الفترة بين 48 و67. فالقضايا المعلّقة على المسار السوري - الاسرائيلي شائكة ومعقدة وتمس الارض والمصالح المياه، الحدود، التطبيع….، وباراك يطرح نقل المفاوضات مع سورية الى منطقة الشرق الاوسط لتكون ثنائية مع سورية تعكس ميزان القوى الثنائي من دون دور الوسيط المشارك للراعي الاميركي والالغاء التدريجي لأي دور اوروبي في عملية التفاوض. لذا نقول لمن يعول على باراك الذي تطلق عليه الصحافة الاسرائيلية اسم "باراكياهو": مهلاً قليلاً لا داعي للهرولة، وقبل ان يراهن على/ او يفتح الحكام العرب الشهية لسلام باراك، علينا ان نعود جميعاً لتحصين الذات باعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، ولملمة اوراق القوة الفلسطينية بدلاً من حالة الانقسام والتشرذم في الوضع الفلسطيني، فباراك افصح عن مواقفه وبرنامجه اكثر من مرة، وآخرها عند حاجز ايرتس 11/7/1999 اثناء اجتماعاته مع ياسر عرفات، ونحن نعرف ما دار في الاجتماعات المغلقة. لذا يتوجب علينا كفلسطينيين وكعرب السعي لترميم التضامن العربي - العربي بديلاً للانقسامات والثارات العربية - العربية. وفي مطلق الاحوال، فإن تطبيق قرارات الشرعية الدولية على المسار الاسرائيلي - السوري، اذا ما تم بالانسحاب الى ما وراء خطوط 4 حزيران 67 فإنه يشكل خطوة مهمة على طريق تطبيق الشرعية الدولية على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي في اطار تسوية متوازنة في هذه المرحلة. وبالنسبة لمن لا يزال بالصف المعارض الرافض للحوار الوطني فاننا نعتقد بانه يعزل نفسه بنفسه. لا يمكن ان نتحدث عن الآخرين، ونحن نتمنى لكل القوى الوطنية الفلسطينية والديموقراطية والاسلامية ان تشق طريقها وسط الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وهنا تتحدد المصائر، فكلما كانت القوى منزرعة في صفوف شعبها كلما قاومت وصمدت امام اي متغيرات ممكنة. نعرف العاصفة التي وقعت قبل واثناء اجتماع فصائل التحالف في دمشق 26 تموز ، 8 آب/ اغسطس والهجوم الذي تعرض له الفاهوم والجبهة الشعبية على يد الفصائل الاخرى بينما قاطع 14 عضواً مستقلاً الاجتماع، وحضر فقط مستقل واحد، وكنا قد دعونا في الاذاعات والفضائيات فصائل التحالف ان لا تسارع الى فصل خالد الفاهوم قبل ان يستمعوا اليه، وان يستوعبوا السياسة الملموسة التي دعا اليها في عمان. اننا بالحوار الوطني الشامل، وبالعودة الى وحدة منظمة التحرير الائتلافية بين الجميع، يتحدد مصيرنا جميعاً في اطار بيت فلسطيني واحد بعيداً عن الانقسام والتشرذم او الخضوع للمعادلات والمحاور والسياسات الاقليمية العربية البيروقراطية القطرية وابتزازاتها. * الأمين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين