طهران - رويترز - بعد عقدين على الثورة التي قادها الخميني قد تتجه ايران نحو استقرار تمتد آثاره وراء منطقة الشرق الاوسط. والانتخابات البرلمانية اجريت امس في ايران ضمن اجواء هي الاكثر حرية منذ اطاحة الشاه عام 1979، وربما في تاريخ ايران، وطرحت امكانات فوز غالبية تؤيد جهود الرئيس محمد خاتمي لتسريع اصلاح سياسي واقتصادي. واذا فاز الاصلاحيون بزعامة محمد رضا شقيق خاتمي، فان ايران ربما تكون في طريقها الى تطبيع علاقاتها ببطء مع الولاياتالمتحدة، وهي فكرة لم تعد من المحظورات حتى لدى اكثر المرشحين تمسكاً بالتيار المحافظ. وقال مهدي صبري وهو احد قادة الطلاب في مدينة اصفهان: "بدأنا طريقاً لا عودة عنه، والشكوك الوحيدة تتعلق بسرعة التغيير". ويسير نمو الديموقراطية بايقاع اسرع من التحديث الاقتصادي، وتوقعات الرأي العام اسرع من ايقاع التغيير. ويرجح ان تتباطأ الاصلاحات الاقتصادية الرئيسية لأن خاتمي يسعى الى تفادي اي مخاطر تتسبب في صعوبات شديدة يمكن ان تشعل اضطرابات بين الفقراء، وتعطي خصومه المتشددين فرصة لمحاولة اسقاطه. وهددت اضطرابات بفقدان زمام السيطرة واشعال صدامات عنيفة خلال احتجاجات الطلاب في تموز يوليو الماضي. ولما شعر خاتمي ب"المصيدة" التي نصبها له المتشددون امتنع عن تحويل انتفاضة الطلاب الى مواجهات في الشوارع مع خصومه من رجال الدين. وربما يكافأ الرئيس الآن بالفوز في صناديق الاقتراع وامكان اعادة انتخابه لولاية ثانية العام المقبل. ويقول باقر معين، وهو مؤلف كتب سيرة خاتمي: "اول عقد من الثورة كان عقد سحر الجماهير بالخميني، وشهد العقد الثاني هيمنة كبار رجال الدين، وسيكون العقد الثالث عصر الديموقراطية". وتنتشر الصحف الاصلاحية الجديدة بسرعة اكبر من السرعة التي تغلق بها محكمة المطبوعات بعض الصحف، وبدأت المؤسسات التابعة لآية الله علي خامنئي تفقد نفوذها او تخضع لرقابة الرأي العام. واضطرت وزارة الاستخبارات الى الاعتراف العام الماضي بأن "ضباطاً مارقين" تورطوا بقتل كتّاب ومثقفين ليبراليين. وعلى رغم رفض المجلس الدستوري عشرة في المئة ممن ترشحوا للانتخابات النيابية، فالجديد هو القانون الذي الزم المجلس بأن يوضح خطياً اسباب رفضه اهلية اي مرشح. ويرى عبدالرحمن تاج الدين وهو من الاعضاء المؤيدين للاصلاح في البرلمان عن اصفهان ان "رجال الدين سيضطلعون بدورهم الصحيح في المجتمع، ويجب ان يكون اشرافياً وقيادة اخلاقية لا سلطة تنفيذية". ويشير مراقبون الى تراجع عدد رجال الدين الذين يخوضون الانتخابات، ويرجحون فوز عدد اقل قياساً الى الدورة السابقة قبل اربع سنوات. وتنمو فكرة الاصلاح لدى رجال الدين الشبان، واصبح بعض الفقهاء المتحررين الشبان الذين حوكموا ودينوا امام محاكم دينية ابطالاً، فيما يشدد المحافظون الذين هيمنوا على البرلمان السابق على ان الاولوية لديهم هي حماية "ولاية الفقيه". ويرى المحافظون ان المرشد فوق الدستور، فيما يعتبر الاصلاحيون ان عليه ان يلتزم حكم القانون. وتقول جميلة قاديفار، وهي مرشحة اصلاحية بارزة في طهران، شقيقة رجل الدين المنشق المسجون محسن قاضيفار، وزوجة وزير الثقافة عطاء الله مهاجراني ان "العقد الثالث من الثورة سيكون عقد الانتقاد داخل النظام". لا شيء ولا احد فوق النقد في ايران "الجديدة"، وانتقد طلاب علناً خامنئي، وهاجموا الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني الذي قد يصبح رئيساً للبرلمان الجديد. واذ اصبحت العلاقات مع الولاياتالمتحدة "شعاراً" انتخابياً، قال محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس انه يتوقع علاقات طبيعية مع واشنطن. حتى وزير الاستخبارات السابق علي فلاحيان محافظ اكد انه لن يعارض اقامة علاقات مع القوة العظمى التي وصفها الخميني ب"الشيطان الاكبر" شرط ان تتخلى عن العقوبات التي فرضتها على ايران. وبالنسبة الى معظم المرشحين، الثورة "كائن" حي، وبالنسبة الى الشبان الذين ولدوا بعد اطاحة الشاه فان الثورة تحولت حدثاً تاريخياً بعيداً، يبتعد عن ايران عام 2000. ويرى احد قادة الطلاب انها "حقيقة حدثت قبل 20 سنة، والآن لا ثورة لدينا، بل ايران فقط".