} رأى مراقبون في موسكو ان الحرب الشيشانية صارت ذريعة لفرض نظام متشدد في بلادهم. وتعزز هذا الرأي بعدما وقع الرئيس بالوكالة فلاديمير بوتين امراً امس يقضي باحياء مؤسسة "الشعبة الخاصة" اي دوائر الامن في القوات المسلحة، فيما حذر محافظ موسكو يوري لوجكوف من ان حرية الكلمة اصبحت في خطر. دافع الناطق باسم هيئة وزارة الامن الروسية الكسندر زدانوفيتش عن قرار الرئيس بالوكالة فلاديمير بوتين احياء "الشعبة الخاصة"، نافياً ان يكون معنى ذلك منح هيئات الامن صلاحيات اضافية. الا ان المراقبين اجمعوا على ان وجود "الشعبة الخاصة" في كل وحدة من وحدات الجيش والاسطول وسائر "الهيئات والتشكيلات ذات الطابع العسكري"، يعني العودة الى هيكلية كانت معتمدة في العهد السوفياتي عندما كان جهاز "كي جي بي" يعتبر "عيناً" للسلطة داخل المؤسسة العسكرية. ومعلوم ان الضباط كانوا يعتبرون عناصر الامن ورجال التوجيه السياسي، "مراقبين دائمين" يحصون تحركاتهم وعلاقاتهم ويعملون من دون التقيد بضوابط شرعية او قانونية. ولاحظ المراقبون ان الكرملين استغل الحرب الشيشانية "غطاء" لتمرير عدد من القرارات التي تعني اما "عسكرة" المجتمع او تشديد القبضة الامنية عليه. ومن بين ذلك، اعتماد التدريب العسكري للتلاميذ من الصف الرابع الابتدائي واستدعاء الاحتياط من خريجي الجامعات. وفي وقت لا تكف السلطة عن التبرم من الصحافة التي ترفض احياناً التقيد ب"التوجيهات"، رأى محافظ موسكو يوري لوجكوف امس، ان حرية الصحافة قد تصبح "مشكلة حقيقية". واشار الى مطاردة صحافيين واغلاق اذاعات وتوجيه انذارات الى محطات تلفزيون "لا ترضي برامجها السلطة". واعترف لوجكوف الذي كان يعد "الرجل الاقوى" في موسكو، بأنه ارتكب اخطاء في ادارة حملة العلاقات العامة الخاصة به. وقال ل"الحياة" مصدر مقرب من لوجكوف انه يدرك حالياً ان الناطق باسم الكرملين سيرغي ياسترجيميسكي كان "حصان طروادة"، على اساس ان هذا الخبير الاعلامي المحنك كان سكرتيراً صحافياً للرئيس بوريس يلتسن وأحد اكبر مستشاريه ثم اعلن فجأة "تمرده" على الكرملين فاستقبله لوجكوف بالاحضان وعينه نائباً لرئيس حكومة العاصمة ومسؤولاً عن العلاقات الدولية والاعلام في "الوطن كل روسيا". وبعد الانتخابات البرلمانية، تخلى لوجكوف عن خدمات "صانع الهزيمة" فعاد ياسترجيميسكي… الى الكرملين مساعداً لفلاديمير بوتين ومسؤولاً عن التغطية الاعلامية للحرب الشيشانية. وفي اطار هذه "التغطية" فرضت قيود شديدة على تحركات الصحافيين واعتقل عدد منهم. وصدرت اوامر مشددة الى قنوات التلفزيون ومحطات الاذاعة، منعت بث اي اقوال ل"قادة المتمردين". وبلغ الامر حد حجب الحقيقة في شأن "المتعاونين" مع موسكو ومن ابرزهم محافظ غروزني السابق بيسلان غانتميروف الذي قاد ميليشيا شاركت في القتال الى جانب القوات الروسية. واعلن في صورة مفاجئة ان غانتميروف نقل الى المستشفى لاجراء "فحوص طبية". ونفى وزير الداخلية الروسي فلاديمير روشايلو ان يكون خلاف ظهر بين موسكو و"المتعاونين" معها. وخرج غانتميروف عن صمته امس حينما ادلى بحديث الى وكالة "انترفاكس" المح فيه الى وجود خلافات قوية، خصوصاً بعدما اعلنت موسكو انها تريد نقل العاصمة الشيشانية الى مدينة غوديرميس. وشدد غانتميروف الذي كان محافظاً لغروزني في مطلع التسعينات على ان "وضع غروزني كعاصمة مسألة شرف". وأكد انه يرفض اي محاولة لنقلها. ويذكر ان قيادة القوات الروسية كانت اعلنت سيطرتها الكاملة على غروزني، الا ان تلفزيون "ان. تي. في" اكد ان اطلاق النار المتقطع يستمر طوال الليل. وأكد وزير الدفاع الروسي ايغور سيرغييف امس ان الشيشانيين وضعوا زهاء ثلاثة آلاف مقاتل في وادي ارغون وقال انهم ينقلون الى هناك ذخائر وامدادات. وتوقع هجوماً قريباً تشنه القوات الروسية على هذا الممر الاستراتيجي.