1رفعت "المنظمة الوطنية لضحايا الارهاب" أخيراً إلى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة "مشروع قانون لضحايا الارهاب" يتضمن 41 مادة موزعة على خمسة أبواب تتمحور حول المبادئ العامة التي تحض على "تمجيد الشهيد" والتكفل بذويه معنوياً ومادياً، والاهتمام بالمتضررين من "الارهاب" مثل المعوقين والمغتصبات، وتعويض أهالي الضحايا وحمايتهم اجتماعياً. واتصلت "الحياة" بالسيدة فاطمة الزهراء فليسي، رئيسة المنظمة، لتستوضح منها مستقبل هذه الجمعية بعد العفو الشامل الذي أصدره الرئيس بوتفليقة عن المسلحين. فأكدت ان أعضاء منظمتها، وعددهم 24 ألفاً، متمسكون ب"الدفاع عن حقوقهم". وقالت: "يجب أن لا تكون هناك مساواة بين القاتل والضحية أو من دافعوا عن البلاد وقدموا أرواحهم ثمناً لها ومن دمروها". وأوضحت أن "الهدف من القانون الذي رفعته المنظمة إلى الرئيس بوتفليقة هو التكفل بقضايا ومشاكل ضحايا الارهاب". ولاحظت السيدة فليسي، أرملة الكاتب الطبيب الهادي فليسي الذير اغتيل في عيادته سنة 1993، ان هناك "تراجعاً في الاهتمام بعائلات ضحايا الارهاب سواء على مستوى السلطات المحلية أو العليا، وان هناك اهتماماً أكبر لدى السلطة بالذين دمّروا البلاد". واستغربت تأخر الرد على الرسالة التي وجهتها المنظمة إلى رئيس الجمهورية مرفقة بمشروع القانون. وسُئلت هل تعتبر ان الرئيس بوتفليقة خانهم عندما أصدر عفواً شاملاً عن المسلحين الذين سلّموا أنفسهم قبل 13 كانون الثاني يناير الماضي، فأجابت: "أكد الرئيس للشعب أن الأيدي الملطخة بالدم لا بد أن تنظر فيها العدالة. رحبنا بالوئام المدني المتضمن هذه المعاني، لكن لم نكن نتوقع ان يصدر عفواً شاملاً، خصوصاً عشية عيد الفطر حين يتذكر الأطفال آباءهم. أنا لا اسمي ما حدث خيانة لنا، بل أكثر من الخيانة". وأضافت: "ان الوردة الحمراء التي اعطيتها له باسم ضحايا الارهاب عشية الاستفتاء على مسعاه في السلم والوئام في أيلول/ سبتمبر الماضي كانت بمثابة تذكير له بوجود ناس ضحوا من أجل ان تظل البلاد واقفة". وأعربت السيدة فليسي عن دهشتها للتغيير الذي حدث في الإعلام العمومي التابع للدولة إلى درجة تجاهله المسيرة التي نظمتها جمعية ضحايا الارهاب الخميس الماضي في اتجاه قصر الرئاسة في المرادية. وجددت تمسكها بمواصلة "المسيرات السلمية" عبر كل الولايات حتى يتحقق الهدف المنشود من انشاء المنظمة، وهو الاستجابة لمطالب ضحايا الارهاب. وقالت: "لم يعد لنا خيار سوى النزول إلى الشارع، لكن ليس على طريقة الجبهة الإسلامية المحظورة، لأننا لسنا حزباً سياسياً، ومطالبنا هي الاعتراف بالضحايا". وأضافت: "لم نكن نظن اننا سنصل ذات يوم إلى مثل ما وصلنا إليه وهو نكران من ضحوا في سبيل الجزائر". وعندما سئلت عن سبب تجنبها متابعة من تسميهم ب"المجرمين" عن طريق القضاء، أجابت: "قال لنا المحامون ان من يستفيد من العفو الشامل لا يمكن متابعته قضائياً أو مثوله أمام العدالة". واعتبرت "العفو الشامل" غير دستوري، على رغم تأكيد السلطات لها أن الوضع الذي تعيشه الجزائر في ظل حال الطوارئ، منذ 1992، يعطي رئيس الجمهورية اصدار المراسيم المتعلقة بالأحكام المرتبطة بالمرحلة. وعن سبب رفضها اللجوء إلى المحاكم الدولية لمتابعة "الارهابيين"، قالت: "نعتقد ان من يطالب باللجوء إلى المحاكم الدولية يريد التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وهو خيانة، لأن في الجزائر قضاء قادراً على محاكمتهم حين يستتب الأمن وتعود الأمور إلى مجراها الطبيعي". وبررت عدم اقتناعها بالقول إنها من عائلة مجاهدة وأن الكثير من ضحايا الارهاب ينتمون إلى عائلات حررت البلاد، ولا تستطيع ان تعطي فرصة لأي جهة للتدخل في الشؤون الداخلية. وأشارت إلى "أن من يطالبون بهذا الاجراء ينتمون إلى أحزاب سياسية"، وعلقت على تصريحات الرئيس بوتفليقة المتعلقة ب"أمير الجماعة السلفية" حسان حطاب، قائلة: "صحيح ان الرئيس قال إنه قتل الجيش وليس الشعب، ولكن من هم في الجيش هم أبناء الشعب، وهم ضحايا الارهاب". وكان بوتفليقة قال في مقابلة تلفزيونية إن جماعة حطاب لا تستهدف المدنيين، بل قوات الأمن، مما أثار استغراب بعض الأوساط في الحكم الجزائري. وكشفت وجود "دعوات" داخل بعض التنظيمات لحمل السلاح في حال اصدار الرئيس عفواً عن حطاب أو شيوخ "الإنقاذ" مثل الشيخين عباسي مدني وعلي بن حاج "بصفتهما المحرضين على حمل السلاح". وقالت: "لن نعطي الفرصة لأحد، ولن نسمح بحمل السلاح داخل المنظمة مهما كانت النتائج. لكننا سننتزع حقنا المشروع بالوسائل السلمية، خصوصاً ان الشعب كله تضرر من الارهاب، وعلينا حماية عائلات ضحاياه والتكفل اجتماعياً بها، وحل المشاكل الناجمة عن ذلك".