أعلن حزب العمال الكردستاني تخليه عن السلاح ووقف عملياته العسكرية نهائياً ضد الجيش التركي في جنوب شرقي الأناضول. وجاء ذلك في بيان صدر بعد اجتماع طارئ عقدته قيادته في شمال العراق واستغرق اسبوعين، وأعطى خلاله الجناح العسكري موافقة كاملة على تأييد قيادات الحزب التي اعلنت في حزيران يونيو الماضي دعمها لدعوة زعيم الحزب عبدالله اوجلان ترك السلاح وانهاء العمليات المسلحة والعمل على حل القضية الكردية عن طريق الحوار. وجاء في البيان ان الجناح العسكري "سيظل مخلصاً لزعيمه أوجلان وسينفذ تعليماته بالامتناع نهائياً عن القيام بأي عمل مسلح في تركيا، والعمل على المستوى الشعبي لدعم مسيرة الحزب في التحول الى حزب سياسي". وإذ اعتبر البيان خطوة أولى على التحول الى حزب سياسي، الا انه استدرك مذكراً بأن الجناح العسكري سيحتفظ لنفسه بحق الدفاع المشروع عن النفس". ونفى أحمد افشار، احد محامي أوجلان، ل"الحياة" ان تكون لدى عناصر الحزب نية تسليم انفسهم الى السلطات التركية، مذكراً بأن الحزب اشترط لذلك اصدار عفو عام عنهم. من جهة اخرى، تشكك انقرة في نيات الحزب وتذكر بأنه اعلن الهدنة وترك السلاح اكثر من مرة سابقاً. وكان مجلس الأمن القومي التركي اطلع بداية الشهر الجاري على تقرير اعدته المخابرات عن محاولات الحزب الكردستاني للتحول الى حزب سياسي، وحذّر التقرير الحكومة من الدخول مع الحزب في أي شكل من اشكال الحوار، اذ اتهم الحزب بالعمل على كسب الوقت لإعادة ترتيب صفوفه والتسلح للعودة مستقبلاً الى القتال. وأشار التقرير الى وجود أربعة آلاف مقاتل يقفون على أهبة الاستعداد في شمال العراق. وأكد انه "لا يمكن الوثوق بأوجلان طالما لم يسلّم هؤلاء انفسهم". وفيما اتهم التقرير ايران وروسيا واليونان بالعمل على تسليح الحزب فإنه خلا وللمرة الأولى من ذكر سورية في مثل هذه التقارير الأمنية عن حزب أوجلان. لكن بيان الحزب بعد مؤتمره تضمن تغييرات شاملة في استراتيجيته السياسية والعسكرية المعلنة، تمهيداً لانتقاله من الكفاح المسلح الى العمل السياسي، وللمساهمة في الحياة السياسية في تركيا كما يقرها القانون. وجاءت هذه التغييرات في اعقاب مؤتمره الاستثنائي السابع الذي عقد في احدى المناطق الجبلية من كردستان بين 2 و20 كانون الثاني يناير الماضي. وقال مصدر مسؤول في الحزب ل"الحياة" ان حزب العمال "يريد للجروح التاريخية التي تسببت بها السياسات السابقة لكل الاطراف ان تندمل". وأكد ما جاء في البيان موضحاً ان مؤتمر الحزب، الذي حضره 400 مندوب، أقر تحويل آلته العسكرية الى جهاز للدفاع الذاتي، "لأن مرحلة الكفاح المسلح، كتكتيك اساسي، انتهت وأدت وظيفتها المنشودة بنجاح". وربط المؤتمرون وجود الجناح العسكري برمته بتطور العملية السلمية مع الحكومة التركية. وكان بعض الجماعات والكتل داخل الحزب رفض السياسة السلمية وتمسك بالعمل العسكري الا ان القرار الأخير يظهر ان الغالبية الساحقة من قيادات الحزب وافقت على مبادرة السلام، باستثناء جماعات مسلحة انشقت وتعمل من داخل تركيا. وتبنى المؤتمر استراتيجية سياسية جديدة هي "استراتيجية الانتقال نحو الديموقراطية". وفي هذا السياق اعلن المؤتمر قراره حل "الجبهة الوطنية لتحرير كردستان"، معتبراً ان الظروف السياسية الراهنة "تجاوزت" هذه الصيغة. وتبنى بديلاً منها نهج "الكفاح السياسي بالوسائل الشرعية وبالتعاون مع كل الأحزاب الراغبة". واعترف المؤتمر بحصول خروقات وأخطاء "في حالات محدودة ومعزولة" في تنفيذ السياسات السابقة. وأقرّ في عملية نقد ذاتي ان الحزب ابتعد في فترات سابقة، عن جماهيره وعن تركيا. وتحدثت المصادر عن خلافات بين اهم قياديين في الحزب بعد زعيمه وهما جميل باييك وعثمان أوجلان، شقيق آبو، بسبب تصريحاته الاشكالية التي هاجم فيها جلال الطالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو ما تسبب بردود عنيفة من جانب الطالباني. لكن التوتر في العلاقات خف في الآونة الاخيرة، ويعتقد ان القيادات المختلفة لحزب العمال لم تكن تؤيد مهاجمة حزب الطالباني الذي يرتبط بعلاقات تعاون طويلة مع حزب العمال.