استعد مجلس الأمن أمس الثلثاء لتمديد برنامج "النفط للغذاء" في مرحلته التاسعة، بقرار "آلي"، على الأرجح، من دون إضافة أي اجراءات جديدة، بعدما امتصت بريطانيا المقترحات الفرنسية لتحسين البرنامج وعرضتها بصيغة مشروع قرار لم يلاقِ موافقة روسيا والصين وفرنسا وتونس وماليزيا ووجده العراق "خبيثاً". وانعقد مجلس الأمن صباح أمس في جلسة رسمية مغلقة للبحث في مشاريع قرارات لتمديد صيغة "النفط للغذاء" لمرحلة تاسعة بما يسمح للعراق بتصدير نفطه من دون سقف، شرط ايداع العائدات في حساب العراق الذي تديره الأممالمتحدة وتشرف عليه. وكان متوقعاً للمجلس أن يتبنى قرار التمديد قبل منتصف الليل، موعد انتهاء المرحلة الثامنة للشهور الستة الأخيرة. ولوحظ في الجلسة الصباحية أن مشروع القرار الفرنسي الذي انطوى على اجراءات تحسين البرنامج بصورة جذرية "اختفى" وحل مكانه مشروع القرار البريطاني، الذي أخذ ببعض الأفكار الفرنسية وصقلها بما يوافق المواقف البريطانية والأميركية. وانتقدت أوساط عربية الأداء الفرنسي الذي "يبدأ بزخم وقوة وينتهي بالتراجع والرضوخ"، فيما اعتبرت النمط البريطاني في التعامل مع الملف العراقي "مغرضاً، هدفه تسجيل أهداف سياسية ضد العراق". وقالت مصادر مطلعة على التفكير العراقي "إن العراق يفضل تحسين البرنامج، أما إذا كان الثمن سياسياً، فإنه يفضل التمديد الآلي لبرنامج النفط للغذاء لستة أشهر، كما جرت العادة، من دون آليات جديدة". وتضمن مشروع القرار البريطاني فقرة استندت إلى "العنصر النقدي" الذي طرحته فرنسا في مشروع قرارها بهدف التجاوب نسبياً مع طلب العراق تخصيص الأموال لتغطية نفقات الانتاج النفطي. وحسب الصيغة التي وردت في المشروع الفرنسي، يتم تخصيص مبلغ 600 مليون يورو، عبر حساب العراق الذي تديره الأممالمتحدة، لأهداف تسديد كلفة الانتاج النفطي. أما في الصيغة التي وردت في المشروع البريطاني فيُعطى الأمين العام صلاحية وضع الترتيبات، رهن موافقة مجلس الأمن، بما فيها السماح باستخدام مبلغ 600 مليون يورو لأهداف عدة ذات علاقة بالصناعة النفطية من قطع الغيار إلى التدريب والصيانة. وحذف المشروع البريطاني الفكرة الفرنسية الداعية إلى تخصيص مبلغ 15 مليون دولار لتسديد التزامات العراق للأمم المتحدة، كي يمارس حقوقه كعضو فيها. وقالت المصادر البريطانية "إن هذا ليس الوقت الملائم لخطوة كهذه". وشددت المصادر على أنها أخذت بكثير من العناصر في المشروع الفرنسي ورفضت الاتهامات بالتحامل على العراق. لكن المصادر العراقية وصفت الأهداف البريطانيا بأنها رد فعل سيئ على الانفتاح تجاه العراق، وقالت: "هدف بريطانيا تخريب البرنامج عبر وضع العراق في موقف لرفضه". وأشارت الى النقاط "المغرضة" وتلك "غير الصحيحة فنياً"، فقالت إن من الاهداف الاساسية "الانتقاص من دور الحكومة العراقية داخل العراق"، وكذلك قطع الطريق على تصدير النفط العراقي عبر سورية. واعتبرت المصادر العراقية ان توسيع صلاحيات الامين العام وتقويض صلاحيات الحكومة العراقية "خروج عن الترتيبات الواردة في مذكرة التفاهم" على تنفيذ القرار 986 التي اطلقت "برنامج النفط للغذاء"، واكدت رفض العراق لهما قطعاً. وفيما استمر التفاوض في مجلس الأمن على مشروع القرار الذي يمدد البرنامج للمرحلة التاسعة، استمرت المفاوضات بين المشرفين النفطيين التابعين لبرنامج الاممالمتحدة في العراق وبين "شركة تسويق النفط العراقية" بهدف الاتفاق على تسعيرة للنفط تسمح باستئناف تصدير العراق نفطه.