بغداد - "الحياة"، ا ف ب - اعلن وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف أمس ان العراق "لن يتعامل مع قرار" الاممالمتحدة الجديد الذي يمدد لفترة 15 يوماً برنامج "النفط للغذاء". واعتبر ان "هذا القرار لا معنى له اطلاقا من الجانب العملي" مشددا على انه "لا يمكن عمل اي شيء في مدة اسبوعين، لذلك لن يتعامل العراق مع هذا القرار". وأضاف أن المغزى الوحيد لهذا القرار "الذي فبركته أميركا" هو "تضليل أعضاء المجلس الآخرين والضغط عليهم ليقبلوا بالمشروع البريطاني سيئ الصيت" بشأن إعادة نظام التفتيش على الاسلحة العراقية المحظورة. ولم يوضح الوزير ما اذا كان العراق سيعلق صادراته النفطية مع انتهاء مدة المرحلة الحالية من البرنامج منتصف ليل أمس، واكتفى بالقول ان "العراق اكمل تصدير كميات النفط المطلوبة لتوفير مبلغ سبعة بلايين ومئتين وخمسين مليون دولار لتغطية تكاليف خطة التوزيع للمرحلة السادسة لبرنامج النفط للغذاء" مما يلمح الى امكان ان تقرر بغداد عدم مواصلة مبيعاتها من النفط الخام. واقر مجلس الامن الجمعة الماضي القرار 1275 الذي اقترحته الولاياتالمتحدة ويمدد برنامج "النفط للغذاء" 15 يوماً حتى الرابع من كانون الاول ديسمبر المقبل بدلاً من ستة اشهر. وفسر ديبلوماسيون في الاممالمتحدة اعتماد القرار 1275 على انه تكثيف للضغوط الاميركية والبريطانية على روسيا وفرنسا للتوصل سريعا الى قرار يسمح بعودة خبراء نزع الاسلحة الى العراق في مقابل تعليق الحظر كما ينص على ذلك المشروع البريطاني. وبعد يوم واحد من التصويت بالاجماع في مجلس الأمن على تمديد قرار "النفط للغذاء" لمدة خمسة عشرة يوماً، خلافاً لقاعدة التجديد لمدة ستة أشهر، بدت العاصمة العراقية متحفظة، وعادت ردود الفعل الأولية التي عكسها قرار التمديد لتخف حدتها أمس باعتبار ما أكده ديبلوماسيون روس يزورون العاصمة العراقية حالياً، من أن تمديداً لمدة قصيرة يتزامن مع التاريخ المحدد للاعلان عن صيغة تعامل جديدة للتفتيش عن الأسلحة العراقية، مقابل رفع العقوبات أو تجميدها، يمكن أن يكون لمصلحة الشعب العراقي. وشاركت وسائل الإعلام العراقية في تخفيف حدة التوتر مكتفية بنشر نص الخبر، بانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات الحالية في مجلس الأمن. وحدها جريدة "بابل" العراقية التي يعتبرها العراقيون في ظروف كهذه "صاحبة مفاتيح الأسرار"، قاربت الموضوع، خبراً وتحليلاً، ولكن مع الكثير من التحظ. فبينما ادرجت بحيادية خبر تجديد مجلس الأمن اتفاق "النفط للغذاء" لمدة 15 يوماً، بهدف التوصل الى اتفاق شامل بشأن العراق قبل الرابع من كانون الأول ديسمبر المقبل، واصلت في افتتاحيتها هجومها على ما سمته "التعنت الهمجي الأميركي" و"شعور الأميركيين بالاحباط والفشل لعدم تحقيق جزء يسير مما كانوا يخططون له ضد السيادة العراقية". وأشارت الصحيفة الى "تحول نسبي في الموقف البريطاني الذي بدا وكأنه أقرب الى وجهات نظر روسيا وفرنسا والصين". وأكد مصدر مطلع في العاصمة العراقية ل"الحياة" ان رفعاً غير مشروط للحظر وعلى النحو الذي يطالب به العراق، مسألة مستحيلة. وتابع ان الفقرة 22 من القرار 687 لم توضع ليطبقها العراق في ظل قيادته الحالية، بل في ظل قيادة جديدة لم تفلح الولاياتالمتحدة في ايصالها الى الحكم. وأضاف ان القيادة العراقية، اعلنت رسمياً وكررت رفضها لأي رفع للعقوبات مشروط بعودة المراقبة ولجان تفتيش. فما الذي يحدث الآن، وما الذي سيحدث اذا لم يتوصل أعضاء مجلس الأمن الى الاجماع المطلوب؟ وفي رده عن السؤال الذي طرحه اجاب المصدر امطلع، ان ما قد يحدث هو عبارة عن أحد الاحتمالات التالية: 1- تجديد "النفط للغذاء" على الأسس السابقة لهذا التجديد. 2- الاجماع على صيغة جديدة يرفضها العراق، وفي هذه الحال ستكون هناك مواجهة أميركية - عراقية حتمية في ظروف سياسية ملائمة للاميركيين. 3- الاجماع على صيغة جديدة يقبل بها العراق على أساس "مكره أخاك لا بطل".