تصاعد التوتر في جمهورية الجبل الأسود، بين دعاة الاستقلال ومعارضيه. وهدد احد الاطراف الرئيسية في الائتلاف الحكومي بالانسحاب منه واسقاطه، فيما اتهمت بلغراد رئيس الجمهورية ميلو جوكانوفيتش بجرّ بلاده الى دمار الحرب الاهلية. هدد "الحزب الشعبي" في الجبل الأسود بانهاء مشاركته في حكومة الجمهورية والتصويت ضدها في البرلمان واسقاطها، "اذا استمرت في تأييد النهج الانفصالي عن الاتحاد اليوغوسلافي، الذي يصرّ عليه رئيس الجمهورية ميلو جوكانوفيتش". وقال نائب رئيس "الحزب الشعبي" بريدراغ بوبوفيتش لتلفزيون الجبل الأسود امس: "سنطلب في أول اجتماع للحكومة تثبيت برنامج واضح لموقفها من الاتحاد اليوغوسلافي، وإجراء مفاوضات في اطاره مع حكومة بلغراد، وانهاء تبني المواقف التي يمليها الطرف الانفصالي فيها، وتهميش آراء الاطراف الاخرى". ودان بوبوفيتش انحياز وسائل الاعلام الحكومية في الجبل الأسود الى جانب الانفصاليين، وقال: "ينبغي تغيير الطاقم القيادي لهذه الوسائل المؤثرة جماهيرياً الذي تمادى في دعواته الى تخريب الاتحاد مع صربيا". ومعلوم ان "الحزب الشعبي" كان دخل في ائتلاف تحت شعار "من اجل حياة أفضل" مع "حزب الاشتراكيين الديموقراطيين" بزعامة جوكانوفيتش، في الانتخابات البرلمانية التي اجريت قبل ثلاث سنوات. كما أيّد الحزب جوكانوفيتش الذي فاز على منافسه الرئيس السابق مومير بولاتوفيتش بفارق حوالى خمسة آلاف صوت في انتخابات الرئاسة، وذلك في اطار مقاومة ما سمي آنذاك بمحاولات ميلوشيفيتش الهيمنة على الجبل الأسود. لكن "الحزب الشعبي" غيّر موقفه بعد التحولات الديموقراطية في صربيا في اتجاه الحفاظ على سلامة الاتحاد اليوغوسلافي، ولذا فان انسحابه من الحكومة سيؤدي الى فراغ سياسي يفرض اجراء انتخابات برلمانية مبكرة، يتوقع المراقبون تراجع التأييد للانفصاليين خلالها. ويذكر ان حزباً رئيسياً آخر في الجبل الأسود هو "الاشتراكي الشعبي" الذي ينتمي اليه رئيس الحكومة اليوغوسلافية زوران جيجيش يعارض الانفصال، الذي يطالب به انصار جوكانوفيتش، وتدعمه الاقليات العرقية الألبانية والبوشناقية والكرواتية التي تشكل 35 في المئة من سكان هذه الجمهورية البالغ عددهم حوالى 600 ألف نسمة. ويدور موقف الانفصاليين الحالي في اطار وجود دولتين، صربيا والجبل الأسود، متكافئتين في المجالات الدولية، بما في ذلك توافر عضوية لكل منهما في الأممالمتحدة، وتدخلان في اتحاد كونفيديرالي يقتصر على الأمور المالية والدفاعية العسكرية والسياسية الخارجية. وكان الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا حذر جوكانوفيتش خلال لقائهما في بلغراد الثلثاء الماضي، من مغبة الاستمرار في المساعي الانفصالية "التي يمكن ان تقود الى حرب اهلية في الجبل الأسود وإثارة موجة جديدة من الصراعات في البلقان". وأبلغ كوشتونيتسا الصحافيين بعد هذا الاجتماع، بأنه بعد ثلاثة أشهر من التحولات الديموقراطية في صربيا "ظهر ان الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش لم يكن المذنب في مشكلة الجبل الأسود، وإنما ذريعة اتخذها الآخرون من اجل تمرير اهدافهم الانفصالية غير الشرعية". وقال: "قدمنا لهم للقادة الانفصاليين كل ما هو ممكن ضمن اطار الدستور، لكنهم رفضوا كل ذلك، ما أكد انهم يضعون الحواجز امام كل سبل التفاهم معهم". وأضاف "لقد ذهب ميلوشيفيتش، ونحن أكدنا لهم قبولنا بكل ما كانوا يعتبرونه مظالم في عهده، لكنهم يصرّون على انتهاك الدستور". وكان كوشتونيتسا اصدر قراراً بإقالة كل من قائد الفيلق الثاني المرابط في الجمهورية الجنرال ميلان أوبرادوفيتش وقائد البحرية الاميرال ميلان زيتس اللذين أبلغ الرئيس جوكانوفيتش مجلس الدفاع اليوغوسلافي الأعلى بأنهما غير مرغوب بهما، لكن ذلك، كما قال كوشتونيتسا، "لم يقابل بمؤشرات ايجابية".