فرضت حكومة بلغراد حصاراً اقتصادياً شاملاً على جمهورية الجبل الأسود التي تشكل مع صربيا الاتحاد اليوغوسلافي، ووصف المسؤولون في بودغوريتسا عاصمة الجبل الأسود هذه الاجراءات بأنها دفعت العلاقة بين الجمهوريتين إلى مرحلة الخطر. وجاء ذلك في وقت التقت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت في واشنطن رئيس الجبل الأسود ميلو جوكانوفيتش ووعدته بأن واشنطن "تبحث عن سبل لتقديم العون الاقتصادي إلى الجبل الأسود، من دون أن تصل مساعداتها إلى بلغراد". وأعلنت عن تقديم قرض أميركي إلى الجبل الأسود مقداره 55 مليون دولار، وأوضحت ان للولايات المتحدة "مصلحة مهمة في ترسيخ الديموقراطية واستتباب الأمن في الجبل الأسود". وأضافت "ان واشنطن تعتقد بأن على هذه الجمهورية أن تبقى داخل إطار يوغوسلافيا". ومن جانبه، قال الرئيس جوكانوفيتش إن بلاده لا تتطلع إلى الانفصال عن الاتحاد اليوغوسلافي "بل إلى إعادة تحديد العلاقات داخل الاتحاد". وأشار إلى أنه في حال وضع عوائق أمام الحفاظ على سلامة اقتصاد الجبل الأسود ووقايته من تأثير الأوضاع الصعبة الراهنة في صربيا، "فإن ضغط الشعب سيزداد باتجاه الحصول على الاستقلال عن يوغوسلافيا". وأوضح ان قرار حكومته استخدام المارك الألماني عملة للتداول "جاء من أجل حماية مصالح الجبل الأسود الاقتصادية وليس تمهيداً للانفصال". وتعهد جوكانوفيتش لوزيرة الخارجية الأميركية بالتعاون مع محكمة الجزاء الدولية في لاهاي الذي وصفه بأنه "التقيد بالتزام دولي في شأنة مثول المتهمين بارتكاب جرائم حرب أمام العدالة". واعتبر الناطق باسم الخارجية الأميركية جيمس روبن هذا التعهد بأنه "دليل على عزم الرئيس جوكانوفيتش على القبض على المتهمين إذا وجدوا في أراضي الجبل الأسود". واللافت أنه في وقت صدور هذه التصريحات، اجتمع رئيس وزراء الجبل الأسود فيليب فويانوفيتش في مقره في بودغوريتسا مع رئيس أركان الجيش اليوغوسلافي الجنرال دراغوليوب أويدانتيش المطلوب من محكمة لاهاي كأحد المتهمين الصرب الخمسة مع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش بارتكاب جرائم حرب في كوسوفو. وفسر مراقبون توجه الجنرال أويدانيتش نحو مقر حكومة الجبل الأسود بأنه "تحد من بلغراد لتصريحات جوكانوفيتش في واشنطن". صربيا وردت صربيا على تداول المارك في الجبل الأسود بقرار اتخذه البنك المركزي اليوغوسلافي في بلغراد بوقف التبادل النقدي بين صربيا والجبل الأسود ووقف عمل البنوك اليوغوسلافية في الجبل الأسود. ويؤدي هذا القرار إلى منع انتقال السلع من صربيا وفرض الحصار لأن جمهورية الجبل الأسود تعتمد في حاجاتها الأساسية، خصوصاً الطاقة الكهربائية والمواد الغذائية على صربيا، بسبب عدم وجود محطات لتوليد الكهرباء في الجبل الأسود ومحدودية الأراضي الزراعية فيها. ووصف نائب رئيس حكومة صربيا فوسلاف شيشيلي قرار حكومة الجبل الأسود استخدام المارك بأنه "توجه خطير للنظام الانفصالي في الجبل الأسود". وأشار إلى ان الحزب الراديكالي الذي يتزعمه والمشارك في الحكومة "يعمل لمنع انفصال الجبل الأسود عن يوغوسلافيا بالوسائل الدستورية التي يشكل الجيش والشرطة أداتها القانونية". وأضاف ان الولاياتالمتحدة لم تعلن حتى الآن عن تأييدها انفصال الجبل الأسود "لأنها تسعى إلى استخدام نظام جوكانوفيتش لإطاحة السلطة الشرعية في بلغراد". الجبل الأسود وأفاد رئيس حكومة الجبل الأسود فيليب فويانوفيتش ان اجراءات صربيا "خطيرة جداً" وأشار إلى ان حكومته "ستعمل على ايجاد أسواق بديلة لتخفيف اعتمادها على صربيا". وأوضح ان القرار الذي اتخذته بلغراد بفرض الحصار على الجبل الأسود "سيضر أيضاً بالاقتصاد الصربي". وأعلن المجلس النقدي في الجبل الأسود التابع للحكومة انه اتخذ الاجراءات الاقتصادية المناسبة "بما يحفظ مصلحة المواطنين في الجمهورية من الاجراءات المتهورة التي اتخذتها صربيا".