يبدو ان قيادة "حزب الله" غير مستعجلة للتوصل مع اسرائيل، من خلال الحكومة الألمانية، الى اتفاق لاتمام عملية تبادل الأسرى ما لم تسلم تل ابيب بشروط طرحها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي يتولى شخصياً الاشراف على مفاوضات بدأتها بون قبل نحو شهر. علمت "الحياة" ان البعثة الأمنية - السياسية الألمانية التي كانت تنقلت بين بيروت وتل أبيب في محاولة لتحضير الاجواء امام قيام الحكومة الألمانية بوساطة بين "حزب الله" واسرائيل تقضي باطلاق الاول الجنود الاسرى الثلاثة والضابط الاحتياط في الجيش الاسرائيلي الذي استدرج الى بيروت في عملية امنية نوعية، في مقابل تسليم اسرائىل بشروطه، موجودة الآن في بون، وتنتظر اجوبة رئىس وزراء اسرائيل ايهود باراك. واستناداً الى المعلومات فإن بعض افراد البعثة الألمانية غادر بيروت الى بون، في وقت انتقل البعض الآخر منها الى تل أبيب للوقوف على رأي اسرائىل في الشروط التي طرحها السيد نصرالله، والتي ترفض، في المطلق، حصر عملية التبادل بالافراج عن المعتقلين اللبنانيين في سجونها. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية مراقبة للتحرك الألماني إن باراك لم يعط ردوداً قاطعة على الشروط التي حددها السيد نصرالله، وطلب من افراد البعثة الألمانية امهاله بعض الوقت، ريثما يتمكن من درس الشروط والاجابة عنها، خصوصاً ان الحزب يصر على ان تشمل عملية التبادل اسرى غير لبنانيين، إضافة الى معرفة مصير المفقودين اثناء الاجتياح الاسرائىلي للبنان في حزيران يونيو 1982، في اشارة صريحة الى اختفاء الديبلوماسيين الايرانيين العاملين في السفارة الايرانية في بيروت. ولفتت المصادر الى ان ما يعيق مبادرة اسرائيل الاجابة عن شروط الحزب، استمرار تباين داخل الاجهزة الامنية والعسكرية الاسرائىلية، فرضه تقديم موعد اجراء الانتخابات العامة في اسرائيل، وقد انعكس صراعاً بين هذه الاجهزة في شأن المستفيد من اتمام عملية التبادل، في ظل احتدام المنافسة بين باراك ومنافسه رئىس تكتل "ليكود" ارييل شارون، إضافة الى ان رئىس وزراء اسرائىل المستقيل يفضل التريث بعض الوقت لمعرفة مدى امكان التوصل الى اتفاق مع الرئىس الفلسطيني ياسر عرفات، في ضوء ما تشيعه الادارة الاميركية عن ان الرئىس الاميركي بيل كلينتون، عازم انجازه قبل انتهاء ولايته في 20 كانون الثاني يناير المقبل، وان خلفه جورج بوش الابن يدعم جهوده على هذا الصعيد. واذ اشارت المصادر الى جدية الوساطة الألمانية، قالت إن باراك ينظر اليها من زاوية مدى تأثيرها، سلباً أم ايجاباً، في سير المعركة الانتخابية ورد فعل الرأي العام الاسرائيلي في حال تمت قبيل موعد اجراء الانتخابات. ورأت ان باراك يتخوف من قدرة منافسه شارون على استغلال اي اتفاق في شأن تبادل الاسرى، وانه يزن كل خطواته على هذا الصعيد، تحسباً لرفض الرأي العام هضم صفقة مباشرة مع الحزب، تشكل له انتصاراً جديداً على اسرائىل بعد انتصاره الاول في معركة تحرير الجنوب وتصوير الاعلام الاسرائىلي لانسحاب الجيش الاسرائيلي على انه انتصار مباشر للحزب. ولم تستبعد المصادر الديبلوماسية تعليق الوساطة الألمانية، بعض الوقت، بسبب الحرج الداخلي الذي يواجهه باراك الآن، والذي يرى ان التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين يمكن ان يكسبه الرأي العام الاسرائىلي، خلافاً للدخول في صفقة مع الحزب يمكن ان تلحق به الضرر الانتخابي، مشيرة الى ان السيد نصرالله يتحكم، في الوقت الحاضر، بمقاليد عملية التفاوض، ومؤكدة ان عامل الوقت سيكون في مصلحته ما دام الاسرى اللبنانيون يدعمون موقفه من جهة، ويطالبون انطلاقاً من الرسائل التي بعثوا بها اليه، بأن تشمل عملية التبادل اسرى من غير اللبنانيين. وأوضحت المصادر ان تلقي الحكومة الألمانية الضوء الأخضر من اسرائىل والحزب للبدء بوساطتها، لن يغلق الباب امام امكان دخول اطراف اوروبيين على خط الوساطة، وفي مقدمها الحكومة الفرنسية، لما للرئىس الفرنسي جاك شيراك من صدقية لدى الحزب ومن خلاله الاطراف المعنيين بعملية التبادل، والداعمين لها.